الأخبار
- دراسات وملفات
أبعاد الحضور الإيراني في مضامين وسائل الإعلام الحوثية
العاصمة اونلاين - خاص
الخميس, 22 سبتمبر, 2022 - 12:32 صباحاً
مركز العاصمة الإعلامي
برمجة الإرتهان
أبعاد الحضور الإيراني في مضامين وسائل الإعلام الحوثية
إعداد: عبدالسلام الغباري
أحمد عفيف
سبتمبر 2022
مركز العاصمة الإعلامي
مركز إعلامي يمني، يعنى بتقديم المعالجات الموضوعية للأحداث والمستجدات المتصلة بكافة الشؤون المحلية عموما مع التركيز على أحداث ومستجدات أمانة العاصمة بشكل خاص ، من خلال التناول الإعلامي المهني والبحوث والدراسات والفعاليات المتخصصة بشكل يراعي حق الجمهور في الحصول على المعلومات والأخبار الصحيحة، ويزود صناع القرار بالمعلومات الدقيقة التي تساعدهم على فهم الأحداث والإعتمالات بما يمكنهم من اتخاذ القرار الصحيح حيالها.
يهتم مركز العاصمة الإعلامي بالقضايا والشؤون السياسية والإقتصادية والإنسانية والحقوقية والثقافية، كما يولي عناية خاصة بتوثيق ونشر القصص الإنسانية ونقل التجارب المجتمعية والشبابية الملهمة وتناول كل ما يهم المجتمعات على المستويات الوطنية والمحلية، كما يؤدي دورا توعويا كبيرا في جانب مواجهة الأخبار المضللة والزائفة.
أبرز منتجات المركز:
موقع ويب يشتمل على آلاف التقارير والأخبار والقصص في مجالات مختلفة (العاصمة أون لاين)
منصات تواصل اجتماعي يتم تزويدها بالمحتوى بشكل مستمر.
ندوات وورش عمل وفعاليات.
دراسات وبحوث.
عناوين التواصل :
مركز العاصمة الإعلامي
الإصدار : برمجة الإرتهان –أبعاد الحضور الإيراني في محتوى وسائل الإعلام الحوثية
رقم الإصدار: 1-2022
نسخة إلكترونية 26/سبتمبر /2022م
مقــدمــــة
يقدم هذا الإصدار النوعي معالجة بحثية لموضوع بالغ الخطورة والأهمية، يمس بشكل مباشر جانب الأمن القومي اليمني والعربي، وينبغي أن ينال كثيرا من الاهتمام والتناول كأولوية مطلقة في ظل مرحلة خطرة تشهدها المنطقة، جراء سعي النظام الإيراني لفرض سيطرته على البلاد،بغية اتخاذها منطلقا لاحتلال المنطقة العربية والتحكم بخطوط الملاحة البحرية، في إطار مشروعه التوسعي الطامع.
ففي الوقت الذي تشهد فيه البلاد منذ قرابة الثمان سنوات حربا مستمرة أشعلتها مليشيا الحوثي المتمردة بدعم من النظام الإيراني، وتسببت هذه الحرب ولاتزال في قتل وتشريد ملايين اليمنيين وتدمير مهول للمقومات والموارد الاقتصادية والخدمات والبنى التحتية والممتلكات العامة والخاصة، بل وخلقت أزمات إنسانية كارثية على كافة الصعد والمجالات والمستويات وما تزال حدتها تتصاعد يوما بعد يوم، غير أن الإنسان اليمني كعادته في كل العصور والأزمنة ظل قويا متماسكا متشبثا بهويته مقاوما في سبيل تخليص البلاد من هذا الاحتلال، ولأن النظام الإيراني يدرك مسألة استحالة قدرته على السيطرة على الأرض اليمنية، لجأ إلى تفعيل استراتيجية أخرى تتعلق باحتلال العقل اليمني تمهيدا لاحتلال الأرض.
