×
آخر الأخبار
مأرب.. جامعة إقليم سبأ تدشن فعاليات أسبوع الجودة تعذيباً وحرقاً.. مقتل شاب على يد عصابة مسلحة في "مذبح" بصنعاء الناشط الحوثي "الأمحلي" يكشف عن تعرضه للتعذيب في سجون جماعته بصنعاء  وفاة واصابة 23 شخص بحوادث مرورية خلال يوم واحد  مجلس القيادة يناقش إجراءات معالجة العملة الوطنية 8 سنوات من الحصار.. أهالي جمعية الفرقة السكنية في صنعاء يشكون ظلم وفساد الحوثيين  الوحدة التنفيذية في مأرب: تصريحات الوكيل "محمود صالح" عارية عن الصحة ومغايرة للواقع الميداني الخارجية الأمريكية تناقش مع "مسقط" قضية موظفي سفارتها في صنعاء المحتجزين لدى الحوثيين  رئيس الوزراء يوجه بإلغاء أي إجراءات تستهدف نشاط نقابة الصحفيين اليمنيين "الغذاء العالمي" يعلن عن حاجته لـ1.5 مليار دولار لتمويل أنشطته في اليمن 

التعليم وبناء الدولة

الإثنين, 06 نوفمبر, 2017 - 05:30 مساءً


"كل من يتوقف عن التعلم فهو كهل، ولا يهم إن كان في العشرين أو في الثمانين من عمره، بينما كل من لا ينفك يتعلم يظل شابًا".. هنري فورد
 
لا السياسة ولا الحرب ولا كل هذا العبث الحاصل سيعيد لنا الوطن المسروق منذ قرون، منذ أن خرجت أمتنا اليمنية عن الفاعلية الحضارية، وذهبت لتكون تابعة لهذا الطرف أو ذاك، وتماهت في أهداف أمم أخرى تحت مسميات الدين والقبيلة وغيرها من المسميات. وحده التعليم من سيبعث هذه الأمة من تحت الرماد، ومن يراهن على غير التعليم فرهانه خاسر مهما أمتلك من الوسائل والإمكانيات والأفكار والدعم، فمسألة التعليم متعلقة بقداسة الإنسان، والإنسان قداسته مقدمة على قداسة الأديان بحسب قول المعلم الأول محمد بن عبدالله "لأن تهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من أن يراق دم إنسان" أو كما قال عليه الصلاة والسلام، وقتل الإنسان له معنيان الأول قتله حسيا والثاني قتله معنويا بهدم نظام المعرفة لديه وتجهيله وإخراجه عن نطاق الفاعلية، وسلبه قيمة وجوده في الحياة وهي محصلة الاستخلاف والاعمار، هل سمعتم عن جهل يعمر الأرض؟؟؟!!!
 
في اليمن مشكلة التعليم وأنظمته ومناهجه قديمة قبل كل هذا الوضع الذي  نعيشه حاليا، ولو فرضنا أن البلد تأسس على قاعدة علمية ونظام تعليمي سليم بعيدا عن المكايدات والجهويات والأيديولوجيات والطوائف وسياسة المقايضة والمحاصصة والاستحواذ لما كان حالنا قد وصل إلى ما وصلنا إليه اليوم من حروب وتشرد وضياع الجميع دون استثناء، لو استفادت مناطق القبائل من شبوة إلى صعدة  من نظام تعليم صحيح لما وجد اليوم من يحارب الدولة أو يحارب الوطن والشعب، لقد ارتكبت الأخطاء ومبتدأها من التعليم الضعيف الذي لم يحرر لنا عقلاً ولم ينتج لنا معرفة ولم يخلصنا من خرافة العادات والتقاليد والاسلاف والأعراف، لقد احتفظنا شمالا وجنوبا وشرقاً وغرباً بأعرافنا الاجتماعية البالية التي لا تساهم في تنمية ولا تساعد في قيام نهضة، ثورات سياسية وعسكرية وانقلابات لم يصاحبها ثورات معرفية وفكرية، وكل الأفكار المستوردة فاقمت المشكلات الموجودة وخلقت مشكلات جديدة للمجتمع.
 
بعد انقلاب 2014 ذهبت الطائفة إلى تغيير المناهج وتغيير التاريخ ظناً منها أنها ستصنع معرفة غير مدركة أنها تصنع احقاداً وقنابل موقوتة، ولعنة ستصيبها قبل غيرها، فماذا فعلت الشرعية التي تمثل الدولة؟ هل ساهمت في استمرار التعليم بحده الأدنى؟ هل اهتمت بأجور المعلمين؟ هل حاولت فتح الطريق للطلاب نحو مدارسها وجامعاتها في المناطق المحررة؟؟
 
