الجيش الوطني وضرورة التلاحم
السبت, 29 يونيو, 2019 - 05:45 مساءً
التنوع في المجتمعات المدنية ظاهرة صحية والتعدد في المؤسسة العسكرية ظاهرة مرضية، والكل يعرف ان الجيش هو صمام الأمان لحماية الوطن من التشظي و التشرذم. والمؤسسة العسكرية هي الوطن وهي الحارس الأمين وكل العاملين فيها جنودا مخلصين له وفدائيون من اجل كرامته وسيادته.
ومن يريد مؤسسة عسكرية ذات أبعاد اخرى فغنما يدمر وطنه بيده ويقتل ابناء شعبه.
والمتأمل جيدا في الواقع الملموس يجد، أن هناك أطرافا لا تريد جيشا وطنيا يتمتع بوحدة القيادة والرؤية والهدف من أجل القيام بدوره الوطني في رد الأخطار ودفع الأضرار، وهذا لن يتأتى بجهود فردية بل لابد من رؤية حكومية واضحة المعالم لحفظ البناء المؤسسي العسكري وتطوير قدارته الحربية والفنية وفق رؤية الشرعية والتحالف العربي لاستعادة الدولة وهزيمة الانقلاب..
وإن أي تشكيلة او كينونه صغيرة او كبيرة خارج اطار وزارة الدفاع لقوات الجيش الوطني المسلحة تمثل خطرا كبيرا على الوطن ومكتسباته وممتلكاته لان هذه التشكيلات عبارة عن قنبلة موقوته مزروعة في جسد المؤسسة العسكرية وتعمل وفق رؤية اشخاص وتستوعب في صفوفها افرادا ليس لديهم مواصفات الجندي المخلص، كما أن التعبئة الخاطئة تنخر في جسد الولاء الوطني وتتحول الى ولاءات شخصية ذات أبعاد مصلحية وفي ظل هذه التكتلات تنشأ الجماعات المتطرفة والافكار المنحرفة..
لذا فان من أهم الأولويات وأوجب الواجبات الوطنية ان تصبح جميع التشكيلات العسكرية خاضعة إداريا وفنيا لوازرة الدفاع والحذر من المسميات ذات الابعاد المناطقية او الفكرية و المذهبية، أو حتى المسميات الشخصية لقادة لديهم رؤية منهجية وفكرية معينة بعيدا عن المنهجية الوطنية والمواطنة المتساوية..
وبعيدا عن ضرب الأمثال نظرا لمنهجيتي في كتابة المقال فقد استبعدتها لكي لايعتبرها المخالف مجرد حالة انتقام من فصيل معين او جهة معينة، لكن القارئ الذكي يفهم المقال من عنوانه ويعرف اننا نكتب مقالات ذات ابعاد وطنية وننتقد في اطار النقد البناء والمصلحة العليا..
ونحن نسمع من يقول نحن في مرحلة حرب وهذه طبيعة المرحلة وهذه المقولة قاتلة لأن هناك فرق بين الجيش النظامي والهبة الشعبية للمساندة والتأييد فالمساندون للجيش يعودون الى مواقعهم المدنية بعد أداء الواجب الوطني، لكن التشكيلات القائمة توحي بأن هناك جيش داخل الجيش ولكي لا ننزلق الى مستقبل مجهول يقود الى حروب مدمرة لابد من ضبط بوصلة الجيش وتصنيف الخارجين عنه كمليشيا ارهابية خارجة على النظام والقانون، وعلى العقلاء من كل الاطياف ان يدركوا ان الوطن لا يختزل في جماعة او مذهب او عائلة او سلالة.
الجيش الوطني له منهجية معينة خالية من عنصر الحزبية و المذهبية و المناطقية ولديه مناهج وطنية وضعها الخبراء وفق مواصفات الجودة اليمنية بعيدا عن اي نظرة قاصرة تهدد بناء المؤسسة أو تنال من مكانتها أو تنتقص من هيبتها...
وعلينا ان نعي خطورة مايجري وأن النخب والأحزمة ليست الا مسميات لكارثة وشيكة وحرب اهلية قادمة اشد بشاعة واكثر ضراوة، كما ان هذه التشكيلات تخدم المشروع الايراني في اليمن وتساهم في توسيع دائرة الانقلاب الذي يسعى لالتهام الجميع في حال تخاذلنا او صمتنا عن مثل هكذا تحديات.
إن إضعاف الجيش الوطني في هذه المرحلة يمثل خطرا ليس على اليمن فحسب بل على الجيران والمنطقة لكي تصبح تحت رحمة ايران ومليشياتها المدمرة...
أن نقبل بالصراع السياسي لا يعني ابداً أن نقبل بالصراع العسكري فهذا هو الخطر الداهم الذي سيلتهم الجميع خاصة في ظل التوسع الايراني والاطماع الفارسية في المنطقة وأبعادها الطائفية والعسكرية والاقتصادية..
وهذا المقال عبارة عن إشارة تحذير الى جهة الاختصاص بعد الاستقراء للأحداث ومعطيات الواقع ومؤشراته و هو قراءة لبعض النتائج التي تؤيد نظرية الاستقراء والتحليل..
والجيش الوطني لديه فرص لابد ان يغتنمها وأمامه تحديات لابد أن يتجاوزها كما انه يتمتع بكوادر وطنية مهنية متخصصة وهناك خبراء في المؤسسة العسكرية بحاجة الى توجه دولة من اجل ان يقوموا بواجبهم الوطني في وضع أسس الخارطة العسكرية بمفهومها الوطني والقومي.
حتى لا تتكرر المأساة وينهد السقف مرة أخرى وحتى لا تتحول المؤسسة العسكرية الى جهة محايدة وهي ترى سفينة الوطن تغرق وجدرانه تحترق.