×
آخر الأخبار
عمران.. العثور على جثة "مسلح حوثي" في "عبارة" تصريف مياه  وثيقة تكشف وفاة مريض بسبب تلف جهاز التخدير في أحد مستشفيات صنعاء صنعاء.. حريق "هائل" يلتهم مجمّعاً تجارياً في منطقة شملان صنعاء .. والد الطفلة جنات يواجه الإرهاب الحوثي ويتمسك بمطلب اعدام الجاني "نجاد" مليشيا الحوثي تضاعف عملية زراعة الألغام بمحافظة الحديدة حماس: لا صفقة تبادل دون وقف العدوان على غزة الارياني: مليشيا الحوثي حولت محافظة إب الى اقطاعية لعناصرها القادمين من صعدة​ وعمران​ رفض مجتمعي واسع لعملية تطييف مليشيا الحوثي المناهج الدراسية "تحالف حقوقي" يشدد على ضرورة حماية "الأطفال" من جميع أشكال العنف والانتهاكات "الأمريكي للعدالة" يدعو إلى حلول جذرية لمعاناة المعلمين في مناطق سيطرة الحوثيين
د. محمد جميح

السفير اليمني لدى اليونيسكو كاتب سياسي

من أغلق عليه بابه فهو آمن!

السبت, 27 نوفمبر, 2021 - 08:52 مساءً

قبل أقل من شهر كان الحوثيون يتحدثون عن إعطاء الأمان لقبائل مأرب والمدافعين عنها، كانوا ينتفخون حد الانفجار، ويتقمصون أخلاق النبي إزاء "الطلقاء"، وقبل عام قال محمد علي الحوثي لأهل مأرب : "من أغلق عليه بابه فهو آمن"، وبدؤوا يكتبون حروفاً غير مترابطة، أو كلمات متقاطعة تشبه كتابات الكهنة الأولين، ليوهموا القراء أن المعاني الكامنة عظيمة، وأنهم إنما يلمحون بشيء من المعنى الذي لا تتحمله عقول العوام، وهذه هي مدرسة ملالي طهران الذين يتعمدون الغموض لإيهام المخدوعين بأن لهم قدرات خارقة.
 
وخلال الفترة الماضية انخدع البعض بتقدم الكهنة في بعض مديريات مأرب، وظن أن الأمر انتهى، وذهب يتمسح بتراب أقدام عبدالملك، الذي لم يظهر في أي تجمع عام إلا نادراً، ناهيك عن أن يظهر في ميدان معركة على الرغم من أنه صدع الرؤوس بالتهديد والوعيد، وتحدث عن القدرة على ضرب الدول وما وراء الدول، وصولاً إلى إسرائيل وجزائر واق الواق.
 
ما علينا، خلال الأيام القليلة الماضية انطلق رجال الساحل الغربي جهة مناطق واسعة في الحديدة وتعز، وطردوا العصابات الكهنوتية من تلك المناطق، وبدا أن الحوثي الذي وعد الإيرانيين بتمر مأرب في رمضان الماضي بدأ يتقلب على فراش من جمر شرقاً وغرباً.
 
وهذه الأيام تعج المستشفيات في مناطق سيطرته بجثث لا حصر لها، وكثير منها مجهول الهوية، ناهيك عن الجرحى الذين عادوا من مأرب بطعم الدم لا التمر، لتقول وكالة الصحافة الفرنسية إن حوالي خمسة عشر ألفاً من المغرر بهم قتلوا خلال خمسة أشهر في مأرب، للأسف الشديد.
 
أثبتت معارك رجال العمالقة والمقاومة الوطنية والتهامية أن الحوثي بنى وهماً لأتباعه عن قوته التي لا تقهر، والتي تهاوت خلال أيام غرب البلاد، فيما هو يحاول السيطرة على مأرب شرقها.
 
ما حدث خلال الأيام الفائتة يثبت أننا في اليمن نحتاج إلى الكف عن الخلافات، ولن يدوم الحوثي طويلاً، نحتاج إلى إرادة سياسية قوية لدحر مليشيات الكهنوت وستندحر كما اندحر الكهان السابقون، نحتاج إلى عدم تسييس الحرب بتحريكها تارة وإيقافها تارة، لأهداف سياسية، وحينها سيعود الحوثي إلى حجمه الطبيعي الذي نعرفه عندما قبل بشروط استسلامه في الحرب السادسة، قبل أن ينقض شروط الاتفاق كالعادة.
 
سيحاول الحوثي استمرار التركيز على مأرب، معتقداً أن خسارته في الغرب معوضة إذا سيطر على مأرب في رمزيتها ونفطها وغازها وموقعها، ومع الوقت سيجد أنه يخسر شرقاً وغرباً، على أن تتوفر الإرادة السياسية والعقيدة العسكرية لدحر انقلابه.
 
بقي أن نشير إلى تلك الشخصيات الهلامية التي تصفق للحوثي إذا تقدم، وتعود للشرعية إذا ربحت، هؤلاء الشرعيون نهاراً والحوثيون ليلاً ليس لهم وزن ولا اعتبار.
 
الأصل أن نتخذ مواقفنا ليس على حسب تقدم هذا الطرف أو ذاك، ولكن حسب قناعاتنا المبدئية إزاء ما يطرح من أفكار وما يُقدَم من سياسات.
 
بالنسبة لي، عندي موقف لن يتغير من الحوثي تقدم أو تأخر، وهو موقف مبني على قناعة تامة بأن الحوثية فكرة طائفية كهنوتية سلالية، لن تبني دولة مؤسسات: طائفية لأن مؤسسها يجرّح رموز المسلمين الكبيرة، ويسخر من تاريخ صدر الإسلام، وهو الموقف الطائفي نفسه لمن هم على شاكلته، وكهنوتية لأن الحوثيين يكذبون أن الله أمر بتولي عبدالملك الحوثي، وهي دعوى لم يجرؤ على التلفظ بها علي بن أبي طالب نفسه، وسلالية، لأنهم يؤمنون بأنهم سلالة مصطفاة لأسباب جينية، ولن يبنوا دولة، لأنهم جباة لا بناة. ولذلك لن نلتقي معهم تقدموا أو تأخروا، نجحوا أم خسروا، فإذا تقدموا لن نصفق لهم، وإذا تأخروا لن يفاجئنا ذلك.
 
أما هواة جِلد الحرباء، فهؤلاء هم الذين مروا في الفترة بين عامي 1962 و 1968 ولم يذكرهم التاريخ بشيء، غير أن التاريخ لا يزال يذكر – ولن ينسى – الزبيري والقردعي والعواضي والنعمان وعبدالمغني والعمري وجزيلان، وقبلهم العلفي والهندوانة واللقية، وكوكبة من التنويريين والثوار الذي أخرجوا اليمن الكبير من جبة أحمد حميد الدين.
 
سيذهب الحوثي، ويرحل المصفقون له، وسينتهي كذلك أصحاب الميوعة المبدئية من المنتمين للشرعية، الذين وضعوا رجلاً في صنعاء وأخرى في عدن أو الرياض والقاهرة وأبوظبي واسطنبول وغيرها من مدن الشتات والاستثمارات، سيرحلون جميعاً، ويبقى في أرض اليمن ما ينفع الناس.
 
والسعيد من قبض على مبدئه في كل الأحوال، متقدماً كان أو متأخراً، والشقي من يتلمس اتجاه الريح، فيميل معها حيث تميل.
 


اقرأ ايضاً 

كاريكاتير

د. محمد جميح