الأخبار
- حقوق وحريات
"الحارث عمران".. قصة مختطف وشهيد
العاصمة أونلاين - وضاح محمد/ خاص
الخميس, 21 ديسمبر, 2017 - 04:27 مساءً
الشهيد الحارث عمران، فتى الثورة، وشبل الجمهورية المسقية بدمه الممزوج برائحة الفجر وأشلائه المبعثرة بين أسطح المنازل ومقاعد الدراسة التي تغيّب عنها منذ أطلت حرب المليشيات الحوثية برأسها على البلد نهاية العام 2014م، ذاك أن المليشيات لم تكتفِ بحرمان الحارث والكثير من أمثاله من مواصلة تعليمهم وتحقيق أحلامهم المشروعة في الحياة، بل سعت إلى تلبية رغبتها العدوانية ضد أبناء الشعب، وممارسة هويتها الفاشية على اليمنيين، بمختلف تقنيات التوحش الحوثية.
كان الحارث عبدالكريم عمران ضمن فوج كبير من المختطفين الذين تحتجزهم مليشيا الحوثي النازية في سجونها العبثية بصنعاء، ومؤخراً نقلته إلى معسكر الشرطة العسكرية بمنطقة شعوب، وهو معسكر تستهدفه طائرات التحالف العربي بشكل شبه مستمر منذ انطلاق عاصفة الحزم، زجت المليشيات بالحارث إلى جوار عدد هائل من المختطفين تستخدمهم دروعا بشرية لضربات التحالف.
ولم تنتهي المأساة هنا بل كانت فصل آخر من المعاناة والأوجاع التي تعيشها أسرة المختطف الحارث عمران، ذلك أن الحارث ليس المختطف الوحيد من عائلته، فلا يزال عمه (شقيق والده) الصحفي عبدالخالق عمران مختطفا في السجون الحوثية منذ قرابة عامين ونصف، ويتعرض للتعذيب الجسدي والإرهاب النفسي داخل زنازين لا تطلها يد الإنسانية، حتى شُلت حركته وأُقعد تماما عن الحركة نهاية 2016م، بسبب ألم شديد في عموده الفقري، ولا يخلو موضع في جسمه من ضربة سوط أو جرح يد آثمة لترسم المعاناة على تقاسيم هيئته العنيدة بوجل.
أسرة الصحفي عبدالخالق عمران التي ضاقت بها السُبل وهي تحاول عبر مطالبات ومناشدات لضمائر العالم نقله للعلاج والإفراج عنه، ولم تستطع إلى ذلك سبيلا، اضطرت اليوم لمناشدة منظمات المجتمع الدولي إلى التدخل وتسليم ما تبقى من أشلاء جثة أخرى (الحارث)، كانت جسد إنسان بروح تفيض بالإنسانية وحب الخير، قبل أن تسلبها جماعة الموت الحوثية حق العيش على هذه الأرض، واستخدامها لإشباع نزوات انتقامية من الرافضين للفكر الرجعي والسلالي البائد.
في زيارتها الأخيرة له، كانت تقف أم الحارث صاغية لإبنها وهو يتلوى عليها توصيات أسرية مُهمة، شعرت معها بقلق وعدم استقرار نفسي، أفشت به لوالده عبر دردشات مطولة، وكان الأخير يعزو ذلك إلى مشاعر الأمومة العاطفية لدى الأمهات تجاه الأولاد ، فحاول أن يطمئنها كالعادة، ولكنها لم توقف سيل الرسائل بعد.
في ذلك الوقت كان الحارث شديد الحرص على والدته في حالة السماح لها بزيارة عمه الصحفي عبدالخالق أن لا تدعه يقلق عليه ولا يشغل باله حيال اختطافه، إذ أن زيارة الصحفيين المختطفين في سجن الأمن السياسي ممنوعة منذ حوالي خمسة أشهر( أي قبل حادثة الاختطاف بنحو شهر)، ولم يكن قد عرف بشيء عنه، حتما سيعلم عبدالخالق بالفاجعة الكبرى دفعة واحدة من الاختطاف حتى رفض تسليم أشلاء الجثة إلا بتبادل جثث من قتلى الانقلابيين، لا أستطيع أن أتخيل مشهدا يختزل تلك اللحظة المأساوية عند سماعه الخبر، وأجزم أنه سينزل عليه أشد قسوة من جحيم التعذيب الجسدي الذي يتعرض له منذ اختطافه.