الأخبار
- تقارير وتحليلات
صنعاء.. انقطاع الرواتب تدفع الكثير من الجنود الى الجولات (تقرير خاص)
العاصمة أنلاين - خاص
الاربعاء, 01 نوفمبر, 2017 - 09:29 صباحاً
"الله يعزنا وإلا يبزنا"، "الله يهين من أهاننا"، بهذه الكلمات وقف أحد الآباء يدعى، محمد العديني، في إحدى الجولات، وسط العاصمة، وعيناه تغرورقان بالدموع، يسأل الناس، عمّا يسد به رمقه، بعد أن ضاقت به الأرض ذرعا، وانقطعت به السُبُل، وبات الرصيف هو المكان الذي يأويه، يقضي فيه أيامه ولياله، يعاني حرارة الشمس في النهار، وصقيع البرد في الليل.
محمد العديني، رجل ستيني من العمر، أحد الجنود المتقاعدين، في اللواء 105، بدت عليه ملامح العجز، وقهر الرجال، في زمن لم يعد فيه للمخلصين للوطن مكان، وبات متسع للأنذال، وعديمي المروءة، وأصحاب السوابق، والعصابات والقتلة، "يقول محمد".
يضيف محمد، في حديثة لــ "العاصمة اون لاين"، أنا بدون راتب من قبل سنة، وقبل نصف شهر اتصلوا بي الحوثيين اطلع صنعاء اسلتم نصف راتب، وحين وصلت قالوا ما فيش، والان والله لم أجد ما أكل ولا أشرب، ثم انفجر باكيا، ولم يستطع إكمال حديثه.
كانت الدموع تسيل على خديه، كالمطر، من قسوة الزمن، الذي جعل الكثير من أبناء الناس يمدون أيديهم للسؤال، بعد أن قامت المليشيا الانقلابية بقطع مرتبات موظفي الدولة المدنيين والعسكريين، وحولتها الى موارد لدعم مليشياتها في حربهم على اليمن واليمنيين.
قهر وإذلال!
يشير الحاج محمد، إلى معاناته التي بات يكتوي من لهيبها ليل نهار، الى أنه ومنذ وصوله الى صنعاء، وهو يتنقل من مكان الى أخر، ومن بريد الى أخر، لعله يجد نصف الراتب الذي وعده عدد من قادة المليشيا الانقلابية، دون جدوى، يقول محمد "والله لي أكثر من اسبوعين وأنا هنا أبحث عن النصف الراتب ولم أجده، ولم أجد عمل اشتغل به، اضطررت الى مد يدي للسؤال". ويضيف "من حين جاءوا - يقصد الحوثيين - ما عاد شفنا خير، لا أحنا ولا الشعب".
وتابع "طلعت صنعاء، وتركت أسرتي وأهلي، بعد أن أخذ مبلغ من المال سلفة، حق المواصلات، وأبنائي وزوجي وأسرتي منتظرين عودتي أشتري لهم مصاريف، ولكن والله ما عاد لقيت شيء، حتى قيمة المواصلات للعودة الى أهلي".
لم يستطع محمد إكمال حديثه، لأن غصة بدت ظاهرة في حلقة، عجز حيالها من إكمال حديثه، عن مأساة لم تعد خافية على أحد، وأزمة أكتوى من لهيبها الجميع، أشعل فتيلها الانقلابيون، وتطاير شررها ليصيب اليمن كل اليمن أرضا وإنسانا، غادر محمد المكان الذي كان يمكث فيه، بعد أن راه أحد المارة، وأعطاه كيسا من الخبز، ومبلغ 200 ريال، غادر وهم محمل بهموم وقهر لو وزعت على بلاد لكفتها، ففي الحال ما يغني عن السؤال كما يُقال.
مأساة جماعية!
لم يكن الجندي المتقاعد محمد العديني، هو الوحيد الذي يصطلي لهيب المأساة، إذ أن مئات الالاف من المتقاعدين من أمثاله لم يعودوا بأحسن حال منه، فالمأساة بدت جماعية، جراء استمرار قطع الرواتب من قبل المليشيا الانقلابية، التي باتت ترفض توريد الايرادات الى البنك المركزي في عدن لتقوم الحكومة الشرعية بمهمة تسليم الرواتب للموظفين المدنيين والعسكريين، أو تقوم هي باستلام الايرادات وتسليم مرتبات الموظفين في المناطق الخاضعة تحت سيطرتها، وبين هذا وذاك ثمة أناس مقهورين يفترشون القهر، ويلتحفون المعاناة والألم، باتوا بين مطرقة الانقلاب، وسندان الجوع والعطش.