تدرك إيران وأذرعتها ومرتزقتها بأنها لا يمكن أن تنتصر عسكريا في احتلال اليمن إلا من خلال الاحتلال الناعم أولا الذي يبدأ باحتلال العقل واللغة والمفاهيم والتوجهات والقناعات وبدون ذلك لا يمكنها تحقيق أي تقدم في احتلال الأرض، وهو ما تجلى واضحا في راهن الحرب الحالية ، فعلى الرغم من سيطرة مليشياتها على جانب من الأراضي اليمنية وامتلاك هذه المليشيا لأسلحة نوعية وصواريخ باليستسة، إلا أنها أخفقت بشكل ذريع في احتلال الأرض والسيطرة على الإنسان حتى من يتواجدون في إطار الجغرافيا التي تسيطر عليها، وهذا ما ألجألها إلى استخدام تقنية أخرى تعتمد على احتلال العقل تمهيدا لاحتلال الأرض وذلك من خلال الإعلام الموجه بسياسات إعلامية وتحريرية مرتبطة بأجندة دقيقة تؤدي إلى احتلال العقل اليمني بما يجعله ينسلخ تدريجيا من هويته ومحيطه العربي والإسلامي لتسهيل مهمة احتلال أرضه لصالح المشروع الفارسي.
في هذا الميدان تتمحور موضوعات الدراسة، حيث تسلط الضوء بطريقة منهجية على الحضور الإيراني اللافت والكثيف في المضامين الإعلامية لوسائل إعلام مليشيا الحوثي، وفي سياقات هذه المضامين التي قدمت بطرق ملتوية وخادعة اتسمت بالإنتقاء والحذف والإبراز والتهميش والتضخيم والتحجيم، بهدف السيطرة على العقل اليمني وتطويعه لخدمة المشروع الفارسي المحتل لبلاده.
موجز تنفيذي
يستعرض هذا الإصدار البحثي من مركز العاصمة الإعلامي ، جانبا من النتائج التي خلصت إليها دراسة بحثية فريدة في مجالها، أجراها المركز بهدف تسليط الضوء على استراتيجية خطرة ينتهجها النظام الإيراني في احتلال البلدان تتزامن عادة مع الفعل العسكري العدائي الذي تتخذه ضد هذه البلدان أوتمهد له، وهي استراتيجية احتلال العقل والقيم والهوية باستخدام التضليل الإعلامي الهادف إلى صناعة نفسية جديدة في البلد المستهدف تكون قابلة بل ومساندة بشكل لا واعي لأجندته الاحتلالية.
هذه الاستراتيجية الخطرة التي توازي إن لم تكن أشد خطرا من الأعمال العدائية العسكرية، تم تطبيقها من قبل النظام الإيراني في عدد من البلدان العربية وفي مقدمتها لبنان وسوريا، واليوم يقوم بتطبيقها في اليمن بالتوازي مع الأعمال العدائية العسكرية الحالية، وذلك ما كشفت عنه نتائج هذه الدراسة المخصصة للحالة اليمنية، والتي تم إنجاز ها عبر فريق واسع متعدد الاختصاصات، واستغرقت فترة تزيد عن عام ونصف ومن الرصد والتوثيق والفرز والتحليل المنهجي وتطوير الأدوات وبناء النتائج.
ويجب الإشارة هنا إلى أن نتائج الدراسة تم استعراضها بشكل مباشر وموجز في محورين أساسيين ونتائج عامة، كالتالي:
المحور الأول : نتائج عملية الفرز والتحليل الإحصائي ويتضمن كافة البيانات الكمية المتحصلة.
المحور الثاني: استراتيجية بسياسات إعلامية وتحريرية، ويتضمن النتائج النوعية المتحصلة من دراسة السياقات ووطريقة التحرير وآليات النشر ونوعية الأخبار المنشورة.
نتائج عامة: وتم بناؤها من قبل فريق العمل إستنادا إلى النتائج النوعية والكمية.
