الأخبار
- تصريحات وحوارات
في حوار لـ«العاصمة اونلاين».. المحلل «الذهب» يتحدث عن سيناريوهات العلاقة بين حلفي الانقلاب ومستقبل العاصمة صنعاء
العاصمة أونلاين - خاص
الاربعاء, 20 سبتمبر, 2017 - 06:14 مساءً
أكد الكاتب والباحث في الشئون الاستراتيجية اليمنية، الدكتور علي الذهب، أن سقوط الانقلاب بات أمر حتمي، وذلك لما يحمله الانقلاب من مشروع سيضيق باليمنيين، نظير أفكارها الدخيلة على المجتمع اليمني، الذي لن يقبلها كل انسان حر أبي.
وأشار الذهب في حوار خاص مع موقع "العاصمة أون لاين" إلى أن ذكرى الانقلاب ينبغي أن تكون محطة لتذكير اليمنيين بخطر الإمامة السلالية الكهنوتية، التي تربض صامتة في الجسد اليمني كالسرطان الخبيث، الذي تتحين الفرصة المناسبة للانقضاض على هذا الجسد والقضاء عليه.
حاوره عبدالباسط الشاجع
- ثلاث سنوات من عمر الانقلاب.. ما الذي تود قوله في هذه ذكرى هذه النكبة، التي حلت بالوطن؟ أقصد 21 سبتمبر؟
بداية لا يسعني إلا أن أشكركم على هذه اللفتة الكريمة، وعلى موقفكم الوطني المنافح عن الثورة والجمهورية والوحدة، بسلاح الكلمة، التي لا تقل مضاء عن الأسلحة الحربية، خاصة في ظرف استبد فيه الانقلابيون بالساحة الإعلامية، ليمارسوا التضليل وخداع الجماهير وتطبيعهم بخزعبلات فكرهم الضال، والمضل، والمتخلف.
ينبغي أن لا تمر ذكرى هذه النكبة دون توجيهها التوجيه الإيجابي، بما يذكّر اليمنيين بأن الإمامة السُّلالية الكهنوتية، عادة ما تربض صامتة في الجسد اليمني كسرطان خبيث، ثم ما إن تجد الفرصة سانحة لها، حتى تنقض على هذا الجسد، محاولة القضاء عليه.
لذلك، فعلى كل يمني حر يأبى الاستبداد والردة عن النظام الجمهوري، أن لا يفقد الأمل في النصر على جماعة الكهنوت السلالية الحوثية، وسحق آمالها العنصرية، وأن يبذل ما بوسعه من جهود لكشف أباطيل هذه الجماعة، وفضح دجلها، وخداعها للبسطاء، سواء كانت هذه الجهود عملا أو قولا.
- كيف تقرأ مستقبل الانقلاب بعد هذه الأحداث التي مر بها الوطن منذ سبتمبر 2014 وحتى اليوم؟
موقف الانقلاب- الآن- كمن يرتكز بإحدى قدميه على رأس رمح؛ فسقوطه حتمي، وسيضيق اليمنيون بما حمله هؤلاء من أفكار دخيلة وهدامة، وما جلبوه من معاناة، وتسلط، وتجريف للوعي والتاريخ والقيم الإنسانية، التي جبل عليها اليمنيون.
مسألة سقوطه متوقفة على عوامل لم تكتمل بعد. فهنالك أخطاء تقترفها السلطة الشرعية والتحالف العربي؛ بحيث تعمل- بشكل أو بآخر- على إطالة عمر الانقلاب وإتاحة فرص النجاة له، وهو ما يراهن عليه تحالف الانقلابيين فعلا، مستفيدا من تجارب التاريخ السياسي والعسكري، التي مر بها اليمن.
الخلاصة، علينا أن نتأمل أين كان الانقلابيون قبل 26 مارس/آذار 2015، وأين أصبحوا الآن؟ لقد وصلوا إلى حواف خليج عدن، وأعلنوا من هناك أن هدفهم أبعد من جغرافيا اليمن، ولو كان ذلك مجرد هذيان، لكنه -كذلك- غرور وأطماع المنتصر.
الآن هاهم معزولون داخليا، يبحثون عن أي منفذ للتنفس، وليس أمامهم سوى المواطن المغلوب على أمره، الذي ارهقوه دماً، وفقرا، وغلاء، وتجهيلا.
لولا الاصطفاف الخاطئ في صفوف الشرعية، والعلاقة المتنافرة بينها وبين بعض دول التحالف، والأخطاء التي يرتكبها كل منهما، لسقط الانقلاب مبكرا؛ وعليه يستلزم معالجة هذه الاختلالات سريعا، ليزداد الخناق ضيقا على الانقلابيين.
