الأخبار
- تقارير وتحليلات
اعترافات خطيرة لـ"حوثي منشق": الجريح في جبهاتهم يتم الإجهاز عليه وجثث القتلى تحرق بالديزل
العاصمة أونلاين/ خاص
الثلاثاء, 03 مارس, 2020 - 06:35 مساءً
هرب بأعجوبة مع ثلاثة من أبناء عمه في أول شهر فبراير من العام 2019 وبعد سنة ونيف من انضمامهم لمليشيا الحوثي بصعدة، وبعد مطاردتهم وجرح أحدهم وصلوا أخيرا لمدينتهم عمران ثم اختفوا بعدها في صنعاء، فيما لازالت المليشيات تبحث عنهم وتهدد أهاليهم بالاختطاف والقتل حتى اليوم.
"العاصمة أونلاين" التقى أحد الفتية الفارين”19عاما”، وسرد طريقة انضمامه للمليشيات وما الذي تدربوا عليه وما رآه حينها في كهوف صعدة وعن سياسة الحوثيين الإرهابية.
يقول: "أخذوني من بين أهلي إلى جبال صعدة وهناك جعلوني أنام في الجبال وتحت حر الشمس وكل ذلك عن طريق السحر، فكنت أشعر أني عبد مأمور أطيع كلما يأمرونني به".
ذهبت مع ثلاثة من أبناء عمي وكلنا متقاربون في العمر، ودون علم أهالينا؛ بعد أسبوع من وصولنا اتصلنا بهم وأخبرناهم أننا ذهبنا للقتال "يقصد مع الحوثيين"
يضيف "سنة كاملة رأيت فيها الأهوال كانت كافية لاقتناعي بالهروب منهم، لأن من دخل معهم إما أن يظل معهم أو يقتلوه".
هكذا ظهرت متميزا
يؤكد أن الحوثيين وزعوا عليهم “الشمة”، ويقول “في أول وصولنا وزعت لنا(الشمة)، وقالوا لنا من يتعاطاها أولا ويدمن عليها يتم تسليحه أولا، وقبلها استمعنا إلى محاضرة لأحد قياداتهم عن فوائد الشمة وكيف تجعل المقاتل قوي وتمده بالهمة وصلابة القلب، فما كان مني إلا أن قمت من بينهم وكنت أول من تعاطاها وأديت حينها صرختهم بكل صوتي، الأمر الذي جعلهم ينظرون إلي أني مميز دون الآخرين ليكون تدريبي وتعليمي وجلوسي مع الكبار، وساعدني في ذلك أيضا أن والدي أحد وجاهات منطقتي، ماجعلهم يصرفون لي سلاحا وطقما جديدا مع أني لم أكن قد تعلمت قيادته بعد.
رقابة وشاي مر
تشير الطقوس التي كان الحوثيون يلزمون بها هؤلاء المغرر بهم إلى أن ثمة غسيل دماغ لهم، مستخدمين الإلزام بتناول أنواع من الأكل والشرب.
يؤكد شاهدنا لـ"العاصمة أونلاين" “كنا نصبح ونمسي على كلمة السيد، يراقبونا ويفرضون علينا شرب الشاي على الريق كل صباح؛ ولكن طعمه غريب وفيه شيء من المرارة، ويقولون لا صلاة إلا في مكة أو الرياض ومن وجدوه يصلي فهو دخيل”.
جلسات الإقناع كما يقول الفتى تتم ليل نهار ومنها أن أمريكا تقاتل ضد الحوثيين في الجبهات وتغتصب النساء وتقتل الأطفال ويجب قتالها.
كهوف وخمر وحشيش
“دخلت مع أحد القادة الحوثيين لأحد كهوف صعدة، ولاحظت أنها مخططة تحت الجبال؛ بها مخازن أسلحة أغلبها إيرانية وأمريكية الصنع، ومخازن المعلبات الغذائية المنهوبة تملأ أخدودا تحت جبل كامل، وتوزع قليل من هذه المواد على مقاتليهم في الجبهات بينما الباقي يوزع على القادة والمشرفين، وتعطى منها رشاوي لشراء ذمم بعض العقال والقادة العسكريين والمدنيين سواء بصعدة أو غيرها”.
مضيفا “كنت فقط استغرب من بعض المخازن؛ خمور وحشيش، ويعطونها لكل من يطلبها".
وقبل دخولي إلى هذه المخازن أخبروني أنهم سيطلعوني على شيء لا يطلع عليه إلا من يرضى عنه السيد، فصعدت على صالون معتم، وبعد خروجي فعلوا معي نفس الشيء.
الجبهات معارك للانتحار الجماعي
تدرب الشاب الشاهد مع مقاتلي الحوثي ستة أشهر في صعدة، وحين جاء الوقت الموعود للذهاب إلى الجبهة، أخذوه إلى الحدود اليمنية السعودية، يقول أنه شاهد خلالها أهوال القيامة، وكأنها محرقة كبيرة تلقى فيها لحوم البشر.
