الأخبار
- حقوق وحريات
الصحفيون المختطفون.. من التعذيب المروّع في سجون "الحوثي" الى المصير المجهول خارج البلاد
العاصمة أونلاين/ متابعة خاصة
الأحد, 30 مايو, 2021 - 08:07 مساءً
تناولت موقع هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي نيوز عربي في تقرير موسع قضية الصحفيين اليمنيين المختطفين في سجون مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من ايران، مستنداً لشهادات أربعة من المفرج عنهم، في سياق تفاعلات دولية واسعة مع القضية التي تختزل وضع الصحافة والصحفيين في اليمن منذ انقلاب مليشيات الحوثي نهاية العام 2014م.
وفي السياق، التقت بي بي سي عربي في القاهرة بأربعة من الصحفيين وهم هشام اليوسفي وهيثم الشهاب وهشام طرموم وعصام بلغيث، والذين تحدثوا عن ملابسات اختطافهم وواقع الصحافة اليوم في اليمن ومصير زملائهم الأربعة الآخرين الذين ما زالوا في السجن والمحكوم عليهم بالإعدام من قبل محكمة حوثية تفتقد للمشروعية والعدالة.
استهل التقرير بالإشارة الى الصحفي هشام طرموم الذي يخرج كل صباح قاصدا إحدى المستشفيات القريبة من سكنه بالعاصمة المصرية القاهرة، طلبا للعلاج من آلام في الرقبة الناتج عن التعذيب والاختطاف في سجون مليشيات الحوثي بصنعاء، والذي غادر اليمن مع خمسة من زملائه الصحفيين، بعد خمس سنوات ونصف من الاختطاف التعسفي في سجون مليشيات الحوثي.
ويقول هيثم الشهاب: "كنا نغطي الأوضاع في اليمن بعد أن غادر معظم الصحفيين خوفا من بطش مليشيا الحوثي الذين استولوا على العاصمة في سبتمبر/ أيلول 2014. لكن في السادس والعشرين من مارس/آذار 2015، بدأت مطاردات الإعلاميين والصحفيين من قِبل المليشيات بشكل عنيف مع بدء قوات التحالف الذي تقودها السعودية في قصف العاصمة".
ويضيف الشهاب أنه بسبب انقطاع خدمة الإنترنت والكهرباء جرّاء القصف، لجأ هو وزملاؤه التسعة إلى أحد فنادق العاصمة صنعاء للعمل حتى ألقي القبض عليهم، موضحاً إن اختطافه وزملائه رغبة من مليشيات الحوثي في "التعتيم على ما يجري في العاصمة بعد السيطرة عليها".
ويسترسل التقرير في سرد معاناة الاختطاف والتعذيب لأكثر من خمسة أعوام، مروراً بالمحاكمات الهزلية للصحفيين العشرة وتوجيه اتهامات تشمل "نشر أخبار مغرضة" وهي تمس عملهم الصحفي، ولاحقاً جرى الإفراج عن 6 صحفيين بينما واصلت المليشيات اختطاف الاربعة الآخرين وأصدرت بحقهم أحكام بالإعدام، وهم: عبد الخالق عمران وأكرم الوليدي وحارث حميد وتوفيق المنصوري يواجهون مصيرا مجهولا.
داخل السجن
الصحفي عصام بلغيث الذي يتلقى الدعم النفسي والرعاية الطبية في القاهرة، وأشار إلى أنه ورفاقه خلال فترة سجنهم تنقلوا بين ستة سجون كان أسوأها، على حد قولهم، سجن الأمن السياسي أو ما يعرف الآن بجهاز الأمن والمخابرات.
ويقول بلغيث "لاقينا سوء المعاملة في تلك السجون جميعها وتعرضنا للتعذيب والحرمان من الطعام والإيهام بالتصفية الجسدية".
ويضيف بلغيث "كان الهدف من القبض علينا ومحاكمتنا إرسال رسالة تهديد لقمع الصحفيين ومنعهم من تأدية واجبهم. سمعنا أنه كانت هناك لائحة مطلوبين أمنيا لدى الحوثيين تضم نحو مئة صحفي، فرّ معظمهم إلى خارج البلاد".