- ما مستقبل تحالف الانقلاب بعد ثلاث سنوات من اجتياح العاصمة وإسقاط الدولة، في ظل مؤشرات الخلاف بين مكونيه؟
المؤشرات تقول إن التهدئة الحالية ليست سوى محطة لالتقاط الأنفاس، سواء من قبل الحوثيين أو المؤتمر؛ فكل منهما يسعى لتقوية موقفه العسكري، وتهيئة الفرصة للإطاحة بالآخر.
لا يخلو المؤتمر من قوى وطنية رافضة للهيمنة الحوثية عليه وعلى هياكل الدولة ومؤسساتها، وتحويل الشراكة بينهما إلى جسر عبور للحوثية، وتمكينها من أن تستفرد بالمشهد، سياسيا، وعسكريا، واقتصاديا، وإعلاميا؛ لذلك يقع عاقتها الكثير مما يجب أن تقوم به للخلاص من هذا الكابوس الذي جثم عليها.
العقبة الكأداء أمام الحوثيين، وجود صالح الذي يحرك المؤتمر بنفسٍ عاطفي اختزنه في نفوس مناصريه لأكثر من ثلاثة عقود، وقد أدرك الحوثيون ذلك، فحاولوا تحجيم نشاطه وكسر كبريائه، ولعل ما حدث من مواجهات بصنعاء، في سبتمبر الجاري 2017، وما أفضت إليه من قتل للقيادي المؤتمري- المقرب من صالح- خالد الرضي، أنصع دليل على سمات المرحلة القادمة، غم ما يظهره إعلامهم من تقارب، وما هو إلا مخادعة لبعضهما البعض.
الحوثيون يسعون لإطالة أمد الحرب، لتمكين أنفسهم أكثر، واستهلاك ما تبقى من قوة وعمر صالح، واستغلال ما تفرزه التحولات، التي قد تحدث في المنطقة العربية وفي الداخل كذلك، فيما صالح وحزبه لا يريدان للحرب أن تطول، بل يسعى صالح- نفسه- إلى الحصول على دعم خارجي كافٍ للفتك بحلفيه متى ما تمكن من ذلك، وفي أقرب وقت.
- هل نستطيع القول إن خلافات شركاء الانقلاب حقيقة أم مناورة إعلامية فحسب؟
الخلافات حقيقية، والأحداث كشفت عن ذلك. صالح يراوغ كعادته، والحوثيون- وهم صنيعة يده- يدركون ما يسعى إليه، خاصة أن الفريق، الذي يخطط ويدير سياسات الحوثيين، كانوا من رجال صالح، كما أن فريقا من رجال صالح يؤدون دورا مزدوجا، بتأثيرات مختلفة، تصب في الأجندة الحوثية القائمة على واحدية المشروع السلالي، لكن هذا الفريق يواجهه فريق وطني آخر داخل الحزب، وذلك ما تكشفه المواجهات، التي تحتدم بينهما من وقت لآخر.
- ما هو مستقبل العاصمة صنعاء في ظل الوضع العسكري والسياسي والخلاف الذي يشهده جبهة الانقلاب في العاصمة؟
على مدار التاريخ، وفي تاريخها السياسي الحديث، راوحت الأحداث في صنعاء بين العنف المفرط والعنف المعقول، ابتداء من ثورة 1948، ومرورا بثورة 1962، والأحداث، التي رافقت مسيرة الثورة حتى عام 1970، علاوة على أحداث التي تلتها، ومرورا بأحداث ثورة فبراير/شباط 2011، ووصولا إلى انقلاب 21 سبتمبر 2014.
الحرية ضريبتها كبيرة، ولا يوجد عملية جراحية دون إراقة دم. أعتقد أن صنعاء تنتظر موجة من العنف، لكن لن تكون بأكثر من الوقائع، التي مرت بها عبر تاريخها، وهذا كله يتوقف على موقف الحوثيين- أولا- من أي حل للأزمة الحالية، وعلى موقف التحالف، الذي يجمع بينهم وبين المؤتمر؛ لأنهم من يسيطر على العاصمة الآن، وهي الهدف الأول لكل منهم، ولقوات الشرعية كذلك.
- ما مخاطر ما يقوم به الحوثيون من محاولة لتطييف المناهج الدراسية، وتحويل المنابر الإعلامية إلى وسائل لتنفيذ أجنداتهم المذهبية والطائفية؟
لا شك أن ذلك سيعمل على تجزئة المجنمع اليمني، بناء على أهداف استعمارية، في حين أنه لم يشهد اليمن خلال العقود الخمسة من عمر النظام الجمهوري، تعاليا للنبرة الطائفية، التي يحاول الحوثيون نشرها في المناطق الخاضعة لهم، ولا أدل على ذلك ما ورد على لسان عبدالملك الحوثي-نفسه- في أحد خطاباته، وهو يقسم المقاتلين في الجبهات الموالية للانقلاب، على أساس مذهبي، فقال إن هنالك زيديين، وشافعيين، وسلفيين، وإسماعيليين، وهي نبرة طائفية لم يسمع بها اليمنيون منذ عقود من رجل يحمل صفة زعيم سياسي أو حزبي.
