×
آخر الأخبار
دائرة الطلاب بإصلاح أمانة العاصمة تنعي التربوي "فرحان الحجري" مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"  "هولندا" تؤكد دعمها للحكومة الشرعية لتحقيق السلام الدائم والشامل انتهاك للطفولة.. منظمة ميون تحذر من مراكز الحوثي الصيفية لمشاركتهم في تظاهرة احتجاجية.. الحوثيون يختطفون أربعة من موظفي مكتب النقل بالحديدة صنعاء.. وكيل نيابة تابع للحوثيين يهدد محامية ونقابة المحامين تدين شبوة.. إصابة طفلين بانفجار لغم من مخلفات الحوثيين الأكبر منذ 2015.. إيران تزيد من منحها الدراسية لعناصر مليشيا الحوثي تهديد "حوثي" للأطباء بعد تسرب وثائق تدينها بتهريب مبيدات مسرطنة تحالف حقوقي يوثق 127 انتهاكاً جسيماً بحق أطفال اليمن خلال أقل من عامين

مناشدة

الإثنين, 28 سبتمبر, 2020 - 08:14 مساءً

ستة أعوام مضت منذ أن اختطفت ميليشيا الحوثي تسعة صحفيين، بينهم شقيقي توفيق، حينها كنا جميعاً نعتقد أن مدة الاختطاف لن تستمر أيام لكنها استمرت، واعتقدنا أنها لن تزيد عن أسابيع ولكنها زادت، واعتقدنا أنها لن تطول عن أشهر ولكنها طالت، واعتقدنا أنها لن تتعدى سنة واحدة ولكنها تعدت خمس السنوات؛ وست سنوات، ومن يدري ربما تمتد عشر سنوات، وربما ... لا أريد أن أقول ولن أستطيع أن أقول.
 
تتراكم هذه الأيام والشهور والسنين على أهالي الصحفيين خارج السجن بأوجاعها وأحزانها ومراراتها الخانقة؛ وليس ما أقصده من الأوجاع والأحزان تلك التي يتركها غياب المختطف وما يتعرض له من تعذيب ومعاملة قاسية وحرمان من الزيارات؛ وإنما أوجاع وقهر الخذلان والإهمال من القريب قبل البعيد ومن الدولة قبل الجهات ومن المعنيَ قبل الجلاد.
 
معلومٌ أن العصابات الحوثية هي التي اختطفت الزملاء الصحفيين ولاحقت اخرين وكدّست في سجونها الآلاف من اليمنيين، ومعلوم أنها تعمل ذلك بكل التباهي والبجاحة التي تمتاز بها العصابات المارقة؛ لا يُثنيها عن ارتكاب الجرائم بيان أو تظاهرة إلكترونية، تُمعن بانتهاكاتها في وضح النهار أو تحت جُنح الليل، لا شيء في قاموس تكوينها يوحي بالتعايش والسلام؛ فما نشاهده منها الجريمة والجريمة، تسبقها جريمة وتغطيها جريمة وتزاحمها جريمة وتتلوها جريمة وتنتظرها جريمة وتنقذها جريمة؛ حتى أصبحت مألوفة ومتقبلة ومبررة.
 
لكن غير المعلوم هو لماذا نُخذل؟ لماذا تنظر الدولة والمسؤولون عن هذا الملف الإنساني بعيون الحياد والريّبة وهم يرون مئات الضحايا ممن ابتلعتهم السجون الحوثية؟ ما الذي يدفع القريب قبل البعيد ليخذل قضيتك؟ أي معيار إنساني يستخدمه المعنيون الذين أُوكلت إليهم مهمة متابعة وإتمام صفقة التبادل لكي يتجرؤا على إجهاض صفقة تبادل كانت على وشك أن تتم ويُفرج عن زملائنا؟ هل تستنسخ الجهات المسؤولة عن ملف المختطفين طرق العصابات في المتاجرة بالقضايا الإنسانية؟ لماذا يصر فريق التبادل المتواجد في مارب على التعامل مع قضية المختطفين بشكل مناطقي وعنصري؟ تساؤلات تملأ رأسي وتكاد تشطره الى نصفين، دون أن أجد حلولاً لها.
 
