الأخبار
- تقارير وتحليلات
من ملعب الحارة إلى الجبهة.. "فائد" مأساة طفل تلخص استغلال الحوثي للأطفال (كنت أرى نفسي رجلاً)
العاصمة أونلاين/ عمار زعبل
الجمعة, 12 فبراير, 2021 - 09:57 مساءً
قادت صداقة أطفال الحي الطفل (فائد. ث. ع. ق) 14 عاماً إلى التجنيد، والعيش في ظروف قاسية، بعيداً أسرته، التي لم تعلم عن مكانه إلا بعد شهور بعد أن كتبت له العودة من جبهة نهم، من مكان يقال له القدم، وتعد جبهة نهم من أشد الجبهات وعورة وخطورة، كونها تقع في مرتفعات جبلية عالية، وتقع شرق العاصمة صنعاء.
يقول "كنا أنا وزملائي في المدرسة وحين ينتهي اليوم الدراسي نقضي وقتنا في اللعب في الحارة، إلا أن أحد مشرفي مليشيا الحوثي، كان يقرب لزملائي، طلب منا الحضور إلى مقرهم".
خضع إلى دورات تلقينية مكثفة في مقر الحوثيين، كانت محاضرات موجهة نحو عقول الصغار، يصف الأمر أن بعض المحاضرين، كانوا يغطون وجوههم، لا يرون إلا عيونهم، ولكنة كلامهم غير يمنية، إلا أنهم يتحببون إليهم بكلمات بسيطة "شلوا عقولنا" كدليل على مدى تأثرهم واستلاب أفكارهم وعقولهم الصغيرة.
يشير إلى أن أكثر من وثق به هو "أبو تراب" لا يعرف اسمه الحقيقي إلا هذه الكنية التي كان يشعر نحوها بالثقة والاحترام، وهو الذي اقتاده إلى الجبهة وكان مشرفاً عليه وعلى عدد من الأطفال في أعمار متقاربة.
بعد أن أصبح بالقرب من جبهة نهم، كانت له دورات أخرى لكنها قتالية هذه المرة، منها كيفية استخدام الأسلحة الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى معرفة طرق التمويه والهروب من الطائرات والتخفي، وطرق الجاسوسية ونقل المعلومات.
أصبح شخصاً آخر كما يصف نفسه، بدأ تعاطي القات ومسحوق الشمة، كانت مهمته الأولى تعبئة الذخائر، ونقلها مع المواد الأخرى الغذائية إلى أماكن عالية متعرجة، تأخذ منهم ساعات أحياناً، خصوصاً في أوقات الاشتباك، يضطرون إلى أخذ طرقات أخرى غير التي يسلكونها في الأوقات العادية والهادئة.
يصف المواقع العسكرية، التي كان عليه أن يصل إليها كل يوم بأنه صعبة وشاقة، ويضيف: "اضطر في الأيام الأولى إلى التقطع في سيري، مما عرضني للتوبيخ والضرب في إحدى المرات، فكرت ليلتها بالهرب إلا أني لم استطع" كان ممنوعاً عليهم التعرف على الآخرين ممن لا يعرفونهم، ولا يتم التعرف على أحد إلا بصعوبة، بحسب شهادته.
"نسيت شيئاً اسمه اللعب كنت أرى نفسي رجلا" واستمر معه هذا الشعور في البداية كان يرى أنه أصبح أكبر من اللعب، المهم أن يمارس عمله، وانه أصبح كبيراً حتى في السن، أو هكذا زين له، لم يفكر حتى بأسرته، إلا أنه بدأ يتسرب إلى نفسه الخوف وفقدان أمه وأبيه وإخوته أيضاً، وهو ما يجعله يبكي ليله كله حتى يقترب موعد إيقاظهم من النوم قبل صلاة الفجر، قال كان يشعر بالراحة حين يبكي يذهب الانقباض الذي في صدره.
يبدأ يوم الأطفال كانون خمسة معه، وهناك مجموعات أخرى لا يسمح لهم بالالتقاء كثيراً، يبدأ من بعد صلاة الفجر في قراءة الدروس الجهادية وملازم السيد، في إشارة إلى مؤسس جماعة الحوثيين "حسين الحوثي" إضافة إلى الاستماع إلى خطبه ومحاضراته وخطب ومحاضرات شقيقه عبدالملك الحوثي، لتبدأ المهمة الثانية وهي الشاقة في وقت قرب الظهيرة حيث الشمس الحارقة وهي نقل الإمداد صعوداً إلى التعب والإرهاق والخوف.
استمر شهرين في نقل الإمداد، كثيرا ما ساوره تفكير الهرب والنجاة، نتيجة الخوف والتعب الذي يلاقيه، إلا أن المشرف أبو تراب زرع فيهم جميعاً هو وزملائه مراقبة كل واحد منهم الآخر، إلا أن شوقه لأسرته جعله يطرح الأمر على زملائه الثلاثة وكان لهم الهرب إلى صنعاء ومنها تمكن من الهرب إلى مدينة مأرب، نزل حيث "أخيه" الأكبر قد استقر فيها وكان طوق النجاة له للهروب من تجربة ربما تتكرر، خصوصاً مع تربص أقرانه الصغار به.