وإذ نتيح هذا الإصدار الأول في مجاله المتفرد في بابه، نتطلع إلى أن يكون مفتتحا لإنتاج المزيد من الدراسات والأبحاث في هذا الميدان، وأن تشكل نتائجه حافزا لمراكز الدراسات والأبحاث الرسمية وغير الرسمية في خوض هذا المضمار المهم بما يمكن صناع القرار من بناء استراتيجيات مضادة والعمل بموجبها.
منهجية الدراسة
اتبعت الدراسة أداة تحليل المضمون للمحتوى الإعلامي، كما طور مختصون أدوات أخرى تتعلق بفحص جودة السياق والسرد للأخبار المنشورة التي تم اختيارها أنموذجا للدراسة، كون الدراسة تعاملت مع حالة إعلامية تمضي وفق رؤية استراتيجية بسياقات محددة تتفق مع توجهات إيران التوسعية في المنطقة ونشاطها العسكري الإحتلالي في اليمن، لذلك لم يتم الاكتفاء بتطبيق أداة تحليل المضمون، فهدف الدراسة لايقتصر فقط على تحليل مضمون محدد خلال فترة محددة أوالتحقق من صحة المعلومات الواردة في العينة ، فغالبا ما تكون الدعاية السياسية مبنية على حقائق، لكن كيف تم استخدام هذه الحقائق التي قد تكون مجتزأة أو منحازة لجانب من الحقيقة أوتم استخدامها للخروج بنتائج مغايرة، ولذلك تم تطوير مجموعة أدوات للخروج بإجابة على التساؤلات التالية:
ما هي سياقات هذه الأخبار؟
كيف تم سردها واختيار عنوانيها؟
ما هو توقيت نشرها؟
عينة الدراسة
تم اختيار عينة ممثلة من خلال اختيار الأخبار المنشور ة عن إيران في موقع وكالة سبأ بنسختها الحوثية وموقع المسيرة نت من 1/1/2021، وحتى 1/1/2022م
عينة الوسائل عينة الأخبار
-موقع وكالة سبأ بنسختها الحوثية.
-موقع المسيرة نت الأخبار المنشورة عن إيران خلال 1-يناير 2021 وحتى 1 يناير 2022
المحور الأول : نتائج عملية التحليل الإحصائي
اضطلع فريق إعداد الدراسة بمهام استثنائية نوعية، تركزت مجهوداتها على جمع وفرز وإجراء التحليل الأولي لكافة الأخبار المنشورة عن إيران خلال عام واحد فقط في موقع وكالة سبأ التابع لمليشيا لحوثي وموقع المسيرة نت، وأبرزت هذه العملية جملة من النتائج أبرزها:
بلغ اجمالي الاخبار الإيرانية في الموقعين الأخباريين الفين ومائة وستين خبرتوزعت بين السياسية ، والعسكرية ، والاقتصادية ، وأخبار أخرى.
تضمنت الأخبار المرصودة 1248تصريحا سياسيا وعسكريا.
1287 خبرا سياسيا، تركزت معظمها على واشنطن والرياض في إطار الصراعات السياسية بين الجانب، بواقع 204 خبر سياسي متعلق بواشنطن و68 بالرياض.
توزعت الأخبار السياسية أيضا بنحو280 خبر متعلق بالاتفاق النووي الإيراني و360 بالخارجية الإيرانية ، و126 خبر للرئيس الإيراني و81 خبر للمرشد "روحاني"، فيما توزعت الأخبار المتبقية بمجالات متعددة.
بلغت الأخبار العسكرية المتعلقة بإيران 369خبرا، من بينها 77 خبر للحرس الثوري الإيراني و12 خبر لفيلق القدس و71 خبر لقائد الحرس الثوري الإيراني و30 للمناورات العسكرية و21 لتجارب الصواريخ الإيرانية و51 للأعمال العسكرية الإيرانية والتصنيع العسكري و32 لتدريبات الجيش الإيراني، وأخبار عسكرية متفرقة.
