×
آخر الأخبار
 المحامية "الصراري": عبدالملك الحوثي يقف خلف كل الانتهاكات التي طالت الصحفيين   في لقاء مع رئيس الوزراء.. ممثلو الأحزاب يؤكدون ضرورة معالجة الاختلالات وإعادة الاعتبار للدولة بالتزامن مع تصعيد للمليشيا.. استشهاد خمس نساء بقصف حوثي غربي تعز مسؤول حكومي يدين اختطاف صحفي في صنعاء وترويع أطفاله حجة.. قتيل وجريح من "المواطنين" برصاص مسلح حوثي يعمل "حارساً" لـ "دورة صيفية مغلقة" صنعاء.. مليشيا الحوثي تختطف الناشط العراسي على خلفية تناوله قضية "المبيدات" المحظورة دائرة الطلاب بإصلاح أمانة العاصمة تنعي التربوي "فرحان الحجري" مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"  "هولندا" تؤكد دعمها للحكومة الشرعية لتحقيق السلام الدائم والشامل انتهاك للطفولة.. منظمة ميون تحذر من مراكز الحوثي الصيفية

قصة العبث بمراكز البحث العلمي بجامعة صنعاء

الاربعاء, 27 ديسمبر, 2017 - 06:17 مساءً


ذكرت في مقالٍ سابق بعنوان (براءة للذمة.. توضيح بخصوص ما حدث في اجتماع مجلس جامعة صنعاء) قصة القرار الذي تم اتخاذه في مجلس الجامعة مطلع هذا الأسبوع بطرق ملتوية لتعيين ما يقارب الثلاث مئة دكتور ومدرس ومعيد بعيدا عن المعايير والضوابط التي يحددها قانون الجامعات اليمنية ولائحته التنفيذية.
 
وبموجب صيغة القرار فإن من لا تنطبق عليهم الشروط الأكاديمية من هذا الجيش الجرار الذي يراد تعيينهم على أنهم متظلمين (في تعريف عجيب لمعنى التظلم والمتظلم)، سيتم إحالتهم إلى المراكز البحثية في الجامعة، وهذا ما جعلنا نحكي لكم قصة هذه المراكز بأبعادها المُبكية والعبثية.
 
فمعظم هذه المراكز تم تأسيسها في أواخر العقد الأول من القرن  الحادي والعشرين، حيث بلغ عددها أكثر من عشرين مركزا، كان معظمها عبارة عن اسم  فقط لا نشاط له، ما يعني بأنه لم يكن المقصود من تأسيسها البحث العلمي لذاته، ولكن بغرض الدعاية لمنجزات وهمية لا وجود لها، وكذلك الاستحواذ على ميزانياتها التي كانت توضع رغم عدم وجود أي نشاط فعلي لمعظم هذه المراكز.
 
وتطور الأمر في هذه المراكز التي كان معظمها عبارة عن لوحة (إعلانية) لا أكثر،  بأن أصبحت وسيلة لتمرير التعيينات غير القانونية لأصحاب الوساطات، ومن لا تنطبق عليهم شروط التعيين المنصوص عليها في القوانين واللوائح ذات العلاقة، بحيث يتم التعيين بطلب من رئيس الجامعة، يقوم بتمريره في مجلس الجامعة بشكل أو بآخر، وذلك رغم النص الصريح في قانون الجامعات ولائحته التنفيذية على أن التعيينات الأكاديمية في المراكز تمر بنفس المعايير والاجراءات للتعيينات المماثلة لها في كليات الجامعة.
 
ولمن لا يعرف فالتعيينات الأكاديمية في الجامعات الحكومية وضع لها  القانون شروط وضوابط مشددة وواضحة، منها الإعلان عن الدرجات في وسائل الإعلام، ثم فتح باب المفاضلة العلمية بين المتقدمين الذين تنطبق عليهم الشروط، وفي مقدمتها عدم تجاوز العمر المناسب لكل درجة سيتم التعيين فيها، إلى جانب اشتراط أن لا يقل تقدير المتقدم للتعيين (لكل الدرجات العلمية) في شهادة البكالوريوس عن جيد جيدا، وأن يخلو سجله الأكاديمي من أي مواد رسوب.
 
ثم وُضع للتعيينات آليات يمر عبرها منعاً للتلاعب بها، بحيث تتم المفاضلة في مجلس القسم العلمي، ثم تمر تصاعدياً إلى اللجنة الأكاديمة في الكلية، ثم مجلس الكلية، ثم المجلس الأكاديمي في الجامعة، ثم مجلس الجامعة، وبعد الحصول على موافقة كل هذه المجالس يصدر قرار التعيين.
 
