الأخبار
- تقارير وتحليلات
أين دور الأمم المتحدة.. الحوثيون يجوعون اليمنيين بقرار حظر العملة (تحليل)
العاصمة أونلاين/ خاص
الثلاثاء, 31 ديسمبر, 2019 - 10:11 مساءً
في خطوةٍ وصفها خبراء اقتصاديون بـ"الكارثية"، أصدرت جماعة الحوثي في الـ 19 من ديسمبر الجاري، قرارًا صارمًا على نحو مفاجئ، يقضي بحظر حيازة أو تداول العملة الجديدة الصادرة عن البنك المركزي اليمني التابع للحكومة الشرعية، وحددت مهلة للتجار والمواطنين أقصاها 30 يومًا من بدء صدور القرار، لتسليم ما بحوزتهم من العملة الجديدة، واستبدالها بما يعرف "النقد الإلكتروني"، وتوعدت بعقاب المخالفين.
ورغم التداعيات الكارثية لهذه الخطوة على الاقتصاد الوطني والعملة المحلية، مضى الحوثي طليق اليد، دون أي بادرة دولية تلزمه بالتراجع عن تدمير قيمة الريال اليمني، فحتى الآن لم يصدر أي موقف من قبل منظمة الأمم المتحدة إزاء قرار الحوثيين الذي سيرتد بنتائج شديدة الضرر على الوضع الاقتصادي والمعيشي المنهك أساسا من استمرار الصراع في البلاد منذ قرابة 5 سنوات، وتتابع الكوارث والنكبات التي أطاحت بالعملة اليمنية واسهمت في تراجعها بشكل غير مسبوق.
يحدث هذا في الوقت، الذي لا يملك الحوثيون أية مشروعية قانونية تخولهم حق التدخل في العملة، أو اصدار العملة الالكترونية، إنما هو حق حصري على السلطة المعترف كممثل للبلاد، وليس لمليشيا انقلابية لا تحظى بأي اعتراف دولي، وهو ما يناقض الأعراف والقوانين المعول بها في كل دول العالم.
قرار حظر العملة الجديدة، ومنع حيازتها أو تداولها، لم يكن اعتباطيًا، ولا سيما أنه يأتي بعد سنوات من بدء تداولها في مناطق نفوذهم دون أن تتخذ أي إجراءات لمنعها منذ البداية، ويبدو أن ذلك كان مقصودًا تمهيدًا لانتزاع أكبر قدر من الأموال مقابل إذعان اليمنيين للقبول بالعملة الإلكترونية، حيث سبق أن حاول الحوثيون مرارًا تمرير التعامل بالرصيد الإلكتروني، إلا أن الظروف لم تكن مواتية بالشكل الذي يوافي تطلعات الحوثيين.
مع الإشارة، أن سلطات الحوثيين كانت قد بدأت قبل عام ونصف التشديد على الصيارفة ومحطات الوقود بخصوص التعامل بالطبعة الجديدة، إلا أنها سرعان ما تراجعت عن هذا القرار، وهو ما شجَّع المواطنين على التعامل بها مجددًا بشكل أقل حذرًا، وأكثر من ذي قبل، خصوصًا أن الطبعة القديمة أصبحت مهترئة وغير صالحة للتداول.
ولعل هذا هو السبب الرئيس الكامن وراء قرار حظر تداول العملة الجديدة، فالأموال التي يسحبها الحوثيون من السوق حاليا لن يتم اتلافها، لضمان استقرار العملة، وإنما سيستحوذ عليها الحوثيون لأنفسهم، وبالتالي إعادة تفعيلها في شراء الوقود والمشتقات النفطية أو شراء عملة أجنبية، لتعزيز رصيد الجماعة من العملة الصعبة، دون اكتراث للنتائج المترتبة على هذا التصرف غير المسؤول من قبل الجماعة، وبالتالي فإن قرار المنع لا علاقة له بما يحاول الحوثيون الترويج له بدعوى أن الطبعة الجديدة من العملة يسهل تزويرها بما يفضي إلى تراجع قيمتها وإرباك الاقتصاد الوطني، كون هذا التبرير _كما يصفه مختصون "مغالطة مفضوحة"، ذلك أن الإجراءات الحوثية هي أبرز المسببات التي تقود إلى العواقب التي يحذرون منها ويزعمون العمل على الحيلولة من وقوعها.
الخطير في الأمر، أن سحب العملة مقابل إحلال الريال الإلكتروني محلها، دون غطاء نقدي مماثل للعملة الالكترونية التي يزمع الحوثيون تفعيلها، وأيضا دون التخلص من العملة المسحوبة أو إتلافها، سيفضي إلى مزيد من تدهور قيمة العملة الوطنية، واختلال المنظومة الاقتصادية في البلاد، وهو ما سيؤدي إلى مزيد من التضخم ومزيد من التدهور الاقتصادي والمعيشي ومزيد من الفقراء، والجوعى، إذا لا مستفيد من هذا الحظر سوى الحوثيين فقط، الذين حصدوا مبالغ ضخمة من هذه الإجراءات التي سترتد دمارًا على البلاد وعلى قيمة العملة، كما ستسهم في إطالة أمد الحرب وتوسيع الفجوة الاقتصادية بين الحوثيين كطبقة مهيمنة على الحكم، وبين عموم اليمنيين في مناطق نفوذهم كطبقة محكومة ومغلوبة، تكدح ليجني حصادها الحوثي وجماعته، وتمضغ الجوع لتشبع "العترة".
ويرى مختصون أن قرار حظر الطبعة الجديدة من العملة الذي اتخذه الحوثيون لا يتعدى كونه "عملية نصب" وابتزازًا مجحفًا بحق ملايين اليمنيين، وإضرارًا مباشرًا بالاقتصاد الهش للبلاد، لإحراز منافع ذاتية لا تتعدى دائرة عبد الملك الحوثي وجماعته التي صادرت مدخرات اليمنيين واختلست رغيفهم، كما يقول معظم اليمنيين.