152 خبر عن الاقتصاد الإيراني.
135 أخبار تتعلق بتصريحات مسؤولين إيرانيين عن الحرب الدائرة باليمن.
217خبرا تتعلق بالشؤون الداخلية الإيرانية والفعاليات الطائفية داخل إيران.
المحور الثاني : استراتيجية بسياسات إعلامية وتحريرية
ليس من العابر أن يحضر النظام الإيراني برموزه وتوجهاته وسياساته ومواقفه وقضاياه بالشكل الذي كشفت عنه نتائج الدراسة ، ولا يمكن اعتبار ذلك بأنه يأتي في سياق التبعية لإيران والإرتهان لها من قبل مليشيا الحوثي المتمردة ، فالأمر يتعلق بسياسة إعلامية دقيقة أشرف على رسمها والتدريب عليها خبراء إيرانيون ، هم أيضا من يقومون بالمتابعة والتدقيق لعمليات إعداد المحتوى ونشره وتحديد نوعه وتوقيته وسائر الإجراءات المرتبطة بتنفيذ السياسات المرسومة التي خططت بشكل يلبي تطلعات إيران الإحتلالية.
وقد اعتمدت هذه السياسات سواء الإعلامية منها أو التحريرية، على الكذب والتضليل والتحريف والاجتزاء والانتقاء والحذف والإبراز والتهميش والتضخيم والتحجيم ، بغية تحقيق العديد من الأهداف وفي مقدمتها:
تسهيل مهمة الاحتلال الإيراني لليمن من خلال احتلال العقل اليمني وطمس الهوية.
انتزاع اليمن من محيطه العربي سياسيا وعسكريا واقتصاديا وثقافيا.
إبراز إيران كلاعب إقليمي ودولي وحليف استراتيجي هام.
تقديم رموز النظام الإيراني بصفتهم أبطال وقادة ملهمون.
صناعة نفسية جديدة قابلة للتكيف مع الاحتلال الإيراني متخلية عن قيمة مقاومة الاحتلال الأجنبي.
السياسات الإعلامية ..
أبرزت نماذج الأخبار المرصودة في الدراسة ، طبيعة السياسة الإعلامية المتبعة في وسائل إعلام مليشيا الحوثي المتمردة، ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:
تكثيف الحضور الإيراني في المضامين الإعلامية بغض النظر عن الميدان الذي يتناوله الخبر بما يحقق مسألة الحضور اليومي في ذهنية الجمهور المتلقي ، تعتمد هذه السياسة على مبدأ (التكرار اليومي بإمكانه تغيير القناعات وبناء التوجهات الجديدة)، ولذلك بلغت عدد الأخبار المرصودة خلال عام (2160) خبرا في موقع وكالة سبأ بنسختها الحوثية وموقع قناة المسيرة، ولوحظ أن هذين الموقعين بوجه خاص يعمدان إلى نشر أخبار عن إيران حتى إذا تطلب الأمر تغطية أحداث وتفاصيل غير هامة تتعلق بالشؤون الإيرانية المحلية.
دعم المواقف والسياسات الإيرانية ومهاجمة حلفاء اليمن ومحيطها العربي، برزت هذه السياسة في (360) خبرا نقلت بيانات وتصريحات وزارة الخارجية الإيرانية ووزير الخارجية الإيراني ودعمت موقفهما في موضوعات مختلفة ،و(280) خبرا عن الاتفاق النووي الإيراني، في المقابل هاجم الموقعان واشنطن ب(204) خبر والمملكة العربية السعودية الحليف الأول لليمن ب (69) خبرا بمضامين تعكس مواقف وسياسات إيران.
إبراز إيران باعتبارها قوة عسكرية عظمى ومنافسة وتسويق حربها على اليمن، وفي هذا الإطار تم ضخ (369) خبرا عسكريا ، منها (60) خبرا عن الحرس الثوري و(51) عن الحرس الثوري و(12) خبرا عن فيلق القدس، و(30) خبرا عن المناورات، وأخبار متفرقو في اطار المجال ذاته. .