ليست المرة الأولى التي يلعب فيها بصفقة تبادل مع المليشيات للإفراج عن الصحفيين المختطفين، إجهضت عدة صفقات تم الترتيب لإتمامها بعد عناء وجهد لكنها وجدت نفسها في آخر المطاف بقائمة تبادل أخرى، ولا أقصد هنا أننا نريد إخراج الزملاء دون غيرهم، بالعكس فالجميع يجب أن يكونوا خارج هذه السجون، ولا مبرر لاختطافهم، ولكن أن يتم التحايل على هذا الملف الإنساني ويتخذه المعنيون للمتاجرة والاسترزاق فهذا ما لا نقبله ولن نسكت عنه أبداً.
 
تتلاعب اللجنة الخاصة بالتبادل في مارب بملف المختطفين منذ أن وضعت يدها على هذه القضية، فهي التي تقرر من يبقى في السجون ومن يخرج وفق معاييرها الخاصة والمناطقية ومن تقبض منه أكثر، حولت هذا الملف الإنساني إلى مصدر للاسترزاق والابتزاز، لا يهمها قضية وطنية ولا إنسانية، واتخذت من معاناة الأهالي وآنات الآلام في السجون مكسب مادي ومصلحي وغير أخلاقي لا يمت للإنسانية بصلة.
 
خلال ستة أعوام من عمر الجريمة؛ تعرض الصحفيون المختطفون لأبشع أساليب التعذيب والتنكيل والتحقيق والمعاملات القاسية في الزنازين والأقبية الحوثية، ولم تكن عائلات الصحفيين بمعزل عن هذه الأساليب من التعذيب النفسي والمعنوي وفي بعض الأحيان حتى الجسدي، نالت الجزء المكشوف من ويلات التعذيب والترهيب؛ بداءً من الحرمان للزيارات والاعتداء على بوابة السجون وانتهاءً بالخذلان.
 
فكان أهالي الصحفيين المختطفين هم الحلقة الأضعف قبل زملائنا في السجون، إذ إن الزملاء في السجن يعرفون من يعذّبهم ويحقق معهم وينكل بهم؛ كما أنهم يدركون أنهم في وضع لا يسمح لهم بالكلام حتى أو التشمّس، يواجهون الموت وجهاً لوجه وهم مدركون لماذا عليهم أن يواجهوا هذا المصير ويتقبلوه؛ بخلاف أهاليهم الذي من المفترض أنهم سيعملوا شيئاً لإنقاذهم، لكن الأهالي يفشلون ويتعثرون وتخيب جهودهم وتتلاشى آمالهم؛ فهم يٌخذلون ككل مرة ويتركون على قارعة المأساة بين ظلم الاختطاف ومحسوبية صفقات تبادل الإفراجات.
 
ومنهم من غادر الحياة مغلوباً ومخنوقاً بشوق وحنين لابنه المغيب ظلماً منذ ست سنوات، مات كمدا وقهرا وهو ينتظر أن يكحل عينيه برؤية فلذة كبده وهو حر طليق؛ وكان الموت أسبق إليه من تحقيق أمنيته، ماتوا ودفنت معهم أحزانهم ودموعهم ومعاناتهم واشتياقهم لأبنائهم في السجون.
 
نفهم هذا التوحش الحوثي تجاه المختطفين وخاصة الصحفيين؛ لكننا لا نفهم خذلان قضية زملائنا في محافل حقوق الإنسان وفي ملفات التبادل، على الرغم أنها قضية إنسانية بحتة وربما يعرف تفاصيلها الجميع؛ لكنها تبقى في عداد القضايا المنسية والأرجح المتناسية، حتى أن المبعوث الأممي وبعد أن أصدرت مليشيا الحوثي أوامر إعدام بحق أربعة منهم لم يذكرهم في إحاطته لمجلس الأمن ولم يتم اعتمادهم في كشف التبادل إلا بعد تدخل من
كبار المعنيين، قضية كُتب لها النسيان والإهمال وغير ذلك.
 
لم يبق أمامنا إلا أن نوجه مناشدات لكل الضمائر الحية للوقوف مع أهالي الصحفيين والضغط على المليشيات الحوثية للإفراج عنهم، ونداء خاصاً للمنظمات والاتحادات والنقابات الصحافية نناشد فيكم الضمير الصحفي لمناصرة قضية زملائكم المختطفين في السجون العبثية منذ ستة أعوام، نناشد الضمير الإنساني لكل الحقوقيين والمعنيين بحقوق الإنسان في العالم لإنقاذ الصحفيين المختطفين في اليمن.
 


اقرأ ايضاً 

كاريكاتير

وضاح محمد