الأخبار
- تقارير وتحليلات
شهر من اختطاف "الكميم".. التربوي والنقابي الذي فتح لـ "الحوثي" دفتر حساب المرتبات المنهوبة
العاصمة أونلاين/ خاص
الاربعاء, 08 نوفمبر, 2023 - 06:58 مساءً
يمتلك "أبو زيد الكميم" رصيداً تربوياً وإدارياً أهلّه للتصدر نقابياً للمطالبة بحقوق المعلمين المنهوبة، والتي تحاول مليشيا الحوثي الإرهابية التهرب والتنصل منها، بعد أن أحرمت المعلمين، أكبر شريحة من الموظفين أحرمتهم من الراتب وعموم المستحقات المالية طيلة سبع سنوات.
"صديق المعلمين" بات اللقب الأثير الذي يطلقه معلمون في صنعاء على الكميم، وذلك بعد أن فتح دفتر حساب المرتبات لمليشيا الحوثي، معلناً عن حراكه قبل أشهر مع بدء العام الدراسي، وأشهر أول كيان نقابي هز مليشيا الحوثي والمتمثل بنادي المعلمين.
"أبو زيد عبد القوي الكميم" وهذا اسمه بالكامل، هاجمت قوة حوثية منزله في الثامن من أكتوبر الماضي، لتروع أطفاله وأسرته ثم لتقتاده إلى أحد سجونها مانعة عنه الزيارة ورافضة الإفراج عنه رغم التضامن الكبير معه، كما أن القضية التي تصدر من أجلها الكميم حقوقية بحتة، لا شأن لها بما يحصل في البلاد من أزمة واحتراب، أشعلته مليشيا الحوثي بنفسها تحت مزاعم و"ويافطات" مطلبية، إلا أنها كانت الخدعة التي طمت كل الحقوق بما فيها المرتبات لمئات الآلاف من الموظفين.
نضال مبكر
صحيح أن للكميم نضالاً مبكراً ضد سياسات المليشيا، وفق مقربين منه، منها حين كان مديراً على إحدى المدارس والتي وقف فيها أمام الحوثيين ليخسر عمله، أو هو ارتضى أن لا يستمر فيه، بعد أن أرادت المليشيا أن تحول التعليم إلى ما يشبه الحوزات الإيرانية، لا يعطي علماً أو تربية سوى الترويج لأفكارها الإرهابية الطائفية، إلا أنه آثار عدم الابتعاد عن هموم المعلمين.
إذ ظل الكميم، وهو المنحدر إلى "الحدأ" في محافظة ذمار، ظل قريباً من المعلمين ممن عرفهم، أو سبق أن عمل معهم في حقل التربية والتعليم متفقداً لهم، متتبعاً لظروفهم، في ظل الأوضاع القاسية التي عصفت بهم، ساعده ذلك، بأن ظروفه المالية تسمح له نوعاً ما مساعدة من يعرفهم، بما يتوفر لديه، وفق ما ذكر عنه بعض من زملائه.
زملاؤه أوردوا حكايات من وقفاته مع زملائه، ممن فقدوا رواتبهم، وأعمالهم، وبعضهم فقد قدرته العقلية، كونه لم يتحمل ما لقيه من تعسفات وأول هذه التعسفات حرمانه وأطفاله من رابتهم الضئيل الذي قد يفي فقط بالنزر القليل من متطلبات الحياة.
في الواجهة
يحسب للكميم ورفاقه، رغم القمع الحوثي حتى الآن بأنه أعاد المعلمين إلى الواجهة في صنعاء، لتلحق بهم فئات أخرى، مطالبة بحقوقها منهم الأكاديميون، ويحسب لهم جميعاً أنهم كسروا جدار الصمت، لتخرج أصواتهم صادحة بالمطالبات في وجه مليشيا الحوثي، التي وإن كشرت عن أنيابها إلا أن عليها دفع الحساب آجلاً أو عاجلاً، وأن خشيتها من ثورة مدنية عارمة، لن تمنعها قيودها واحترازاتها كالتي واجهت من خلالها الكميم ورفاقه.