اخترق التعليم والإعلام طائفيا، وبدت ملامح ذلك واقعية، تشاهد وتسمع، فكلاهما تعرضا لهجمة ممنهجة تستهدف تسخيرهما لخدمة تقسيم الولاء الجمعي وإذكاء الفرقة والتناحر بين اليمنيين، لكن ذلك سيفشل.
- "لولا الانقلاب ما عرفنا قيمة ثورة الــ 26 من سبتمبر/ أيلول 1962" هكذا يقول الكثير من الناشطين والمواطنين في اليمن. هل كان للانقلاب دور في تعزيز الوعي لدى اليمنيين، بأهمية ثورة سبتمبر والحفاظ عليها؟
الوعي بأهمية ثورة سبتمبر/أيول 1962، حاضر لدى أغلبية أبناء الشعب اليمني، خاصة جيل هذه الثورة وأبنائهم، وما هذه الجلبة الإعلامية الجارفة، والتضحيات التي تبذل لكسر الانقلاب واقتلاعه من جذوره، إلا دلالة ناصعة على حضور ومتانة هذا الوعي.
ما جرى صراع سياسي بين صفين جمهورين، أفضى إلى إحداث شقوق غائرة في هذا الصف، فتسلل السرطان الإمامي في صورته الحوثية من بين هذه الشقوق، فكان أن بادر الوعي الكامن في العقول والضمائر الحية بالمواجهة، دفاعا عن اليمن من هذا السرطان، وغدا سيلتحم الجدار، وسيسحق من تسللوا من بين الشقوق.
- كيف نعيد الاعتبار لسبتمبر بعد كل هذه الكوارث التي لحقت بالوطن من قبل أعداء سبتمبر؟
ينبغي تجسيد قيم هذه الثورة في كفاحنا ضد من حاولوا طمسها، بالتحرر من العنصرية، ومحاربة الجهل، والسعي إلى تحقيق العدل والحرية والمساواة، وتحصين الشباب من الأفكار الكهنوتية الاستبدادية الاستعبادية، التي تحاول صهرهم وتحويلهم إلى قطيع من الأتباع الخانعين لخرافاتها.
كما ينبغي الدفاع عن أهداف سبتمبر، بالحفاظ على النظام الجمهوري، والثورة، والوحدة الوطنية، وتجسيد ذلك على الواقع، والتعريف بدور الأبطال الذين ضحوا بأنفسهم للخلاص من نظام الكهنوت السلالي الإمامي.
- هل سيلعب حزب المؤتمر دورا ما في إنهاء الانقلاب والحفاظ على النظام الجمهوري الذي كان المؤتمر نفسه- للأسف- الحاضن الاجتماعي له في مختلف المحافظات؟
المؤتمر لا يخلو- أبدا- من وطنيين، وسيتجلى موقفهم الوطني متى ما أوتوا الفرصة، وأعتقد أنه قد تحدث تحولات حرجة يكون من مظاهرها تقارب والتحام الصف الجمهوري في كل الأطراف المتصارعة، لمواجهة مشروع الإمامة الكهنوتية في ملمحها الحوثي الجديد.
المطلوب -إذن- المبادرة من قبل جميع الأطراف المناوئة للأجندة الحوثية السلالية، لصنع هذا التقارب، وإخراج المؤتمر من محنته.
المؤتمر -كما يبدو- واقع بين خيارات مرة، فما يدفعه للقرب من الحوثيين ليس ولعه بهم، ولكن موقف الطرف الآخر منه.
أخطاء المؤتمر لا يبنغي أن تكون عائقا أمام أي تقارب مطلوب وضروري، ومن يعارض ذلك فهو إما جاهل بحقيقة الصراع الدائر، أو إمامي كهنوتي متستر بلباس المؤتمر؛ لأن الكثير من قيادي المؤتمر هم أبناء وأحفاد عدد من ثوار سبتمبر 1962، ولا يمكن أن يتطبعوا بأجندة الحوثيين السلالية الكهنوتية التي ثار عليها آباء هؤلاء، وإنما اتخذوها أداة لقمع خصومهم السياسيين، وقد كان ذلك خطأ فادحا أدركه الكثير، وحان الوقت لعودة الجميع إلى الجادة.
- ما هي الرسالة التي تود قولها في هذه المناسبة؟
رسالتي "أن النصر مع الصبر"، وأن الصبر، لا بد أن يلازمه العمل ببصيرة.
فعلى المنافحين عن النظام الجمهوري والثورة والوحدة، الالتحام وتوحيد الصفوف في كل الميادين، وأن لا يدعوا لليأس سبيلا يتسلل منه إلى قلوبهم، وأن يعملوا في سبيل ذلك بأقصى ما يمكن عمله وبذله وقوله.