وكانت لجنة حماية الصحفيين قد أعربت عن قلقها في مارس/آذار 2015، بشأن سلامة الصحفيين اليمنيين وسط تصاعد العنف في البلاد، وذكرت اللجنة حينها أن مليشيات الحوثي " داهمت نوافذ إعلامية واحتجزت صحفيين وحجبت مواقع إخبارية".
ويحكي بلغيث "أضربنا عن الطعام لمدة 43 يوما احتجاجا على احتجازنا وكنا على مشارف الموت ولكن ذلك لم يثنهم عن الاستمرار في حبسنا، بل ونقلونا إلى زنازين انفرادية عقابا لنا على الإضراب عن الطعام".
"أخطر من الخونة والمرتزقة"
من جانبه، يشير هشام اليوسفي إلى جو التحريض الذي كان سائدا في تلك الفترة والذي أدى إلى اختطافهم، قائلا "في خطابه الشهير الذي ألقاه في سبتمبر/أيلول 2015، قال زعيم مليشيات الحوثي عبد الملك الحوثي إن من فئة الإعلاميين من هم أكثر خطرا على هذا البلد من الخونة والمرتزقة الأمنيين المقاتلين".
ويضيف زميله بلغيث: "كنا دائما نتلقى التهديدات داخل السجن، كان الحوثيون يقولون لنا إننا سنلقي مصير عبد الله قابل والعيزري".
وكانت منظمة "مراسلون بلا حدود" قد حمّلت مليشيات الحوثي المسؤولية عن مقتل الصحفيَين عبد الله قابل مراسل قناة شباب اليمن وقناة بلقيس، ويوسف العيزري مراسل قناة سهيل، بعد أن احتجزتهما في مخزن للسلاح الذي تعرّض بدوره للقصف من قبل قوات التحالف العربي في منطقة ذمار جنوبيّ البلاد في عام 2015.
صفقة الخروج
بالرغم من تبرئتهم من قِبل المحكمة الجزائية الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي في صنعاء في أبريل/نيسان 2020، لم يخرج الصحفيون الستة إلا في أكتوبر/تشرين الأول من العام ذاته ضمن صفقة بين الحكومة الشرعية ومليشيات الحوثي، تحت رعاية اللجنة الدولية للصليب الأحمر والأمم المتحدة، شملت تبادل ما يزيد على ألف أسير ومختطف.
ويقول الصحفيون الأربعة إنهم نُقلوا جوا إلى مطار سيئون في حضرموت ضمن الصفقة، كما يؤكدون أنهم اضطروا إلى التوقيع على أوراق رسمية بعدم ممارسة العمل الصحفي مرة أخرى للإفراج عنهم.
مناشدات للإفراج عن زملائهم
وناشد الصحفيون المفرج عنهم الأمم المتحدة بالتدخل من أجل الإفراج عن زملائهم الأربعة، وفي رسالة وجهها الصحفيون إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومبعوثه الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث، قالوا "نكتب إليكم هذه الرسالة ونحن نتردد كل يوم على المستشفيات والعيادات الطبية في مصر للعلاج مما لحق بنا في فترة الاختطاف، في الوقت الذي يواصل الحوثيون اختطاف ومحاكمة أربعة من زملائنا الصحفيين".
وأشار الصحفيون إلى أن الحالة الصحية لزملائهم متدهورة بسبب ما أسموه "التعذيب الذي ما زالوا يتعرضون له في ظل إهمال متعمّد للرعاية الصحية من قبل مليشيات الحوثي".
من جانبه، حذّر هشام طرموم من أن حارث حميد على وشك أن يفقد بصره في محبسه بعد أن مُنعت عنه نظارته الطبية، وفقا لما ذكره.
ويؤكد الصحفيون الأربعة أن مصيرهم أصبح مجهولا، حيث أنهم لا يستطيعون العودة إلى بلادهم الأم "خوفا من القتل" على يد مليشيات الحوثي، ولا يحبذون في الوقت ذاته الاستقرار في مصر حيث لا وظائف ولا رواتب، ويعتبون على الحكومة اليمنية تقصيرها في حقهم وحق ذويهم الذين خلفوهم وراءهم في اليمن.
وفي ظل تلك الظروف الصعبة، يدرس الصحفيون فكرة اللجوء السياسي إلى إحدى الدول الأوروبية بعد أن تقطعت بهم السبل في القاهرة.