عدن الى أين..؟
الإثنين, 16 أكتوبر, 2017 - 11:22 صباحاً
تفاءل الجميع بعد نزول الرئيس هادي إلى العاصمة المؤقتة عدن, وحكومته برئاسة أحمد عبيد بن دغر وتعيين الدكتور عبدالعزيز المفلحي محافظًاً لها، واستبشر الجميع بعودة الدولة ومؤسساتها الحكومية ومطارها الدولي, الذي يعتبر النافذة الوحيدة القريبة لاستنشاق الهواء, الذي انتظره الجرحى والمرضى والمغتربون علّه يستطيع نقلهم لعلاج جراحهم وعودة مغتربي اليمن في الخارج لرؤية أهاليهم وأبنائهم خاصة مغتربي الدول الأوروبية وأمريكا.
نعم تحررت عدن من قبضة مليشيا الحوثي والمخلوع, لكن حبل التحرير مازال بقبضة أيادٍ خارجية ملفوفاً على عنق المدينة تبسطه حيث تشاء وتخنقها وقتما تريد، تبدو الرؤيا واضحةً تماماً, لكل اليمنيين شمالاً وجنوباً، نُخباً وعامة، بأن ما يحدث في عدن مؤشراً خطيراً لحرب أهلية, تلوح في الأفق يراد لها أن تشتعل لتحرق الجميع.
قصص وأساطير يحكيها مسافرون يتقاطرون إلى عدن لقضاء مصالحهم من كل المداخل, بما يلاقونه من حزامها الأمني ونقاط التفتيش الخاصة والتابعة لهاني بن بريك المدعوم إماراتياً، تنتزع منهم يمنيتهم انتزاعاً، امتهانات تلكم النقاط وتلكؤها بانتهازيةٍ مفرطة وطلب هوياتهم وإمعان النظر في مناطقهم المنحدرين منها، بعد ذلك يتم إيقافهم لفترات تتفاوت كلاً حسب منطقته لتصل ما بين ثمان إلى عشر ساعات، وبعضهم يتم إعادتهم من حيث أتوا بعد تكبدهم مشقات سفر بمئات الكيلومترات، ناهيك عن ألفاظهم الجارحة، ليصبح المواطن اليمني بين سندانين أخفهما وزناً قاتل, مليشيا انقلابية سلالية تطاردهم وتحول دون أرزاقهم وقوت أطفالهم وتفجر منازلهم في الشمال والوسط، وبين فصائل الحزام الأمني تمنهم من التحرك وتقف سداً مانعاً أمامهم في الجنوب, وطرف ثالث وهو الشرعية يقف موقف المتفرج دون أن يحرك ساكناً ينبئ عن شلله التام حيال كل ذلك.
هناك خيط خفي وعلاقة فيزيائية بين مليشيا صنعاء وحزام عدن وقيادتهما يستقي من ذات الصدر الملعون الممتلئ بلبنٍ مسموم هدفه تسميم اليمن شمالاً وجنوباً, يسلب منه الحياة لتذبل أزهاره ووروده، وللأسف بأيدٍ يمنيةٍ تعشق الهدم وتكره البناء وتعبد الدراهم. ويؤكد ذلك ما حدث من اعتقالات لناشطين موالين للشرعية قٌبيل احتفالات مليشيا الحوثي بثورتهم المزعومة 21سبتمبر في صنعاء, وما يحدث اليوم من اعتقالات لقيادة وناشطي حزب الإصلاح في عدن واقتحام مقراته وإحراقها عياناً، بعد تصريح مباشر من مدير أمن عدن يثير العديد من التساؤلات، تزامناً مع ثورة 14من أكتوبر المجيدة، تماماً كما حدث بعد يوم 21 سبتمبر المشؤوم في صنعاء, مما يظهر نفس السيناريو وكأن أنامل المخطط على مٍكسر الكنترول هي ذات الأنامل والمستهدف هو ذاته في الحالتين. ثمة أطراف مخفية تدير تلك الأمور وخيوطها المتشابكة تشعرك كمراقب للأحداث أن لا طريق لحلحلة تشابكها مهما بلغت فيك حدة الذكاء والبديهة.
اعتقال لقيادة وناشطي من خيرة أبناء عدن وبشهادة الجمي، ولأشخاص كانوا في مقدمة صفوف المقاومة في المدينة لمواجهة تتار العصر من مليشيا الحوثي والمخلوع مذ عامين ونيف ، لاقت استياءً وتذمراً واسعين في الأوساط اليمنية والأحزاب السياسية, فيما كان من قام باعتقالهم مختبئاً لا أثر له حينها, إن لم يكن في صف ذات المليشيا وداعماً لها.
معادلات صعبة وخيوط مؤامرة تديرها وتنفذها قوى بأجندات, تحمل أحقاداً قد تعصف باليمن بأكمله, وتجر مدينة عدن خاصة إلى حرب أهلية تشب نيرانها حتى يكون من الصعوبة بمكان محاولة إطفائها، والعجيب في ذلك موقف قيادة التحالف والشرعية كمراقبين للأوضاع من بعيد، وكأن الأمر لا يعنيهم لا تدري هو تساهلاً أو إملاءات وضغوطات خارجية، متناسيين أن النار ستصل إلى المنطقة الإقليمية برمتها، والغول الإيراني المدعوم أمريكياً ينتظر الفرصة للانقضاض ولن يستثني أحداً.
تعالت أعناق اليمنيين وتطاولت لرؤية عودة الدولة ومؤسساتها في المناطق المحررة علٌها تتنفس الصعداء للهروب من جحيم تعيشه تحت الضيم والقهر والبؤس، لتتفاجأ بدخولها في جحيم لا تقل ضراوة نيرانه عن سابقه وقد تزيد، "كالمستجير من الرمضاء بالنار ".
رسالتنا لقيادة التحالف والرئيس هادي وحكومة بن دغر وقيادة الجيش الوطني الشرفاء، سرعة اتخاذ مواقف صارمة توقف كل هذا العبث في العاصمة المؤقتة عدن, قبل أن يخرج الأمر عن السيطرة ونتائج قد لا تحمد عقباها، وتساؤلنا الذي لم نجد له جواباَ: عدن إلى أين ؟!!