بمنـاسبة فليم "حياة الماعز".. هذه قصتنا مع الكفيل
الاربعاء, 21 أغسطس, 2024 - 09:45 مساءً
في العام 1996م أصيب أبي بمرض السرطان، وكنا حينها صغار، لا نعرف ما هو السرطان ولا لماذا يقيم أبي في المستشفى ولم يعود إلينا.
اغترب أبي وهو طفل صغير في السعودية، تقريبا في العام 1971 أو قبل هذا التاريخ ، أي قبل حرب الخليج بسنوات ، عاش أبي يتمياً إلا من أم وأخت وحيده ، وترملت جدتي على ولد وبنت ، وكان ابي مثله مثل المغتربين الذين تبقوا في السعودية على نظام الكفيل ، كان ابي يشتغل في مكتب شحن ، وكان إسم كفيل أبي " حمد سليمان المهباش " هكذا عرفنا وحفظنا اسم كفيل أبي من خلال الكروت الشخصية للكفيل.
تمر السنوات وأبي يشتغل عند كفيله، وكان كفيل أبي إنسان عظيم جداً ، من حب أبي لكفيله قام بتسميتنا أنا وأخي وأختي بأسماء أولاد المكفيل حباً ورد للجميل للكفيل الذي اعتنى بوالدي كواحد من أولاده.
نعود لمرض أبي، ترقد في المستشفى في صنعاء لمدة خمسة أشهر ، وبعد إصرار كفيل ابي بأن يعود الى المملكة يتعالج، تمت المعاملة بأسرع وقت وانطلق ابي الى جدة ، ثم تعالج في أحسن المستشفيات على حساب العم حمد.
شاءت الأقدار ان يموت الولد بعد شهرين من دخوله المملكة للعلاج رحمة الله عليه، وهنا تبدأ قصتنا الحقيقية مع الكفيل السعودي..
بعد وفاة أبي لم يستطيع الكفيل الوصول الينا ، ولكنه كان وفياً وعظيماً أكثر من أي وقت مضى ، وكان وكأنه الأب الذي افتقد ابنه ، قام الوالد حمد سليمان المهباش بجمع اغراض أبي من العزبة كلها من كتب وملابس وكل صغير وكبير حتى قصاصة الأظافر جمعها في شناط كبيرة وأرسلها لنا مع ابن عمتي الذي دخل مرافق لوالدي .
هل انتهت القصة !!
لا .. القصة تبدأ هنا .
كان مع ابي صديق عزيز في نفس السكن وهو من قرية جنب قريتنا وكانا كالإخوة ، فلما توفى أبي كان العم غيلان عبده هو نقطة الوصل بيننا وبين كفيل ابي .
بعد وفاة ابي بأربعة أشهر كانت اجازة العم غيلان عبده ، وعاد الى البلاد ، وكان يزورنا باستمرار عندما يروح للبلاد وابي غائب ، كان يرسل لنا ابي معه بملابس وهدايا من السعودية ، المهم ارسل لنا العم غيلان واحد من اولاده لنأتي معانا رسالة من السعودية ، ذهبت انا وامي واخي الى منزل العم غيلان ، لا انسى خطواتي التي تعثرت وانا اسابق الطير شجناً وفرحاً بما الذي معانا ، كنت ارى خطوات امي متثاقله ، اراها بطيئة وكأني كنت أمشي على بساط من الريح ، وأمي تمشي وعلى ملامحها حزن وخيبة ، ما الذي يعوضنا عن فقدان ابي لاشيء.
وصلنا بيت العم غيلان استقبلنا وكأننا اولاده، احتضني حضن لا انساه، كأن الملائكة هي التي حضنتني، مسح على رأسي كثيراً ودعي للوالد بالرحمة وقال لنا انا معكم لا تخافون.
بعد ساعة قال لنا معكم 100 ألف و ثلاث شناط (حقائب) من كفيل الوالد، حقيبة فيها ملابس لكم وحقيبتين فيها مواد غذائية نرسلها لكم مع سيارة ابن اختي حيدر علي .
اخذنا الشنطة وكانت ثقيلة جداً ، لكن مع الفرحة وكأن على ظهري ريش نعام ، طالت الطريق وكأنها ألف ميل ، ولكنها الفرحة ، وصلنا البيت وفتحنا الشنطة وبدأنا نقلب الملابس والشماغات والثياب والملابس النسائي وكانت فرحه غامرة لا انساها .
في الحقيبتين الأخريات ارسلوا لنا الرز والسكر والحلويات والتمر وحلويات لأول مره نذوقها.
بقي العم حمد على هذا الحال أكثر من 13 سنة، يرسل لنا كل اربعة اشهر بمبلغ مالي كبير، ويرسل لنا في رمضان والعيد ، وعندما يروح صاحب ابي يرسل ملابس ورز وسكر وكل اصناف الحلوى .
توفى العم حمد سليمان المهباش وبقي على هذا الحال ولده سليمان حتى انقطع التواصل بيننا عام 2005 تقريبا.
الشعب السعودي شعب كريم وعزيز ومضياف، وهذه قصة معنا ومثلها الآف القصص مع اليمنيين ، خير السعودية وصل لكل بيت في كل انحاء اليمن .
الفيلم مسيء لكل عربي وليس للأشقاء في المملكة فقط.
المصدر| صفحة الكاتب على فيس بوك
( https://www.facebook.com/share/p/321kTqv2ThmF5BCY/)