فصوت المعلمين هذا العام هو الأعلى وامتد من صنعاء ليصل إب وعمران والمحويت وبقية المحافظات، وهو ما يقوله الحراك الواسع الذي لم تستطع المليشيا كبحه أو احتوائه حتى اليوم، ويؤكد ذلك بيان أخير لنادي المعلمين، الذي يعطي دلالة بأنه لا تراجع عن مطالباتهم وأن الإضراب هو السمة العامة لأغلب المعلمين، كما أن اختطاف رئيس اللجنة التحضيرية للنادي والمتمثل بالكميم، وآخرين، زاد من طلبات الانضمام للنادي.
فضح المليشيا
وإلى اليوم على الأقل، استطاع الكميم، ومن معه من أعضاء النادي مواجهة المليشيا وفضحها وكشف ألاعيبها بأنها ما زالت تتهرب من أي تحمل للمسؤولية، كونها غدت سلطة أمر واقع عليها دفع المرتبات كونها تتحكم بالإيرادات، وهنا عبارة رددها الكميم نفسه من قبل بأن (جبايات "الدجاج" كفيلة بدفع المرتبات)، في إشارة إلى نوع واحد من الجبايات والضرائب التي تنتهبها المليشيا في شتى المحافظات وصولاً إلى إيرادات ميناء الحديدة والذي بات يدخل المليارات والتي تذهب إلى "جيوب" وأرصدة قيادات الجماعة.
وفي البيان الأخير لنادي المعلمين، والذي حمل الرقم "11" أوضح أن "رئيس نادي المعلمين أبو زيد الكميم تم حجز حريته فقط لأنه تبنى مظلومية المعلمين لصرف رواتبهم ولم يتم الافراج عنه حتى اللحظة، رغم التوجيهات الصريحة بالإفراج عنه من قبل النائب العام ومحمد علي الحوثي".
وأشار النادي أن المليشيا تزعم بأن الكميم واجه عناصرها بالرصاص حين اقتحمت منزله، مؤكدة أنه لم يكن يتوقع أن يتم انتهاك حرمة مسكنه من قبل تلك العناصر، بدون أي مصوغ قانوني.. وقالت "هو ليس مجرم عندما طالب بمظلومية صرف المرتبات للمعلمين فهو حق مشروع وقانوني" وأن وما قامت به المليشيا يعد انتهاكاً لحرمة مسكن.
وتضمن بيان النادي بأنه سيدعو لتنفيذ وقفات احتجاجية في كل المحافظات، إذا لم يتم الإفراج عن الكميم، والأمين العام للنادي محسن الدار، وأيضاً كلاً من إبراهيم جديب، رئيس نادي ريمة، وناصر قعيش، رئيس نادي المحويت، مجدداً المطالبة بصر ف المرتبات قبل بدء النصف الثاني للعام الدراسي، مهدداً بالدعوة إلى الإضراب الشامل إن لم يستجاب للمطالب.
دفتر حساب
ويشار أن المطالب الحقوقية للمعلمين، جاءت بعد أعوام قاسية مرت بهم إثر انقلاب مليشيا الحوثي ومصادرتها لرواتب المعلمين من البنك المركزي، ومن ثم نهبها لموارد الدولة، مما فتح الأمر أمام المليشيا دفتر حساب، لا بد عليه من دفعه وأن التحجج بالحرب لم يعد مجدياً، في ظل المفاوضات الجارية، ومحاولات المليشيا التنصل من الرواتب وتحميل الشرعية والتحالف هذا الملف في حين تريد أن تبقي الأمر كما هو عليه في مناطق سيطرتها.
ويذكر أن المعلمين ممن أحرمتهم المليشيا من رواتبهم يصلون إلى أكثر من 196 ألف معلم من رواتبهم، بينما تعمد إلى دفع المرتبات لعناصرها، وعام بعد آخر تنفذ عمليات إحلال في المدارس، مهددة وظائف الآلاف ممن خدموا طويلاً في سلك التربية والتعليم.