×
آخر الأخبار
دائرة الطلاب بإصلاح أمانة العاصمة تنعي التربوي "فرحان الحجري" مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"  "هولندا" تؤكد دعمها للحكومة الشرعية لتحقيق السلام الدائم والشامل انتهاك للطفولة.. منظمة ميون تحذر من مراكز الحوثي الصيفية لمشاركتهم في تظاهرة احتجاجية.. الحوثيون يختطفون أربعة من موظفي مكتب النقل بالحديدة صنعاء.. وكيل نيابة تابع للحوثيين يهدد محامية ونقابة المحامين تدين شبوة.. إصابة طفلين بانفجار لغم من مخلفات الحوثيين الأكبر منذ 2015.. إيران تزيد من منحها الدراسية لعناصر مليشيا الحوثي تهديد "حوثي" للأطباء بعد تسرب وثائق تدينها بتهريب مبيدات مسرطنة تحالف حقوقي يوثق 127 انتهاكاً جسيماً بحق أطفال اليمن خلال أقل من عامين

شخصية البطل القردعي

الجمعة, 19 فبراير, 2021 - 07:45 مساءً

تلهمني شخصية القردعي، أفكر أن أستلهم منها عملًا روائيًا يحكي قصة هذا الأسطورة، أراها نموذجًا للإنسان الأول، البطل الخام محتفظًا بقواه الداخلية الكاملة، صورة للإنسان بكامل أنفته وإيمانه بحقه في الوجود الحر، عاش محروسًا بغريزته البدائية الأصيلة، غريزة البقاء بكل ما تولده من جسارة في الدفاع عن الحياة في وجه كل من يحاول استلابك وتجريدك من إنسانيتك.
 
أتساءل دومًا: من الذي زرع في داخله تلك الطاقة الحادة للرفض، الكبرياء العنيفة والوعي الحار بقيمة الحرية، لم يكن فيلسوفًا ولا مفكرًا تنويريًا، بل مخلوقًا نشأ في بئية صحراوية وعاش نهاراته متمرغًا بالغبار والحصى، يرعى المواشي ويأكل من الطبيعة يغترف الماء من أحقاف السيول في الأودية وينام على الحصير..كيف تفتق وعي الفتى وامتلك دوافع الحرية والنضال بتلك الصورة البطولية المشابهة لصور المحاربين الكبار وصانعي الأساطير التحررية في تأريخ الشعوب..؟
 
حسنـا، كان الفتى يتغذى من مصادر أخرى، من الينابيع المباشرة للحياة.. أفكر به وأتذكر عبارة لدرويش : وجدي كان فلاحًا يعلمني شموخ الشمس قبل قراءة الكتب.
كان القردعي يعيش ملتصقًا بعناصر الوجود الأولى، الصحراء والشمس، السماء والهواء الطلق، الوديان والجبال، هكذا عاش البطل يستمد قوته الداخلية من التحامه بالطبيعة، حيث الصحراء توقظ في أعماقه إحساسه بأنه ولد ملكًا على هذه الأرض وعليه أن يدافع عن هذا الحق، لم تدجنه الحياة ولا يكترث لمخاوفها، لا يتطفل على حياة الأخرين ولا يسمح لأحد أن يدنس شرف وجوده بكلمه..نزيهًا ومعتدا بذاته، متهكمًا وكامل الضربات.
وفي الليل كان يواجه وحشة الطبيعة ويستنفر جسارة روحه لمجابهة الأخطار، هكذا تكثفت عناصر الشخصية، حيث نشأ البطل مهابا وتمكن من حراسة نفسه من أي تشوِّه قد تلحقها به هذه الجماعة أو تلك.
 
أحاول قراءة قصائدة الشعبية، أتأمل الكلمات التي تكررت كثيرًا في شعره، لربما ألتقط خصائصه النفسية وهواجسه والقضية التي كانت تستأثر بقلقه، أفهم خيوط عامة وأفشل أحيانًا في استيعاب دلالة بعض الكلمات، لكنك بالمجمل تخرج بجو عام، يخبرك أنك أمام محارب أغريقي، عاش حياته متمردًا وعنيدًا، يرى الفضيلة في العزة والمجد في القوة ورفض كل ما يخدش إحترامه لنفسه.
 
ما عزنا إلا نهار الحرب ضجاجي
وفي المحاجي يظلي فوقنا الهياج
منا وفينا يقع عطاف الأحناجي
ما يشرب الصافي إلا من شرب لخماج
هاالليلة أشواق وطت حيد حجاجي
والقازحة والعكارين أصبحين ديباج
والقلب من داخله وقاد هجاجي
لو هو على حيد شامخ مهجة مهاج.
 
إذا ما كان زمنًا معتما أخرج بطلًا كالقردعي وغيره الكثير، فكيف بزمن صار كل إنسان يرى نفسه ملكًا للكوكب، كيف تتصور جماعة من الدراويش والغوغائين أن تستعبدهم مرة ثانية، كيف يتصور الحوثي أن بمقدوره إخضاع الناس بالقوة وحتى الأبد..وفي مراد ألف قردعي، وأبطال بلا عدد ومثلهم وغيرهم الكثير..لا بد لهذه الجماعة المحشوة بالأوهام أن تنتهي. لن يتحمل اليمنيون شماتة العالم حين يتذكروا أن شعب عريق محكوم بأخر سلالة من المعتوهين في العالم.
 
وأنا مع صعدة إذا صعدة معي
وإن هي مع غيري تراني ضدها
وإن قام يحي بايقوم القردعي
وكل أسرة باتقيم جدها
 
ليس بالضرورة أن تكن مثقفًا كي تستوعب كارثة الحكم السلالي، يكفي أن تحتفظ بالروح الأولى فيك متعافية من أثر الذل، يكفي أن يكون الإنسان مستيقظًا بداخلك كي تقاوم هذه السلالة حتى الأبد.

*من صفحة الكاتب على "فيسبوك".
 


اقرأ ايضاً 

كاريكاتير

محمد المياحي