ولعل ذلك يوضح لنا كيف أصبحت التعيينات في المراكز البحثية وسيلة من وسائل الفساد والعبث في جامعة صنعاء، لأن معظم المعينيبن فيها كانوا ممن لا تنطبق عليهم الشروط الأكاديمية والفنية، إلى جانب عدم مرور إجراءات تعيينهم بكل المراحل التي تمر بها عملية التعيين في الكليات، حيث يتم التعيين في المراكز كما سبق القول بطلب مباشر يطرحه رئيس الجامعة على مجلس الجامعة، وكان المجلس مع الأسف يوافق على معظم تلك الطلبات لسبب أو لآخر دون النظر لانطباق الشروط العلمية والفنية على أولئك المعينيين.
 
كل ذلك ساعد أن تتحول المراكز البحثية في جامعة صنعاء بعددها الكبير إلى وكر لتمرير التعيينات الأكاديمة غير القانونية، وأصبحت معظم  تلك المراكز تعاني من بطالة مقنعة، حيث تكدس المعينون فيها، ولم يجدوا أعمالا لهم، وكثير منهم كانت تخصصاتهم لا تتوافق مع مهام المراكز التي عينوا فيها، لذلك أصبح معظمهم لا يحضرون إلى مراكزهم إلا في آخر الشهر لاستلام مرتباتهم (يوم كان هناك مرتبات وقبل أن يتم قطع مرتبات منتسبي جامعة صنعاء وغيرها من مؤسسات الدولة منذ أكثر من عام).
 
وقد دفع ذلك بأعضاء مجلس جامعة صنعاء قبل أكثر من سنتين لطلب وضع لائحة تنظم عمل المراكز البحثية، وبالفعل شكل المجلس لجنة من بين أعضائه كلفها بوضع لائحة المراكز في جامعة صنعاء، حيث تم إنجاز تلك اللائحة التي وضعت النقاط على الحروف، وقامت بوضع ضوابط لعمل تلك المراكز، بحيث يتم دمج بعضها وحصرها في عدد محدود ليتم تفعيلها، ووضعت معايير لتقسيمها إلى مراكز في مستوى كليات، ومراكز تابعة للكليات، والأهم من كل ذلك نصت تلك اللائحة على إيقاف كل التعيينات غير مكتملة الشروط في تلك المركز، واشترطت أن تمر تلك التعيينات بنفس المعايير والإجراءات التي تمر بها التعيينات في الكليات.
 
ولكن يا فرحة ما تمت، فقد طلعوا لنا بطلب تعيين من أطلقوا عليهم تسمية المتظلمين، وعددهم صار يقارب الثلاث مئة اسم، حيث فرضوا على مجلس الجامعة قراراً ينص على تعيينهم، رغم أنهم جميعا لم يمروا بمراحل التعيين التي ينص عليها قانون الجامعات اليمنية، ولا تنطبق على معظمهم المعايير الفنية والأكاديمة، وفي مقدمتها العمر والتقدير وعدم وجود مواد رسوب في البكالوريوس.
 
وبناء على صيغة القرار فمن لا تنطبق عليهم الشروط الأكاديمية للتعيين الموضحة في القانون واللائحة لن يتم رفضهم، ولكن (ويالها من لكن) سيتم تحويلهم جميعا للتعيين في المراكز البحثية!! ما يعني إلغاء كل نصوص لائحة المراكز المشار إليها. علما بأن مجلس الجامعة بعد إنجاز لائحة المراكز كان قد أوقف جميع التعيينات في المراكز غير المتطابقة مع القانون واللوائح، وشكل لجنة من بين أعضائه لتوفيق المراكز القائمة مع لائحة المراكز المذكورة، وصارت لجنة توفيق أوضاع المراكز في المراحل الأخيرة لإنجاز عملها.
 
ثم يأتي هذه القرار الكارثة، الذي سيعني تحويل الذين لا تنطبق عليهم الشروط والمعايير في قائمة (المتظلمين) وهم غالبية من في تلك القائمة، بحيث يتم تعيينهم في هذه المراكز ، رغم أن المراكز تعاني حاليا من تكدس أصحاب التعيينات السابقة والتي تمت في معظمها خارج إطار القوانين واللوائح والمعايير العلمية كما سبقت الإشارة.
 
وهذا يجعلنا نضع هذه التساؤلات أمام من يهمه الأمر (ولم نعد ندري من هو ؟) ونقول: هل التعيين في المراكز يعد وسيلةً أم غاية؟ وكيف نُعيّن في هذه المراكز أناس لا تحتجاجهم حتى إن كانوا مكتملي الشروط؟ فما بالك إن كانوا كلهم غير مكتملي الشروط؟ ولماذا صرنا ننظر للبحث العلمي والمراكز المسؤولة عنه بكل هذا القدر من الاستهتار والعبث ولازدراء؟!
 
أخيرا يلزم التوضيح، بأن ما ذكرناه عن المراكز البحثية في جامعة صنعاء يتحدث عن الغالبية وليس عن الكل، ولا يخفى بأن لكل قاعدة استثناء، سواء على مستوى تقييم عمل المراكز، أو تقييم المعينيين في تلك المركز ونشاطهم البحثي فيها.
 
*نقلاً عن التغيير نت
 


اقرأ ايضاً 

كاريكاتير

د. عبد الله أبو الغيث