اليمن.. بين دعوات السلام وشبح الحرب!!!
الجمعة, 12 يوليو, 2024 - 08:55 مساءً
الطريق الى السلام المستدام غير معبد ولايزال طويلا، ومحفوفا بالمخاطر نتيجة لعوامل كثيرة باعدت بين اليمنيين والوصول اليه.. يبدو أن طاولة الحوار تطول و تتمدد بفعل العوامل المؤثرة في مسارات الحوار ومآلاته ..
ولا شك. ان السلام مع الحوثي لا يمر بطريق آمنة نتيجة لاختلاف الرؤى وتباينها وتداخل المصالح الاقليمية والدولية وتقاطعها، فشباك الابحار معقدة وملتوية والوضع يزداد تعقيداً يوما بعد آخر،
فعندما نتحدث عن السلام لابد أن يؤخذ من جميع أطرافه وزواياه المختلفة.. بمعنى السلام الذي يحقق العدالة لغالبية الشعب ولا ينظر إليه بعين واحدة ، تمثل طرفاً أو تُغلِّب مصلحة لطرف على حساب شعب بأكمله، وخاصة عندما تتداخل المصالح وتتباين الرؤى تتوالد شبكة معقدة من المتناقضات، ويزداد السلام تعقيدا عندما يكون مع جماعة ثيوقراطية لها أيدلوجية غامضة، وفلسفة معقدة، ونظرية جامدة، في الحكم والسلطة، ومحشورة في زاوية الأقلية المفروضة على الأغلبية، ولا تؤمن بحق الشعب في اختيار الحاكم ولا تقبل بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة..
إذاً يحاول المجتمع الدولي عبثا ان يفرض على الشعب اليمني رؤية للحل والسلام دون مراعاة حقوق غالبية الشعب، ودون النظر في جذور المشكلة، فكيف سنمضي في طريق السلام وهو ملغوم بالكثير من المطبات والعراقيل، ولاشك انها غير سهلة وأن التغلب عليها يتطلب التراجع خطوة الى الخلف من الجماعة الحوثية والتنازل عن المصلحة الآنية للجماعة للمصالح العامة والمراجعة الصحيحة للشروط التعجيزية،
ولكي نخرج من دوامة الجدل لابد من وضع أبجديات الحل على طاولة الحوار والانطلاق من أرضيتها الصلبة، وتعتبر المرجعيات الثلاث مفتاح السلام والتوافق عليها يبني سلاما مستداما ويلبي طموح الشعب اليمني في تحقيق السلام الآمن الذي يكفل الحقوق المشروعة للجميع ويحقق الآمال والتطلعات في العيش الكريم والاستقرار والتنمية...
والسؤال الذي يطرح نفسه!!؟
هل بات لدى الحوثي رغبة صادقة في رفع معاناة الشعب والإصغاء لأنينه، وتقبل الرأي الآخر والنزول عند رأي الاغلبية والاحتكام للصندوق واعادة السلطة للشعب في اختيار من يحكمه؟ أم أنه سيظل أسيراً لأفكاره الظلامية ورؤاه العنصرية التي تصادر حقوق المواطنين وتستأثر بالثروة والسلطة بناء على فكرة شيطانية عنصرية متطرفة..
عندما نتحدث عن السلام، نشعر بالطمانينة ونتلهف شوقا إليه ، ونطمع في الوصول وبلوغ مرامه، فقد دفع الجميع فاتورة الحرب التي أشعلها الحوثي وجماعته الارهابية ، في مغامرات مجنونة، وتحديات مغرورة، بعيدة عن الواقع ومعاكسة له، ولايزال يدفع بالمزيد من العداوات مع دول الجوار والإقليم والعالم بلا مراعاة للعواقب أوما ستؤول اليه الأمور،
لذلك لابد من شرح مفصل وبيان الحقيقة للدول الراعية للسلام والساعية اليه، فالمسألة ليست إضافة ممثل للحوثي في مجلس القيادة وليست تقاسم مناصب، وتقديم تنازلات من اجل المصلحة العامة، الامر كذلك عندما تكون المصالحة بين الاحزاب السياسية ومكونات المجتمع التي يجمعها دستور وتحتكم اليه،
اما عندما يكون السلام مع جماعة خارجة عن النظام والقانون كجماعة الحوثي لها أبعاد أيدلوجية وفكرية وفلسفية وأبعاد اخرى لاتقل أهمية سياسية واقتصادية وعسكرية..
فكيف يكون السلام مع من دمر الحياة السياسية برمتها وصادر حقوقها وممتلكاتها في محاولة لكسر ارادة الشعب، واخضاعه لخرافة الولاية السلالية.. ودمر الاقتصاد الوطني باقتصاد طائفي مواز له، وصادر ممتلكات عامة وخاصة بأحكام جائرة وقرارات ظالمة ..وبنى مؤسسة عسكرية مؤدلجة طائفيا وعنصريا، ولم يتوقف هنا بل يسعى لتجريف العقول وتحريف المناهج الوطنية وعسكرة المدارس وتمزيق النسيج الاجتماعي لصالح نظرية ولاية الفقيه المستوردة والدخيلة..
كيف يمكن للسلام ان يولد في بيئة كهذه أو أن تسمح له بالنمو، فهذه الممارسات تقتل السلام في مهده وتقضي على كل الجهود الرامية لازاحة شبح الحرب عن كاهل الشعب. .. إن من يريد ان يحقق للشعب اليمني سلاماً مستداماً عليه أن يساعد الشعب في التخلص من كابوس الانقلاب الحوثي الارهابي لكي يصبح جماعة مدنية مسالمة غير مسلحة، تتعايش مع الناس وتقبل بالآخر وتنظر الى الحياة بتفاؤل بعيدا عن نغمة العداوات وأسلوب التهديدات ، والبحث عن أسباب ومسببات الصراع التي تُنبئ عن عقلية مأزومة ترى الحرب بيئة مناسبة لها، كون السلام سيكشف سوءتها ويفضح حقيقتها في السلب والنهب والثراء الفاحش لجماعة عنصرية طائفية، على حساب شعب يموت جوعاً ويزداد فقراً يوما بعد آخر...
حسنا!!ً.. إنما المهمة صعبة
فليكن!! ولنمت بكل محبه
خصمنا اليوم غيره الأمس طبعاً..
عندنا موطن يرى اليوم دربَه
إنهم يطبخوننا كي يذوقوا
عندما يُنضجوننا شر وجبه. (البردوني)