الأخبار
- تقارير وتحليلات
التاريخ في المنهج المدرسي.. طعنات مسمومة
العاصمة أونلاين - خاص
الإثنين, 04 سبتمبر, 2017 - 07:02 مساءً
ترتفع صرخات قلق، بصوت يمثل إجماعاً شعبياً، من خطورة عملية تشييع ممنهج، يقوم بها الحوثيون، في المنهج المدرسي، بدعم ايراني، خاصة بعد تعيين شقيق زعيم الحوثيين وزيراً للتربية والتعليم، في حكومة الانقلاب .
وتجلت ملامح المشروع الحوثي في تشييع وتطييف المنهج المدرسي في بضعة تغييرات استحدثها الحوثيون في صميم مناهج المرحلة الأساسية ، شملت تعديلات في الصور والأسماء ، داخل المنهج ، مع إضافات دخيلة.
"هي تغييرات طفيفة, لكنها قاتلة ". يقول الأستاذ بشير قايد عبده ، الذي تساءل في الوقت نفسه ، وهو يقلب كفه : " وإلا ماذا يعني أن تغير اسم عمر الى حسين ، وفتيات يؤدين الصلاة بأياد مضمومة ، إلى أخريات يسبلن أياديهن ".
وفقاً للأستاذ بشير فهذه التغييرات هي مؤشرات أولية على قبح الخطة التي تستهدف إعادة إنتاج المنهج ، بما يتوافق والأجندات الحوثية الطائفية، ويصيب القيم الوطنية والجمهورية في مقتل ".
يعمل بشير مدرساً لمادة التاريخ منذ 18 عاماً ، ونظراً لا نقطاع راتبه منذ أغسطس 2016 اضطر للعمل نادلاً في مطعم شهير بأمانة العاصمة .
شغفه بالغوص في أعماق التاريخ ، هو ما دفعه للتخصص في هذه المادة في جامعة صنعاء ، وقد كبده هذا الشغف الكثير من الأسى ، خلال سنوات التدريس : " ثمة تشييع للمنهج ، حتى في ظل النظام الجمهوري وسنوات ماقبل ظهور الحوثيين في 2014.." . يقول .
ضمن تفسيراته لقناعته السابقة يذهب مدرس التاريخ إلى تتبع المشكلة من جذورها ، ضارباً بعض الأمثلة من المنهج المدرسي ، الداعمة لقناعته .
فباستثناء فترة حكم الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي لليمن ، لم تكن حكومات النظام الجمهوري التي أعقبت ثورة 26سبتمبر تمتلك مشروعاً وطنياً ، من شأنه مواجهة مورثات الفكر الإمامي ، الوالغ في عمق الدولة ، بفكر جمهوري مضاد .
وعلى مدى أكثر من نصف قرن على سقوط الإمامة ، كسلطة حكم ، ظل الفكر الإمامي يمثل موروثاً ناخراً في جسد الدولة اليمنية ، وقد نجح هذا الموروث بوجوده في مراكز القرار والهيئات الثقافية والتربوية ولجان تأليف المناهج المدرسية في تزوير التاريخ اليمني ، وجعل الثورة السبتمبرية حدثاً عابراً في ذاكرة الأجيال .
يقول بشير إن شخصية وطنية ك" نشوان الحميري " ليس لها وجود في المنهج المدرسي ، مع أن الحميري من الشخصيات الوطنية التي واجهت المشروع الإمامي بالفكر ، وكل الأجيال التي درست في مدارس الجمهورية لاتكاد تعرف عنه شيئاً .
أبعد من ذلك ، يذهب بشير الى كتاب التاريخ للصف السادس الأساسي الذي يتحدث عن عصر الدويلات اليمنية ، يكشف عن تشييع مبكر للمنهج وبرعاية جمهورية .
ففي موضوع الدولة الزيدية يقدم الكتاب مؤسسها الإمام الرسي بشكل مناقض لحقائق التاريخ ، فالرسي يصوره المنهج بالإمام العادل الذي نشر العدل والرفاهية من صعدة الى عموم اليمن ، والثابت تاريخياً أن الرسي المجهول الهوية ، القادم من طبرستان إيران، هو الأب الأول للحركة الحوثية الاثني عشرية ، وارتكب جرائم حرب وإبادة جماعية بحق اليمنيين، تفوق الخيال .
كما أن التاريخ المدرسي يكرس في ذاكرة الطلاب الكثير من المعلومات المغلوطة والمزورة عن الدولة الرسولية وكذلك فترة الوجود العثماني في اليمن ، وهذا مسعى قطع فيه اللوبي الإمامي شوطاً كبيرا في تشويه العثمانيين واعتبار وجودهم غزواً واحتلالاً والصاق تهم الفساد والظلم بالولاة العثمانيين ، كما ورد في التاريخ المدرسي .
ومع إعلان دول مجلس التعاون الخليجي بتكفلها بدعم طباعة المنهج المدرسي في اليمن ، بعد العبث الذي طال المنهج من قبل الحوثيين ، طالب التربوي بشير مجلس التعاون والحكومة الشرعية بعدم الإقدام على طباعة المنهج ، إلا بعد تصحيح الكثير من الحقائق المغلوطة التي جرت في صميم المنهج من قبل لوبي الكيان الإمامي الموازي للجمهورية اليمنية في المؤسسة التعليمية، ما قبل ظهور الحوثيين .