محاكم التفتيش الحوثية
الجمعة, 24 نوفمبر, 2017 - 03:27 مساءً
أكثر من مائة وعشرة أرواح أزهقت بالتعذيب في سجون عبد الملك الحوثي وجزاريه في المحافظات التي يسيطرون عليها...!!
مائة من البشر أُدخلوا وهم بكامل قواهم الجسدية والعقلية وبلا أي جريمة، تم إزهاق أرواحهم في السجون السرية التي تنتشر في المدارس والعمارات والفنادق والمستوصفات والمعسكرات إضافة إلى السجون المعروفة.
يُختطف "محمد العدوفي"، ليلة زفافه في الحديدة، فيخرج جثة هامدة مشوهة..! ويخرج "سليمان يحيى" جثة هامدة بعد أشهر من التعذيب، بعد خطفه من مديرية المغلاف في الحديدة أيضا، ومثله شقيق الشيخ "أمين جعفر"، و"محمد عبدالله ابو زيد" وغيرهم..!!
وفي صعدة عذَّبت مليشيا الحوثي مدير إدارة التعليم في مكتب التربية بصعدة "مجلي عبد الله فرحان" حتى الموت..! والأبشع كان في محافظة إب للمواطن "محمد السبل" الذي سُحِّل إلى المعتقل سحلا، وعُذِّب أبشع صنوف العذاب وقُطِّع عضوه التناسلي ولسانه ووجدت جثته مشوهة بشكل لا يصدقه عاقل...!
وفي إب أيضا، عثر أبناء مديرية الرضمة على جثتي "عبدالكريم القحف" ونجله الشاب "المقداد" مرميتين على قارعة الطريق في جبل "شيزر" بعزلة الصبار، وعليهما آثار تعذيب بعد أن اُعتقلا لفترة في سجون الحوثي بعد اختطافهما من المنزل.
مثلهما أيضا "مجاهد الزيدي" من أبناء بعدان-محافظة إب، حيث سُجِّن في الأمن السياسي شهرا ونصف مع شقيقيه من قبل مليشيات الحوثي وتوفي بسبب التعذيب...!
آخر الضحايا- حتى الأن- كان الشاب "أحمد الوهاشي" من محافظة البيضاء وسط اليمن، والذي تم تعذيبه طوال شهر في سجن (هبرة) بصنعاء سيء الصيت...!
ليس المقام هنا لرصد حالات القتل تعذيبا، لأن القصص لا يتسع لها مقام سوى تقارير حقوقية يجب أن توثق كل هذه الجرائم، وبدئ التحرك أولا لإيقاف هذه الجرائم، ثم لحفظ حق الضحايا في العدالة وصون ذلك الحق للإنصاف سواء اليوم أم غدا.
لا شيء يضاهي تلك الجرائم بشاعة، سوى الصمت الحقوقي المحلي والدولي إزاء ملف لا أحد يلتفت له، واللعب على أوراق الملفات السياسية أكثر من الإنسانية، حيث كَشَفَ الملف الإنساني اليمني الكذبة الإنسانية الكبرى للمنظمات الحقوقية خصوصا العالمية منها...!
لم تشهد اليمن في تاريخها هذا الكم من الحقد والغل للتعامل مع المختلفين، ولو خلافا بسيطا مع الأفكار والآراء، ولم تُعرف هذه البشاعة في القتل والتعذيب إلا في عهد جماعة الحوثي الوحشية.
باتت السجون الحوثية، التي تجاوزت الأربعمائة سجنا، أكثر وحشية من سجون محاكم التفتيش الإسبانية في مرحلة ما بعد انتهاء الوجود الإسلامي هناك، وخُلِّدت تلك الحقبة في متحف للتعذيب يوجد بالقرب من جامع قرطبة في أسبانيا حاليا.
أي متاحف ستتسع لجرائم الحوثي؟
لا يمكن لأي متحف أن يحوي هذا الكم من الوحشية، والتعامل مع البشر على أنهم مجرد كائنات صالحة للموت سواء بالتعذيب أو الألغام أو القصف أو الموت جوعا، كأرخص مكرمة يوزعها الحوثيون على هذا الشعب.
تركيز المجتمع الدولي على ملف القصف أفقد اليمنيين قيمتهم كبشر، فاستمرئ الحوثي قتل الناس بالطرق الأبشع والأكثر سرية حتى وصل الأمر إلى بيع الجثث لذوي الضحايا بيعا...!!
ظلت "مفوضية حقوق الإنسان" مشغولة بطيران التحالف، ومثلها منظمة "هيومن رايتس ووتش" ومنظمة "العفو الدولية"، وغيرها..، إضافة إلى وكلاءهم في الداخل، بينما مازال ملف السجون هو الملف الذي يشهد أكبر عملية صمت دولي، في حين أن حالات القتل والشلل جراء التعذيب، وحالات الأمراض المستعصية جراء تلك الوحشية، في تزايد...!
لولا ثلة من نساء اليمن، في "رابطة أمهات المختطفين"، لاختفت عشرات الجثث دون أن يعلم عنها أحد...! ولولا صمود تلكمُ الأمهات في متابعة ذويهن، لكان عشرات المختطفين في خبر كان...!
وهنا يجدر بنا الإشارة مع الإشادة بتلكمُ الأمهات والزوجات والأخوات العظيمات اللائي وقفن في وجه كل الاعتداءات عليهنّ وصمدنَّ في وجه كل وحشية طالتهنَّ وذويهنَّ.
يوم وراء آخر، تفقد الأسر عائلها؛ إما قتلا أو إقعادا لأحد ذويها، وتمر السنين وراء السنين، وآلاف الضحايا خلف القضبان.. ! والمحظوظ من عرفت أسرته عنه شيء، بينما المئات أُخفيت آثارهم، ولم يُعلَّن عن وجودهم، أو عن وفاتهم، عقب الجائحة الحوثية.
لا شيء يمكن أن يجعل كل هؤلاء المنكوبين ينسون ما فعلت بهم الجماعة الحوثية...! وسيبدو من السذاجة حتى التفكير بالتسامح، سواء اليوم أم غدا، فالقتل تعذيبا لا يمكن أن يكون القائم عليه شخص سوي يستحق التفكير في التسامح معه.
وخزة
كتب الثوري الوطني اليمني الراحل "عبدالله عبدالوهاب نعمان" قصيدة خاطب في خاتمتها الإمام أحمد قائلا:
يا جيفة التاريخ هل من حفرةٍ تؤويكَ إذ سئمتك هذي الدارُ
أم أن ظهرُ الأرضِ أنذرَ بطنها أن احتوائك سبُّةٌ وشنــارُ
أم أن عزرائيل يأنفُ أن تدنس كفه من روحك الأقــــذارُ