دوافع جرائم «الأطهار»
الاربعاء, 03 يناير, 2018 - 06:09 مساءً
تفكيك شفرات الاستغراب من جرائم الإماميين الجدد بحق اليمنيين يستدعي التعمق في تفسير طبيعة الصراع من وجهة نظر الحوثيين ، وبدون ذلك فإن ظُلَل الاستغراب ستبقى حاجبة للعقول… كوْن النظر المجرد اليوم إلى مشروع الإمامة على أنه يسعى لاستعادة الحكم للسلالة فقط لا ينسجم مع حجم الجرائم الممنهجة بحق اليمنيين بعد تمكنهم من السيطرة على بعض مناطقهم .
إن ما يجري ينمُّ عن حقد متراكم لغزاة أرضٍ يرون في تحريرها نكبة لهم، ولغزاة عقول يرون في تصحيح مفاهيمها ازدراء بهم، ولأساطين استبداد يرون في حرية الشعب عدوانا عليهم ، ولدعاة استعباد يرون في تعزُّز مفاهيم التوحيد انتقاصا لحقهم.
إن ما جرى منذ الثورة السبتمبرية الخالدة قبل خمسة عقود من انفكاك الشعب من هيمنة الكهنوت، ونمو القيم الانسانية في حياته… قد أشعل ثورة الأحقاد لدى السلالة لترى في حياة الشعب الطبيعية منغِّصا لحياتها الطبيعية، وفي سعادة الشعب شقاء لها، وللمــتأمل أن يتصور المجالس الخاصة بالسلاليين وهم يتناقشون التغيّرات التي حلّت بمشروعهم والتي يرونها في يوميات حياتهم الاجتماعية والثقافية والسياسية، والتي جعلت من اليمني مديرا ووزيرا ومحافظا بل ورئيسا… لتشكل تلك التغيرات كوابيس تقظ مضاجع هواة الاستعباد ومدمنيه .
وكم هي المظاهر التي يتألمون لمشاهدتها لأكثر من خمسة عقود من حياة اليمنيين بعد استعباد دام اكثر من الف عام.
ولقد كان لتبلور مشروعهم الإمامي أعظم الأثر في إذكاء الأحقاد.. فقراءتهم للأحداث من زاوية إمامية خالصة يحدوها الأمل بالعودة باليمنيين إلى سابق عصورهم المظلمة يُعدّ معززا لتغذية مشاعر الكراهية في اتجاه الشعب الذي يرون فيه شاردا عن حديقتهم الممتلئة بأشواك الكهنوت البغيض.
وحين انقضّ هؤلاء ” الأطهار ” على السلطة، وتسلطوا على رقاب اليمنيين ظهرت جرائمهم الشاذة عن جرائم عشاق السلطة في كل الدنيا، والتي تنبئ عن حقد دفين تراكمت جيفه على مدى خمسة عقود… وحين ذاك فإن الكثير من أفعالهم بعد سيطرتهم على المحافظات المكلومة بهم لا ينصبُّ في توطيد حكمهم أو تعزيز سلطتهم قدر ما هو أقرب إلى حالة المنتصر الضّامئ لشراب الانتقام، والذي يرى في غروب شمس كل يوم سابقا لأوانه لعدم الاكتفاء بالانتقام من اليمنيين ذلك اليوم خاصة في ظل شعورهم بأن اختطافهم للسلطة لن يدوم.
إن استفراد المشروع الإمامي بالسلطة بعد قتل شريكه في الانقلاب يقضي بتغيير استراتيجية الشرعية والتحالف في التعامل مع الانقلاب الذي خلا من التهجين وبما جعل منه انقلابا إماميا خالصا.. وذلك بما يتناسب مع عظم الخطر الإمامي الإيراني الذي يتعدى خطره اليمن واليمنيين… لتجعل تلك الاستراتيجية من محو مصطلح الحوار من قاموس الشرعية أولوية ليحل محله مصطلح الحسم ومقتضياته لإيجاد الانسجام التام بين هدف استعادة الشرعية، واستخدام الأداة الناجعة لاستعادتها، وبما يضمن تطمين اليمنيين بأن الخطر الامامي قد زال ولم يعد له أملا في العودة لنكبة اليمن مرة أخرى.