 لست بصدد محاكمة الشرعية ولا محاكمة الانقلاب، دعونا نفكر بطريقة أكثر عقلانية، لماذا لا نختلف في السياسة والاقتصاد والحرب والسلم، ونتفق جميعا في مسألة التعليم، لماذا نقحم التعليم في الخلافات السياسية والطائفية والحربية؟ هل هناك إمكانية لإنقاذ التعليم والإبقاء عليه في حدود المعقول والمقبول حتى لا نصنع هوة لهذا الجيل سندفع ثمنها مستقبلا؟
 
هل بالإمكان تجنيب وزارات التعليم الثلاث" العام والمهني والعالي" ويلات الخلافات السياسية؟ هل مازال هناك عقلاء في هذا البلد؟ هل نستطيع وضع خطة مصغرة لهذه الوزارات لتدار من قبل بيروقراطيين ذوي كفاءة ونزاهة وحياد في كافة ارجاء اليمن الكبير؟ هل يستطيع المبعوث الأممي مساعدتنا في هذا الشأن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الحاضر وإنقاذ المستقبل من هذا السفه الذي نعيشه؟
 
يتحدث أهل الانقلاب عن إيقاف التعليم والذهاب بالطلاب إلى الجبهات، وينصح فريق من الشرعية باتخاذ قرار إيقاف الابتعاث لعامين قادمين.. النتيجة كارثية.
 
 يرفض كلا الطرفين التشبه ببعضهما ومجرد تشبيههما ببعضهما يثير الحساسية هنا وهناك، ونحن بطبيعة الحال نربأ بشرعيتنا وبدولتنا وحكومتنا من المضي في هذه الجزئية المتمثلة في إيقاف الابتعاث والبحث عن معالجات ومساعدات دولية وإقليميه لمعالجة الخلل المالي.
 
الابتعاث مشكلاته جمة وهي انعكاس للحرب والانقلاب والسياسيات لكن إيقافه ليس حلاً، أيهما أهم ذهاب الشباب للموت في الجبهات أم للتعليم؟ إذا كان الانقلاب بلا خيال وبلا رؤية وبلا حلم بالمستقبل، فاني أزعم أن الشرعية والحكومة لديها مشروع وطني متكامل لبناء المستقبل، وبناء جيل المعرفة لا يغيب عنها، ولذا ادعوها إلى التراجع خطوة في مسألة إيقاف الابتعاث، وإعادة النظر في هذا القرار فهناك طلاب سيتوقف مستقبلهم بهذا الإيقاف الجزئي والمؤقت، وعلى عاتق هؤلاء الطلاب يقع بناء المستقبل.
 
قد نسهم كباحثين في وضع الإشارات الهامة أمام شرعيتنا وحكومتنا التي حلت الكثير من المعضلات في الداخل، وأثبتت خلال أشهر من تكليف دولة رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر أن هناك من يقاتل في سبيل استعادة الدولة بإعادة الحياة إلى المؤسسات وتطبيع الأوضاع وإرساء الاستقرار، لقد نجحت الحكومة في استعادة مؤسسات الدولة في مارب وحضرموت وعدن -إلى حد ما - لما يوجد في العاصمة المؤقتة من مشكلات وتداخلات تعيق الحكومة والسلطة المحلية عن العمل، وبزيارة وفد الحكومة إلى تعز تكون الحكومة قد أنجزت الكثير وتبقى عليها إنجاز الكثير.
 
هذه الحكومة التي تحظى بإجماع شعبي وتأييدها يأتي من تأييد شرعية الرئيس هادي يجب أن تُدعم وأن يتم التعامل معها من قبل التحالف كشريك وثيق للتحالف بدون منافس في كافة الأراضي المحررة، إن دعم الحكومة يجب أن يستمر، فهي الوحيدة المخولة بإدارة مؤسسات الدولة وهي المرجع الأول للسلطة التنفيذية، وعلى الأشقاء في التحالف وفي الخليج تفهم حساسية الوضع ومد يد العون بسخاء للحكومة حتى تستطيع الإيفاء بالتزاماتها أمام المواطنين و منها التعليم ...
 
إن دعم التعليم في اليمن مسألة ضرورية للغاية ويجب ألا تغيب عن دول التحالف التي تسهم اليوم في تحجيم أذرع إيران في اليمن بل وبترها، وهذا لن يكون بدون دعم التعليم وبسخاء، ماذا يعني وجود 6000 طالب يمني في الخارج، تستطيع أصغر دولة خليجية تحمل نفقاتهم، بل ومضاعفة عددهم إلى عشرة أضعاف، هذه الخطوة يُبنى عليها تحديد مستقبل اليمن وشكل الدولة، ودحر الكهنوت، بالإضافة إلى خطوة دعم الجامعات والمدارس في المناطق المحررة وتوسعتها لاستيعاب الطلاب من مختلف مناطق البلاد حتى يتم تعويض البلد النازف ورفد مستقبله بكوادر مؤهلة لبناء الدولة المدنية.
 
