صحفي
حزن اليمن لرحيل الشيخ الاجدع "طائي" اليمن
الأحد, 14 فبراير, 2021 - 09:06 مساءً
ورحل حاتم الطائي "اليمن"، الشيخ غالب الأجدع رحمة الله تغشاه، ذلك الوصف لم يأت من فراغ، فقد أستحقه الشيخ المرحوم لما عُرف عنه الكرم والجود والبذل والعطاء، وإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم.
لقد كان منزل الشيخ غالب الأجدع رحمه الله في العاصمة صنعاء مفتوحاً للجميع وعلى مدار العام، ولم يكد يمر يوم إلا ويستقبل المرحوم وأبناءوه الكثير من الشخصيات من مختلف مناطق اليمن شماله وجنوبه وشرقه وغربه، بل ومن مختلف التوجهات والإنتماءات السياسية، بما فيهم قيادات حوثية كان يكرمهم رحمه الله، إلا أن ذلك "لم يقطع فيهم" ولاحقاً اقتحموا منزله ونهبوه.
ومن محاسن مكارمه، ونبل اخلاقه وتواضعه، وفيض جوده وكرمه أنه كان يقوم رحمه الله وبشكل يومي بإطعام العشرات من اللاجئين من الصوماليين والأثيوبيين في منزله.
تعرفت على الشيخ غالب الأجدع رحمه الله عن قرب، وجالسته لعدة أيام متواصلة في منزله بصنعاء اواخر العام 2013م، وذلك عندما أجريت معه حواراً صحفياً وقتها حول قضية إختطاف نجل منير هائل سعيد أنعم من قِبل أحد ضعاف النفوس من قبيلته من مراد، والدور الذي قام به الشيخ غالب الأجدع في السعي لتحرير المختطف بعد أن نزل إلى مراد وأقام فيها لعدة أيام حتى عاد إلى صنعاء بالمُختطف، وكل ذلك الجهد وما قدمه من مال لمن حضر معه من ماله الخاص، ولم يأخذ أي شيء مقابل ذلك، وهذا الموقف أيضاً يُضاف إلى رصيد الشيخ غالب الأجدع في الشهامة والكرم والبذل والعطاء، إضافةً إلى عدة مواقف سأذكر بعضها لاحقاً تجسد كرم وجود وشهامة الشيخ غالب الأجدع وإغاثته للملهوف ومساعدته للكثير ممن وصل إليه وطلب منه النصرة أو المساعدة.
ومن بين المواقف التي سمعتها من أقارب الشيخ وأبناؤه ومرافقيه وكنت بصدد إجراء لقاءات شخصية عدة مع الشيخ رحمه الله لحفظ وتوثيق سيرة حياته، وكذا مواقفه الخالدة إلا أن إقتحام مليشيا الحوثي للعاصمة صنعاء وخروج الشيخ منها، وكذلك نزوحنا من بطش المليشيا حال دون ذلك.
فمن بين تلك المواقف على سبيل المثال لا الحصر، أن أحد الاشخاص ضاقت به السبل وأتى إلى الشيخ غالب شاكياً دين مالي عليه وهو مُطالب بتسديده بأقرب وقت فطلب منه الشيخ غالب: أن يمكث في منزله حتى يسهلها الله ويعطي له ذلك المبلغ والمقدر بقرابة مليون ريال، وبعد أيام وصل للشيخ مبلغ من المال، وقبل أن يطلع عليه او يعرف كم مقداره وهبه لذلك الشخص ليقوم "بعدّه". فقال: ياشيخ غالب: المبلغ خمسة ملايين، وأنا احتاج فقط مليون لسداد ديني، فمن كرم الشيخ قال له: "خلاص كل المبلغ رزقك".
ومن بين المواقف التي تجسد تواضع الشيخ رحمةُ الله عليه وحبه للناس، ان أتى أحد المواطنين إلى منزله وكان مريضاً بمرض جلدي بكامل جسده ما تسبب بصدور رائحة كريهة منه، وكما حدثني احد المرافقين: كنا نهرب من الرائحة الكريهة لهذا الشخص ولم نطق تحملها، فيما الشيخ غالب رحمهُ الله كان يجلس معه ويأكلا سوياً، وهو يحادثهُ ويواسيه.
كما رأيت الشيخ غالب رحمه الله ولعدة مرات فقد كان يشرف على توزيع الطعام لضيوفه ويبقى واقفاً دون تناول الطعام إلى أن يفرغ الجميع من الأكل، عقبها يجلس يتناول أكله مع اللاجئين الصوماليين.
تلك العادة الحميدة التي عُرف بها الشيخ غالب الأجدع وهي الكرم والجود والشهامة التي فاق فيها كبار مشائخ اليمن عامةً تشرّب بها من صغره، فقد كان كما حدثني أقاربهُ وهو صغير في السن وخلال أعياد الأضحى وبينما كان يقوم برعاية أغنامهم كان يقوم بتوزيعها في ليالي الأعياد على الفقراء والمحتاجين، ومن هنا بدأت خصلة الكرم والجود تُغرس في نفسه السخية.
كرم وجود الشيخ غالب رحمه الله لم ينقطع طوال حياته، حتى قبل وفاته بيوم وقبل ان تفيض روحه فاضت نفسه كرماً وجوداً، وقام بالتبرع بمبلغ 10 مليون ريال لمقاتلي قبيلته مراد.
رحم الله الشيخ غالب الاجدع، وبرحيله ستخسر اليمن علماً كبيراً من اعلامها، ونموذجاً فريداً من الكرم والبذل والعطاء والاخلاق الحميدة الاصيله، قل وجوده في اليمن.