“كانت طائرات التحالف تمزقنا قطعا من اللحم المتفحم وإذا هربنا يدفعنا المشرفون للعودة دون رحمة”.
مضيفا “بعدها تعقدت واقتنعت بعد رؤيتي لتلك الدماء والأجساد المتناثرة والمتفحمة بينما يهرب المشرفون الواقفون في المؤخرة ونحن آخر شيء يفكرون به، يفتحون الزوامل عند بدء القتال بين أزيز الطائرات ولا يهم من مات مات ومن عاش عاش المهم ترديد الزوامل والصرخة”.
يتابع: ”مما رأيته في المعركة مصرع أحدهم ليسرع أخوه إليه يقف على جثته المتفحمة ويؤدي الصرخة الحوثية مفتخرا بموته؛ ثم يتركه”.
مختتما بحادثة تعرض لها شخصيا بقوله “جرحت يومها بشظايا صاروخ طائرة ’أف ??” بينما كنت أهرب بعد إصابتي برصاصة أثناء المواجهة ولولا أن أبناء عمي كانوا معي لما نظر إلي أحد ولما أسعفني أحد؛ فأعادوني إلى صعدة للعلاج ولكن المعاملة الآن اختلفت فأنا جريح إذا فلا أساوي شيئا في المعادلة الحوثية”.
وزاد “أخذت لجرف مليء بالجرحى لم يعطوني دواء بل كان مخلوطا عجيبا شديد المرارة، كانت الأرض تهتز من تحتنا والطين والاحجار تتساقط علينا جراء ضرب التحالف وكأن المليشيات وضعتنا دروعا تمويهية لها فنحن جرحى".
“ومن الأشياء التي أرعبتني أن من كانت جراحه عميقة يجهزون عليه فقد صار حملا ثقيلا عليهم”.
كل يوم تأتي طقوم المليشيات مليئة باللحوم المتفحمة -حسب وصفه- في منظر يشيب له الطفل ويبدؤون بتجميع كل جسد ويعطونه لمن يلح عليهم ويحرجهم من أهالي القتلى بمطالبتهم بالجثث، وإحراق البقية بالديزل أو دفنها”.
قرار الهروب
“كنت أسأل نفسي دائما ما الذي جاء بي إلى هنا، كنا نتعاهد أنا وزملائي ألا يترك أحد منا الآخر لكن في الجبهة وأثناء المواجهة حرارة الموت تنسينا كل شيء.
قررت العودة ولكن كيف فسأقتل إن علموا بقراري، فكتمته حتى أكمل علاجي، وبعد خمسة أشهر تماثلت للشفاء، فنزل اسمي مع أبناء عمي من ضمن إمدادات جبهة نهم، أراد أبناء عمي زيارة أهالينا لقرب نهم من عمران فرفضوا وهددونا بالقتل.
وصلنا نهم ونحن نعزم على الهروب فقد اكتفينا من الأهوال التي عشناها.
وانتظرنا حتى منتصف الليل وهربنا بطقم نحن الأربعة وعند بزوغ الفجر وضعناه بين الأشجار لنستطيع الهروب فقد بلغ علينا وصرنا مطاردين واستأجرنا صالون أجرة.. وصلنا لأحد النقط وهناك ادعينا أننا مقاتلين بأسماء مستعارة وأننا في مهمة زيارة ونعود”.
يقول:” أخيرا وصلنا صنعاء لنهرب منها إلى عمران، لكننا فوجئنا بإعلان النفير فيها والبحث عنا، لم يتسن لنا رؤية أهالينا الذين غبنا عنهم سنة كاملة، فهرّبنا أهالي القرية إلى صنعاء والتي ما زلنا متخفين فيها خوفا من الاختطاف أو القتل ولا زال أهالينا في عمران يتعرضون للتهديد والتهجم حتى اليوم”.
معاناة مستمرة
رغم أني قد هربت وابتعدت عن المليشيات إلا أني لا زلت أعاني من الأسحار والكوابيس التي تقض نومي؛ فأرى أني قتيل أفز من نومي أريد الذهاب للجبهة، هكذا يواصل حديثه لـ"العاصمة أونلاين".
لازالت آثار الشاي المر والشمة الغريبة تلاحقني فلا أستطيع الجلوس بمفردي أو عمل أي شيء وأتعب لمجرد بذل جهد بسيط.
لازالت تلك المناظر التي رأيتها تصيبني بنوبات رعب وخوف، وقسوة قلوب قادة الحوثيين والمشرفين، لم يعطوني في السنة سوى خمسة عشر ألفا ومن يعترض على عدم صرفهم المستحقات يقنصونه على غفلة ويقتلوه ثم يأتوا به على أنه شهيد في الجبهة.
*الصورة إرشيفية معبرة لجريح حوثي سقط برصاص قوات الجيش الوطني في معارك ميدي