×
آخر الأخبار
في لقاء مع رئيس الوزراء.. ممثلو الأحزاب يؤكدون ضرورة معالجة الاختلالات وإعادة الاعتبار للدولة بالتزامن مع تصعيد للمليشيا.. استشهاد خمس نساء بقصف حوثي غربي تعز مسؤول حكومي يدين اختطاف صحفي في صنعاء وترويع أطفاله حجة.. قتيل وجريح من "المواطنين" برصاص مسلح حوثي يعمل "حارساً" لـ "دورة صيفية مغلقة" صنعاء.. مليشيا الحوثي تختطف الناشط العراسي على خلفية تناوله قضية "المبيدات" المحظورة دائرة الطلاب بإصلاح أمانة العاصمة تنعي التربوي "فرحان الحجري" مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"  "هولندا" تؤكد دعمها للحكومة الشرعية لتحقيق السلام الدائم والشامل انتهاك للطفولة.. منظمة ميون تحذر من مراكز الحوثي الصيفية لمشاركتهم في تظاهرة احتجاجية.. الحوثيون يختطفون أربعة من موظفي مكتب النقل بالحديدة

رحلة العذاب من صنعاء

الثلاثاء, 26 ديسمبر, 2017 - 06:58 مساءً


رغم صيتها المخيف؛ حزمت أمتعتي وعزمت الخروج من صنعاء، بعد طغيان مليشيا الحوثي فيها وإذلالنا في أرضنا وبيوتنا وتهديدنا بالقتل وانتهاك أعراضنا، والتعدي على النساء غير آبهين لدين ولا عرف أو قبيلة.
 
قررت الخروج من صنعاء بعد أن ذبحت كرامتنا على يد الحوثي وكسرت رجولتنا على فوهات بنادقه وتحت مجنزرات دباباته.
 
خرجت بأسرتي في الليل عازما الهروب من صنعاء ولم آخذ إلا ماخف من ملابسنا، وتركت منزلي بما فيه لئلا يشعر بهروبنا أحد.
 
حجزت على باصات النقل الجماعي والكل يتحدث عن تلك النقطة الحوثية، إلا أني توكلت على الله، وتحرك الباص في الساعات الأولى من الصباح وأيدينا على قلوبنا الراجفة عند كل نقطة حوثية حتى تعدينا صنعاء ودخلنا مدينة ذمار، ونقاط الحوثي مصطفة لا فرق بينها سوى أمتار.
 
يمد سائق الباص يده بورقة ليأخذها منه المسلحين في كل نقطة، مكتوب عليها أسماءنا وأرقام بطائقنا وجوازاتنا.
 
كان السفر طويلا ومتعبا ناهيك عن التوتر والخوف من بطش المليشيات في النقاط أو الاختطاف، ففي كل نقطة يطلبون بطائقنا ويحدقون في وجوهنا وكأنهم يبحثون عن سبب يمكنهم منا.
 
وصلنا رداع وعند البيضاء أبطأ الباص وأخبرنا السواق بأن نستعد لوقفة طويلة قد يقل فيها عدد الركاب... سمعت همسا يتعالى بين الركاب وضجة خوف من هذه النقطة لأسمع أحدهم يهمس لصديقه" هذه أخس نقطة، نقطة أبو هاشم اللعينة، الخارج منها حي".
 
نظرت إلي زوجتي بخوف فأومأت لها بهدوء بأن تطمئن رغم موجة الخوف التي عمت الركاب.
 
توقف الباص... فصعد رجل أشقر وعند تحدثه بدت لكنته شامية وطلب من السواق أن يعطيه" القات والسيجارة" وأشار إلى المسلحين بمباشرة العمل فكانت وجوههم غبراء متغطرسة، أخذوا بطائقنا وسألوا كل واحد منا عن وجهته وسبب سفره وكأنه تحقيق مصغر أعقبه أمر بإنزال كل ذكر فوق العشر سنوات لإكمال التحقيق خارج الباص.
 
خرجت من جنب عائلتي ونزل معي أطفال بعمر(13 سنة) والخوف يعلو وجوههم سألتهم عن سفرهم فقالوا" نطلب الله على أهالينا..." كان أمامي عدد من الرجال أنزلتهم المليشيات مسبقا من باصين واقفين أمامنا؛ كان العدد كبيرا جدا، وبدأ الحوثيون يتصرفون معنا بمنتهى الإذلال و العنجهية، لم يرحموا الأطفال الذين خرجوا لإعالة أسرهم وأخذوهم مباشرة عبر أطقمهم ولا أدري إلى أين.
 
جمعونا مع رجال الباصات السابقة وأجلسونا على الأرض كالبهائم ومنعونا من الوقوف أو التحدث موجهين أسلحتهم إلينا.
 
من بين الظلام جاء أحدهم على رأسه مصباح صغير ومن خلفه مرافقيه صعد على طقم- سيارة جيش- كان أمامنا، وأخذ ينادي على أصحاب البطائق واحدا تلو الآخر ليحقق معه مرة أخرى، وكان من بين التحقيق إصرارهم بأننا سنذهب إلى مأرب ونلتحق بالمقاومة لقتالهم.
 
وبأعجوبة نفذت من بينهم بعد ثلاث ساعات من التحقيق، وأعتقد أنها دعوات زوجتي وبناتي، فيما اختطفت المليشيات خمسة عشر من ركاب باصنا.
 
تحرك الباص أخيرا من نقطة أبي هاشم، وأخذ الجميع يلعن تلك النقطة، وذكر أحد الركاب أن بجانب النقطة سجن اسمه" القلعة" مشهور بأن من دخله لا يخرج، وأضاف أن أحد أقاربه اختطف في ذات النقطة عندما كان في طريقه للعمل بأحد المحافظات؛ وأودعوه سجن "القلعة" ولم يخرج إلا بعد وساطات وأموال ضخمة ليروي حال من رآهم في ذلك السجن وكأنهم رجال الكهوف بشعر طويل وأظافر يبدوا عليها آثار الزمن الطويل وأنهم لم يروا الشمس منذ سنوات، ولا يعرف ذويهم أأحياء هم أم في عداد الموتى.
 
وصلنا مأرب وهنا تنفست الصعداء وشعرت بالأمان، وجدت الجمهورية اليمنية في شوارعها وأهلها، تمنيت أن أبقى فيها لكن وجهتي مختلفة.
 
أعيش الان تحت جناح الشرعية استنشق عبير الحرية وقلبي على صنعاء وأهلها وما يعيشونه من ذل وعبودية تحت وطأة الحوثي، وأتذكر تلك النقطة الكابوس المريع وما حملت من حكايا مأساوية وضحاياها وما آلت إليها أحوالهم فأشعر بالغصة، إلا أن أملا يراودني بقرب انكسار القيود ودحر الإماميين والظلاميين، لتعود صنعاء مزهرة أكثر من ذي قبل ونعود إليها أحرار.
 


اقرأ ايضاً 

كاريكاتير

محمد سعيد