تعظيم وتفخيم رموز النظام الإيراني كقادة ملهمين ومؤثرين يستحقون الإعجاب ، في هذا الإطار اشتملت النماذج على (126) خبرا عن الرئيس الإيراني و(81) خبرا عن روحاني و(71) خبرا عن قائد الحرس.
السياسات تحريرية ..
اعتمدت الأخبار المرصودة على سياسات تحريرية يمكن أن نوجزها في:
احتلال اللغة والمفاهيم كخطوة أولى على طريق احتلال العقل وصولا إلى احتلال الأرض دون مقاومة أو مواجهة، تمثلت هذه السياسة في:
تهميش الصوت والفعل اليمني المقاوم من خلال إطلاق مسميات ساخرة أو باعثة على الإشمئزاز والنفور من ذلك على سبيل المثال (المرتزقة –الإرهابيين)، وكذلك تسمية حلفاء اليمن المساندين لقضيتها العادلة ب(العدوان – المحتلين – عملاء الصهيونية).
محاولة بناء تصور إيجابي عن إيران من خلال استخدام كلمات توحي بأنها ( حليف استراتيجي – راعية القيم الإسلامية – رافعة القضية الفلسطينية) وغيرها من المفردات والمصطلحات والأوصاف التي يستخدمها النظام الإيراني من باب التضليل الإعلامي لتحقيق مكاسب سياسية.
تظليل الجمهور لتحقيق أهداف سياسية، من خلال استخدام مفردات ومصطلحات خادعة،على سبيل المثال (السيادة –حق الدفاع عن البلد-المجلس السياسي –الجيش واللجان الشعبية ).
إعادة برمجة القيم بهدف السيطرة على العقل
تاريخيا عرف اليمنيون بمقاومتهم للإحتلال الأجنبي ورفضهم لكل الأجندات الدخلية، ولأجل ذلك تغلبوا على كل موجات الاحتلال والغزو العسكري، ويعود ذلك إلى قناعات متأصلة لدى اليمني تعلي من شأن السيادة والكفاح المشترك ضد المحتل ورفض الإرتهان، ولتحقيق اختراق في هذا الجانب يعمل إعلام مليشيا الحوثي المتمردة على إعادة برمجة اليمنيين لتغيير معتقداتهم وقيمهم، وبالنظر والتدقيق في الأخبار المرصودة يتكشف مرادها ومراميها، خصوصا عند تتبع المراحل اليومية لتطور الرسائل التي تبعثها المضامين للمتلقي والتي بإمكانها وبشكل تدريجي ولا شعوري تغيير قناعاته كليا، وتجلت هذه السياسة في :
إعادة برمجة عقلية المتلقي سياسيا وثقافيا واجتماعيا وأخلاقيا بغية عزله كليا عن معتقداته السياسية والوطنية والدينية والثقافية، فلم تعد إيران بالنسبة للمتلقي عدو ومحتل ، فهي دولة رائدة ومؤثرة وقوية ومؤثرة وحليفة يجب تبني مواقفها والدفاع عنها وتمكينها من البلاد لإنقاذها، وستصبح رموزه وقادته الملهمين هم (روحاني – لارجاني – سليماني – حسن نصر الله)، وباعتبار هذه الوسيلة أكثر الوسائل فاعلية في إحداث التغيير يراهن الإعلام الإيراني عليها كثيرا في غسل دماغ المتلقين ودفعهم نحو التخلي عن معتقداتهم الأساسية وعزلهم عن المحيط ، أوفي أقل الأحوال إقناع المتلقي بأن تجاربه ومعتقداته وثققاته الأصيلة كانت خاطئة ، وبذلك يضمنون تحييده أو استهدافه بوسيلة أخرى كمرحلة ثانية.
