الزريقي.. شموخ حتى الرصاصة الأخيرة
الاربعاء, 24 مارس, 2021 - 10:14 مساءً
منذ أول لحظةٍ لقراءتي خبر استشهاده بدوتُ شاردًا، لم أُصـدّق ما أقرأه.. يا الله .. ما هذا الخبر المؤلم!! هرعت فورًا إلى صفحة أخي وصديقي عمار زعبل، فإذا بالخبر يصعقني فعلا.
رأيت صورة الشهيد القائد تتزين غلاف صفحتي عمار في الفيس بوك، فأيقنت أن الخبر صحيح، والقائد قد رحل، لأني أعلم مسبقًا مكانة القائد الشهيد في قلب عنار ومدى احترامه له وقربه منه.. دخلت للماسنجر فورًا: الووو
ما هذا الخبر الفاجعة ؟
كيف؟
لا تقل صحيح.. رجااااءً..
لا أكاد أُصـدّق..
صحيحٌ أم كذبٌ هذا الخبر..؟
جاءني الردُّ مباشرة .. وليته لم يرد: صحيح.
حينها تيقّنتُ أن الفاجعة قد نزلت على محبي القائد، وأن قائدنا وقائد مقاومة الحجرية قد رحل إلى ربّه شهيدًا مجيدًا.. رجلٌ بحجم ومكانة القائد الشهيد عبده نعمان الزريقي خسارته فادحة وكبيرة، ولكن هكذا الرجال الشجعان.. توهب لهم الحياة، فتأتيهم الشهادة تختارهم وتصطفيهم..
فالشهيد العقيد عبده نعمان الزريقي حمل السلاح مبكرًا مقاومًا مليشيا الحوثي عن أرضه وكرامته ومدافعًا عن كل شبر في الحجرية، ووقف شامخًا لا يلين، صلبًا في مواجهة الحوثي ومليشياته.
كان رجل الإمداد الأول لتعز بالسـلاح دعمًا للمقاومة، متكفلا بحمايته وإيصاله إليهم في رحلة مضنيةٍ وشاقة غير آبه بكل المخاطر والصعاب.
قائد محارب ينفّذُ مهامه أيًا كانت على أكمل وجه، لا يتردد ولا يتوانى عن التنفيذ..
عرفته عن قرب وكان لي شرف اللقاء به في التربة بمعية الصديق العزيز عمار زعبل، ونحن نشتغل معًا في صحيفة (اليمن الاتحادية) التي رأس تحريرها الزميل عمار زعبل، وكان داعمًا ومشجعًا لنا، وأن الكلمة كالرصاصة لا تقل أهمية عنها في ميدان الحرب.
رجل بسيط.. متواضعٌ ذو سحنةٍ ريفية، ومن منطقة نائية في أطراف الحجرية بزغ نجمه قويًا حين داست أزلام الإمامة تراب الحجرية، فانتفض مدافعًا عنها كقائد شجاع صهرته المواقف والأحداث في بوتقة من الصمود والتحدي.. وكمحارب صلب استثنائي نحتته قلاع المقاطرة وصخور هيجة العبد وجبال الحجرية السامقة كابنائها.. شامخٌ كجبل منيف..صلـبٌ كقلعة المقاطرة.
تحطّمت على صخرة صموده وبسالته كل مؤامرات الفوضى ومشاريع تقزيم الحجرية وإدخالها في صراع مناطقي، فكم لاكته سيرته الألسن الرقطاء تشويهًا ونقدًا لاذعًا بالغ الإساءة، لكنه ظل قابضًا على جمر المقاومة ومقبض الجمهورية والدفاع عنها، غير منشغل بالمعارك الجانبية والمكايدات؛ لأن الهدف أسمى لديه، والعدو غاشم وظالم، فسخّـر كل وقته للجبهات مرابطًا فيها وقائدًا.
عبده نعمان الزريقي.. اسمٌ سيبقى عصيًا على النسيان.. محفورًا في ذاكرة الأجيال.. مقاومًا ومدافعًا عن الحجرية وتعز، وفيًا لمبادىء الثورة والجمهورية.
اسم تعرفه مليشيا الحوثي كثيرًا ومنذ أول طلقة لها في الحجرية، لأنه أذاقها الويل والثبور في جبهات الأحكوم وهيجة العبد وحيفان.
رحل حارس هيجد العبد.. ومؤمّن الإمداد الأول للمقاومة.. وحامي عرين الحجرية.. رحل باكرًا، لأن الكبار لا يرحلون إلا سريعًا.
لا أخفيكم أنني لم أبك أو أتأثر لأخبار رحيل الكبار إلا نادرًا.. كما في استشهاد القشيبي والشدادي، وشعلان، واليوم عبده نعمان الزريقي..
قائدٌ يعمل وينفذ أكثر من الكلام، لا يحبّ الشهرة والأضواء.. أستاذ قادم من دفتي الكتاب المدرسي إلى قيادة الجبهة ليشارك في معارك التحرير وقيادة الكتيبة الأولى في اللواء الرابع مشاة، لا يهمه إن عرفه الناس أو شكروه أو اغتابوه، طالما هدفه واضح وثابت مقارعة الحوثي والدفاع عن الكرامة، دايم القول: إذا رأيتم الحوثيين يهاجمون في أي جبهة أدعوني، وستكون رصاصتي أول رصاصة ستطلق عليهم.
نم قرير العين.. فالشهادة لا تليق إلا بالكبار أمثالكم.