×
آخر الأخبار
"أمهات المختطفين" تقول إنّ 128 شخصًا على الأقل توفوا تحت التعذيب في سجون الحوثيين مقتل شاب برصاص مسلحين في أحد شوارع صنعاء مليشيا الحوثي تطلق سراح 2 من قتلة الشيخ "أبو شعر" وقبائل إب تتوعد بالتصعيد مؤسسة "وطن" تقدم قوافل غذائية لجرحى الجيش والمقاومة في مأرب المنتخب الوطني يخسر أولى مبارياته بخليجي 26  "إدارة اليمنية" تجدد مطالبتها بإطلاق طائراتها من فبضة الحوثيين في مطار صنعاء     اطلاق سراح إعلامية من سجون  مليشيا الحوثي في صنعاء برئاسة الوكيل ثعيل .. تنفيذي أمانة العاصمة يناقش خطط العام 2025 "مركز حقوقي" يؤكد العثور على أحد الضباط اليمنيين المفقودين في سوريا منذ 2012    "المقطري" تطالب بإطلاق سراح المختطفات من سجون الحوثيين بصنعاء

وقفة ما بين الحوثي وطالبان

الثلاثاء, 24 أغسطس, 2021 - 08:39 مساءً

سقوط صنعاء، وسقوط كابل، يتشابه الحدثان شكليا، ويختلفان جذريا.. والحال ذاته ينطبق على الحركتين، الحوثي وطالبان.

 
الأولى حركة دينية وأقلية سياسية/ طائفية نفذت انقلابا كاملا على الدولة اليمنية بمختلف أطيافها، والثانية حركة دينية/سياسية تحظى بحاضنة إجتماعية كبيرة، سيطرت على العاصمة، وتركت الباب مفتوحا للجميع.

 
في بداية سيطرتها على العاصمة صنعاء، كانت جماعة الحوثي تُطلق خطابا شبيها بخطاب طالبان هذه الأيام، مع فارق مهم هو وجود تصميم وإصرار ممنهج لدى طالبان على اتباع نهج الشراكة السياسية، والحرص على مستقبل تعددي حقيقي، بخلاف خطابات الحوثي أنذاك.
 

كانت سيطرة الحوثي على صنعاء فاتحة لاتساع شهيته أكثر وابتلاع البلاد، لهذا لم تكن مقتنعة بالشراكة الحقيقة، واتخذت منها مجرد معبر مؤقت لاستكمال السيطرة على البلاد، ثم التفرّغ لتقرير مصيرها كما تبين لاحقا.

 
على النقيض من هذا، كان دخول طالبان كابل، خاتمة انتصاراتها وسيطرتها على كامل أفغانستان، ما يجعل نزوعها للشراكة، خيارا استراتيجيا، نابعا عن قناعة وليس تكتيكا عابرا لاستكمال السيطرة.

 
كان الحوثي محتاجا للتمسك بخطاب الشراكة مؤقتا، ورأينا كيف افتتح أيامه الأولى بالعاصمة صنعاء، بتوقيع اتفاق "السلم والشراكة"، لكنه لم يفعل ذلك انطلاقا من قناعة راسخة بأهمية الشراكة؛ بل حيلة مؤقتة، وهو ما لا تحتاجه طالبان اليوم، وقد أضحت البلاد كلها مدينة لها بالخضوع والولاء.

 
بدأت مظاهر إذلال النخبة السياسية اليمنية منذ الأيام الأولى لسيطرة الحوثي على العاصمة صنعاء، وأظهرت جماعة الحوثي بجاحة سلوكية مهينة في تعاملها مع القوى السياسية الأخرى، على الضد من هذا، أبدت حركة طالبان تسامحا سياسيا مع كل القوى المدنية المناهضة لها؛ بل وأكدت حرصها على أن يكونوا ضمن مكونات المستقبل وإدارته.