إرباك العقل وزعزعة الثوابت والمسلمات ، لا بطريقة مهاجمة المسلمات والثوابت ، بل من خلال ضخ أخبار يومية منتقاة تحمل دعاية سياسية لإيران من خلال تصويرها كدولة حليفة وذات نجاحات سياسية واقتصادية وعسكرية ومنتصرة للقيم والقضايا الإسلامية ، بهدف توجيه قناعات المتلقي وجهة أخرى مع اعتقاده بأنه يمارس هذه القناعات بمحض إرادته واختياره.
صناعة عدو وهمي مشترك يتطلب توحيد الأهداف باتجاه مواجهته يتمثل هذا العدو بالصهيونية، ولطالما رفعت إيران هذا الشعارواقتصرت نتائجه على احتلال البلدان العربية، وتهدف هذه السياسة إلى توجيه الفكرة نحو هذا العدو الوهمي بالنسبة لإيران وتركها تتوسع في احتلال البلدان تحت هذا المبرر، أيضا يأتي في سياق التغطية على جرائمها في العراق وسوريا ولبنان واليمن وتحويلها إلى بطولات في سبيل نصرة قضايا الأمة، وقد تكثفت الأخبار بهذا الخصوص.
التشكيك بالدوافع ويأتي بطريقة وصف المقاومين للاحتلال الإيراني بالمرتزقة والمتصارعين على الثروات والأموال، إضافة إلى التشكيك بدوافع القيادات السياسية والعسكرية للحكومة الشرعية، ودوافع الحلفاء.
الاستنتاج من الحقائق استنتاجات مغايرة، وهذه السياسة شملت كافة مجالات الأخبار حيث يتم نقل أخبارحقيقية تتعلق بجوانب سياسية وعسكرية واقتصادية وغيرها، ويتم تضمين هذه الحقائق نتائج مزيفة وتفسيرات مظللة هدفها إيصال رسائل داعمة للنظام الإيراني وأجندته الاحتلالية.
النتائــــج
بشكل إجمالي فقد أبرزت عملية دراسة سياقات الأخبار جملة من النتائج نوردها في النقاط التالية:
إعلام مليشيا الحوثي، يخضع لاستراتيجية وإدارة إيرانية، فهو بمثابة الإعلام الإيراني الناطق باللغة العربية، ويتولى تنفيذ الاستراتيجية الإيرانية الهادفة إلى احتلال العقل اليمني تمهيدا لاحتلال أرضه، وهذا يشير أيضا إلى مدى الارتباط والولاء المطلق الذي تحمله مليشيا الحوثي المتمردة للنظام الإيراني.
شكل ملف الحرس الثوري الإيراني والملف العسكري الإيراني أولوية مطلقة في تناولات الإعلام الحوثي، وحملت هذه التناولات رسائل تهديدية مبطنة للمنطقة العربية.
الأخبار العسكرية ركزت على إبراز وتضخيم الإنتاج العسكري الإيراني خصوصا في ما يتعلق بأخبار الصواريخ الباليستية، بصيغة تؤدي إلى إيصال رسائل تهديد وتحدي لدول الخليج العربي.
أعطى الإعلام الحوثي مساحة كبيرة للملف الاقتصادي الإيراني، مع التركيز على جوانب التنمية واستعادة الأموال المجمدة وبيع النفط، بهدف إظهار إيران كقوة اقتصادية مستقبلية، وبأنها الحليف الأنسب والقادر على حلحلة المشاكل الاقتصادية في البلاد.
كما اجتهد في تسويق المواقف الإيرانية بخصوص الحرب في اليمن من خلال نشر تصريحات قيادات النظام الإيراني بقوالب متعددة وتكرارها بصيغ مختلفة، وبالأخص التصريحات التي تستهدف المملكة العربية السعودية والتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن.
مجمل الأخبار والتناولات أبرزت بأن مليشيا الحوثي جزء أصيل من استراتيجية إيرانية لاحتلال اليمن والخليج منذ زمن مبكر.