الخطأ الأساسي.. المعيار الأول
الأحد, 10 أبريل, 2022 - 10:39 مساءً
مضى هادي وصارت المسؤولية لدى مجلس القيادة الرئاسي. ليس من المفيد الآن الغرق في تدارس دستورية القرار. الأكيد أن الأمور كانت بلغت من السوء ما يجعل ما حدث ضرورياً وماسّاً. البارحة أطل علينا رئيس مجلس القيادة الرئاسي بخطاب رصين ومقتضب وشامل، ومنذ أيام والقنوات والمواقع الإلكترونية تضخ صوراً ومشاهد للمتشاكسين الجمهوريين وهم يتصافحون ويتحاضنون ويبتسمون لبعضهم بحميمية، وكل هذا مبشر ويثلج الصدر، لكن ليس تماماً.
مثلما أن من الخطأ الاستغراق في التشاؤم بناءً على نكسات المرحلة الماضية، والتي امتدت سنوات من المناكفات والاحتراب البيني، كذلك من الخطأ الانسياق التام وراء رومانسية اللحظة وتعطيل الحس النقدي.
بدايةً، يجب أن نظل مستحضرين أن تسليم هادي سلطته لمجلس القيادة الرئاسي جاء كحل لمشكلة. هذه المشكلة مهما بدت معقدة فهي تؤول إلى جذر واحد: أن مؤسسات الدولة اليمنية بقيت عاجزة عن التواجد في الداخل اليمني لإدارة المعركة الوطنية. وحين نتحدث عن المعركة الوطنية يتعين الانتباه إلى أن لها تعريفاً واضحاً ومحدداً تكتسب منه مشروعيتها وجدواها: أنها حرب تخوضها الدولة اليمنية، عبر مؤسساتها الشرعية، وبإسناد التحالف العربي، ضد مليشيا الحوثي الإنقلابية المسنودة من إيران.
لم تتمكن الدولة اليمنية من الحضور في الداخل اليمني منذ تحرير أول منطقة من المليشيا الحوثية الانقلابية. وأياً كانت أسباب ذلك فكل ما حدث من اختلال يعود إلى هذا الجذر. وأياً من كان المعرقل لوجود مؤسسات الدولة اليمنية في الداخل فالمفترض بعد هذا أن يكون قد عاد إلى صوابه. هذا الغياب الطويل لمؤسسات الدولة أسّس لكل الانقسامات والتباينات التي حدثت في الجغرافيا التي يفترض أنها تحررت من الانقلاب ومليشياه، الأمر الذي أعاق المعركة الوطنية وجعلها تعود أدراجها بعد أن كانت تقدمت زمناً باتجاه النصر.
يجب أن تتحقق سيادة الدولة اليمنية على كل شبر من أراضيها، عبر مؤسساتها الرسمية، وأن يكون امتلاك السلاح حصراً فيها. هذا هو التوصيف الوحيد للانتصار، ولن يكون سواه. أي طرف يرفض ذلك فهو منقلب بالضرورة ويتعين أن يسري عليه الحكم نفسه على المليشيا الحوثية. ومن واجب الدولة اليمنية، بقيادة مجلس القيادة الرئاسي، تحقيق هذا الانتصار وفق هذا التعريف.
إن كانت المليشيا الحوثية ستخضع للسلام عبر الحوار، فالصيغة الوحيدة لذلك أن تقبل بتسليم سلاحها لمؤسسات الدولة اليمنية، ولتكن هي جزءاً من هذه الدولة وفق الدستور. لكننا نعرف جميعاً أن ذلك مستحيل، بالتالي فإن واجب مجلس القيادة الرئاسي المضي في المعركة العسكرية وإدارتها بالكفاءة والانسجام اللازمين لتحقيق الانتصار.
هذا الأمر مبتدؤه عودة كافة مؤسسات الدولة اليمنية، رئاسة وحكومة وبرلمان، للعمل من داخل الوطن، من داخل العاصمة المؤقتة عدن. هنا مبتدأ الحكاية، والاختبار الأول لنجاعة التغييرات التي حدثت.
ما لم تتحقق هذه العودة، لن يكون ما حدث سوى تشييعاً جنائزياً لحلم الدولة اليمنية وابتداء مرحلة لا يكون فيها لأي طرف أي امتياز قانوني أو حتى أخلاقي على الحوثي. ستصير المعركة مجموعة معارك، ولن تكون من بينها واحدة يمكن أن نطلق عليها وطنية. وحيث أن المليشيا الحوثية هي الأقوى عسكرياً من كل طرف وطني على حدة، وأن إمكانيتنا الوحيدة للانتصار عليها هي في اجتماعنا، فإذا ما تعثر إنزال هذا الاجتماع إلى صعيد واقع المعركة وأسفرت محاولة ذلك عن تباينات لا تزال قائمة، فلن يطول الأمر قبل أن نجد الوطن كله، بشماله وجنوبه، بشرقه وغربه، محكوماً من الحوثي لصالح إيران. وحينها لن يكفي التاريخ، ليعبر عن احتقاره لنا، أن يسيل علينا لعاب كل الكائنات منذ مهد الخليقة.
لنرَ إذن: متى ستعود كافة مؤسسات الدولة للعمل من داخل عدن. هذه الخطوة الأولى، ولا مجال لأي تسويغات في حال تعرقلت هذه الخطوة.
من صفحة الكاتب على فيس بوك