 
عشية سقوط صنعاء، سمعنا تصريحات قادمة من إيران تبشر بسقوط العاصمة العربية الرابعة بيد طهران، كان تصريحا مستفزا للشعب اليمني ولجيرانه المتوجسين، وتبع هذه التصريحات جسر جوي بين إيران وصنعاء، تأكيدا لعمق الترابط والتبعية والولاء.. فيما لم يحدث مثل ذلك أو ما يشبهه بعد دخول طالبان كابل، بل تصاعدت تطمينات متواترة من قيادة الحركة، أحدها يطمئن كل دول العالم وأولهم دول الجوار بأن لا شيء يستدعي خوفهم، وأن أراضي أفغانستان لن تسخدم ضد أحد.

 
وتصريح ثان يطمئن الشعب وينسب الانتصار إليه، ويعلن التزامه القاطع بتأمين حياته وتجنب أي مضايقات للمواطنين.

 
وقد لاحظنا، كيف بدأت جماعة الحوثي بمضايقة الناس في صنعاء، منذ اللحظات الأولى لدخولها العاصمة، فيما تسعى طالبان لطمأنة المجتمع هناك، مع كونه أكثر هلعا من مجتمع صنعاء بعد دخول الحوثي إليه. والسبب هنا يعود إلى الصورة القاتمة التي حكمت بها طالبان كابول قبل عشرين عاما، هي ما جعلت المجتمع الأفغاني في المدينة المتحضرة، يصاب بالخوف الشديد من مستقبله تحت حكم طالبان.. وقد نتج عن هذا الخوف المسبق عملية نزوح وتدافع نحو مطار كابول، شاهدها وما يزال العالم كله.

 
أي أن الخوف المتأصل لدى قطاع من سكان كابول من طالبان، قابله محاولة متواترة لطمأنتهم، وعلى النقيض من هذا تماما، كان اليمنيون مترقبين بخوف أقل، إلا أنه تعامل معهم عكس ما تفعله طالبان مع سكان كابل اليوم. الأفغان لم يتوقعوا أن تكون طالبان بهذا التسامح والنزوع العميق للتعايش مع المجتمع. واليمنيون لم يكونوا يتوقعون أن الحوثي سيكون بهذه الوحشية، ويلاحق العشرات والمئات منهم، وينفيهم من بلادهم.

 
هناك فارق مهم بين طبيعة الفعلين، دخول طالبان كابول، وسقوط صنعاء.

 
دخول طالبان العاصمة؛ نتيجة لمخاض عسكري طويل يحركه مبرر وطني لا يخلو من الوجاهة، هو طرد المحتل ومقاومته، فيما سقوط صنعاء كان أشبه بنقمة تاريخية وحركة ارتداد قوّضت الدولة وفتحت أبواب البلاد للخارج.

 
توفّرت طالبان على شروط ذاتية وموضوعية، تجعل من عملية سيطرتها على البلاد مقبولة بعض الشيء، فيما كان اجتياح الحوثي العاصمة صنعاء عملية غير مبررة من كل النواحي، لقد أجهض مسارا سياسيا، كان هو جزءا منه، وعطل مسيرة التحول الديمقراطي المنشود، ما جعل من تحركاته عملية تدميرية لكل المكتسبات الوطنية، وايذانا بفترة تاريخية سوداء من عُمر الشعب والجمهورية، ما تزال متواصلة حتى يومنا هذا.

 
الخلاصة: "كان دخول الحوثي صنعاء الشرارة التي أشعلت النار في كامل جغرافيا البلاد، ويبدو لي أن دخول طالبان كابل الطلقة الأخيرة لخمود النيران في أفغانستان، ليس هذا تبشيرا بطالبان، لكن طبيعة الأحداث وطبيعة الفاعلين وسلوكهما في صنعاء حينها، وفي كابل الآن، تجعل من هذا السيناريو المتباين أقرب تجسيدا للواقع ، والأيام المقبلة ستؤكد ما إذا كانت طالبان مفارقة للحوثي بشكل جوهري أم لا".


اقرأ ايضاً 

كاريكاتير

محمد المياحي