كما يجب الأخذ في الاعتبار أن اليمن بحاجة إلى صناعة قيادات لتقود المرحلة المقبلة، وهذا يوجب على الحكومة تغيير سياسة الابتعاث العبثية التي كانت في العهد البائد، مجموعة من غير المتخصصين قرروا إيفاد بعض التخصصات التطبيقية وكأن المؤسسات قائمة وما تحتاجه البلد هو المزيد من الكوادر في المجالات الخدمية وحدها، لقد تضخمت بعض التخصصات على حساب البعض الأخر، ولم يكن هناك توازن، البلد بحاجة إلى تأهيل كوادر قيادية، وابتعاث باحثين في تخصصات عليا في الإدارة والتخطيط والإقتصاد والسياسة والإعلام والقانون.. من أصحاب الكفاءات والناضجين ومن ذوي المعدلات العالية ولديهم الإهتمام في نهضة البلد وتحسين أداء مؤسساتها، إننا كبلد خام بحاجة إلى خلق نخبة قادرة على صناعة التحول، تصنع بمواصفات عالية ودقيقة، فلن يصنع الحياة العصرية التي ننشدها و الدولة المدنية التي نصت عليها مخرجات الحوار دون صناعة قيادات حقيقية بعيداً عن الردح والمزايدات الفارغة. 
 
لن تخرج البلد وهذا الجيل من مشكلات التعليم بمواصفاته الحالية دون وجود الرغبة الحقيقة لدى الناس بالتعليم، فالتعليم بدون رغبة يتحول إلى تجميد العقول وتخريج المزيد من الباحثين عن وظائف دون إبداع وابتكار، مجرد موظفين يبحثون عن دخل وإعالة، والحل يكمن في التعليم الذاتي يا أبناء وبنات شعبنا يا كل من تنشدون التغيير عليكم بالمعرفة، والمعرفة قبل أن تكون منحة حكومية أو مقعد في جامعة محلية أو أجنبية هي قرار ذاتي نابع من اهتمام بمجال من المجالات المعرفية، وقلة هم من ينهجون هذا الطريق، مع أنه أقصر الطرق نحو المعرفة، بناء الذات هي مهمة شخصية تقوم بها أنت قبل أن تنتبه الحكومة للأخذ بيدك.
 
 كم لدينا من الكوادر التي تدرك ماذا تريد من التعليم من التخصص من المضي قدماً في البحث العلمي؟ تصعب الإجابة على هذا السؤال و من يتحتم أن يجيب عليه هم الأفراد قبل الحكومة.
   
70 مليون دولار هو ما تنفقه الحكومة على المبتعثين سنوياً، هذا الرقم صغير جدا وضئيل جدا ولا يساوي ربع ما تنفقه "المتفرطات" سنويا على الإكسسوارات والمتعلقات بأمور الموضة والقات والشيشة في اليمن، الرقم مضحك، لكنه واقع الحال، نحتاج إلى مضاعفة الرقم إلى عشرات الأضعاف لتأهيل الشباب الطموح، وهذا في النهاية سيصب في خانة بناء مؤسسات الدولة المدنية المنشودة، ببناء القدرات القادرة على بناء نماذج المؤسسات، ونقل التجارب العالمية إلى اليمن، على أي غرار سنبني دولة المؤسسات أو الدولة المدنية؟ الإجابة على هذا السؤال تحدده مخرجات التأهيل العالي للكوادر الموفدة إلى الخارج.
  
وبما أننا نعيش زمن الحرب يقول نيلسون مانديلا "التعليم هو أقوى سلاح من الممكن استخدامه لتغيير العالم" ونحن بالطبع لا نريد تغيير العالم بل تغيير اليمن ونقلها من هذا الوضع المتخلف إلى الوضع الحضاري الذي كانت تمثله في مراحلها السابقة قبل ضياع الهوية والانشغال بقضايا جانبية.
 
 وكما نحث الحكومة على دعم التعليم فإننا نحث القطاع الخاص إلى القيام بدوره في التعليم "فالاستثمار في المعرفة يحقق أفضل عائد" بحسب بنيامين فرانكلين.
 
لا نريد سوى العبور إلى المستقبل والتعليم هو جواز السفر إلى المستقبل بحسب مالكوم إكس، فرجاء يا حكومتنا ورجاء يا قيادتنا أعيدوا النظر بمنظومة التعليم بكاملها و ادعموا كل مفاصلها بامتيازات قصوى من أول خطوة في المدارس و المناهج إلى استمرار الابتعاث و تحسين جودة مخرجاته، والعالم لن يتأخر عن دعم التعليم في اليمن فليس من مصلحة العالم أن يكون الشعب اليمني متخلفا تتقاذفه الطوائف وجماعات الظلام والكهنوت.
 

*نقلاً عن الصحوة نت
 


اقرأ ايضاً 

كاريكاتير

فيصل علي