الوداع يا حبيب الرحمن
الأحد, 06 ديسمبر, 2020 - 04:44 مساءً
(حبيب الرحمن) هو إسمه وهي صفته وهي بهائه وجماله هي روحه هي حيائه واستحيائه هي لسانه وصدقه هي ضحكته وتبسمه هي تلاوته وصلاته هي جهاده واقدامه هي حركته وسكونه.
الخلاصة هي كل حياته، الحقيقة أنها صفات ورثها عن أسرته فقد نشأ في أسرة فاضلة ابتدأ من جده القاضي هلال الكبودي رحمه الله ثم أبوه وأعمامه وكل أسرته.
حبيب الرحمن حفظ القرآن من صغره ثم أصبح مدرسا في المدرسة التابعة لمسجد الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر في الحصبة، من هنا بدأ الوصال بيننا!، حيث كان أستاذاً لأولادي في نفس المدرسة.
لم يكن أستاذاً يحفظ الأولاد القرآن فحسب بل كان أستاذاً ومربياً واخاً وصديقاً لهم جميعاً، اتذكر حينما كان يؤمنا في الصلاة في جامع الأحمر ويصدح بتلاوته العذبة، كان يحلق بنا عاليا ويطرق قلوبنا طرقا لحسن تلاوته وجمال صوته.
كانت كلمة حبيب تتردد كثيراً على مسامعي من قبل أولادي كنت في البداية لا القي لها بالا لكنني حينما لاحظت مقدار تعلق أولادي باستاذهم حبيب!، بدأت أبحث وأسأل عن حبيب فلما علمت من هو حبيب وفي أي بيئة نشأ اطمئن قلبي.
ذات مرة سمعت ابني يقول أن حبيب سأله، قال لو تقدمنا نخطب منكم هل سيوافق ابوك على تزويجي؟
لم الق لهذه الكلمة بالا في بداية الأمر لكن عندما تكررت بدأت أفكر في الموضوع قلت في نفسي لن أجد أحسن من حبيب زوجاً لابنتي.
في تلك الفترة أذكر أن كثيراً تقدموا لخطبة ابنتي وكان منهم شخص الح الحاحاً شديداً كان صاحب جاه ومال ولم يكن هناك ما يعيبه وفي نفس الفترة تقدم حبيب فتغلب على منافسيه بسهولة تامة وتوج انتصاره بخطبة ابنتي.
غادر حبيب صنعاء مبكراً متجها إلى مأرب ملبيا داعي الجهاد، كان من أوائل من قاتل الحوثي يوم أن كان الحوثي محاصراً لمدينة مأرب عام 2015م كان يصلني خبره وشجاعته واقدامه وتضحيته رغم صغر سنه.، كنت حينها خارج اليمن.
تزوج حبيب عام 2017 وعاش مع زوجته في حب ووئام وعطف وحنان وسعادة تغمر بيتهما الصغير، ثم في نهاية عام 2019 رزق بمولود أسماه (غيث) نسأل الله أن يكون كأبيه وأحسن.
كان حبيب وديعاً ودوداً حنوناً، لكنه وقت الجد مقاتلا شرساً لا يشق له غبار بشهادة زملائه ورفاق دربه في جبهات القتال،
شارك في أغلب المعارك التي خاضها الجيش الوطني.
في العام 2020م ذهب إلى السعودية بدعوة من إخوته هناك ولكن جائت جائحة كرونا فاغلقت المنافذ فبقى هناك حوالي ثمانية أشهر ثم عاد إلى مأرب، مكث مع زوجته أيام ثم ودعها وودعنا جميعاً وتوجه إلى جبهات العز والشرف والبطولة في المنطقة العسكرية السابعة حيث كان أحد ضباط اللواء 141.
عند وصوله الجبهة كانت المعارك حينها مشتعلة فتقدم هو ورفاقه إلى المواقع الأمامية وقاتلو قتال الأسود الكواسر استمر القتال ساعات ولأن مواقعهم كانت متقدمه على مواقع رفاقهم أحاط بهم العدو من عدة جهات، رفضوا الانسحاب واستمروا يقاتلوا طوال الليل حتى نفذت ذخيرتهم.
ساد الصمت وانهمر عليهم الرصاص مثل مطر السماء لكن لم يصيبهم الاذى كونهم متمترسين، فجاءة القى العدو عليهم القنابل اليدوية فأصابت ابراهيم الذي لفض الشهادتين ولقي ربه وصمت، ناداه حبيب فلم يجب تحرك حبيب من مكانه ليتفقد رفيقه فتلقي رصاصة قناص في رأسه اتكاء بهدؤ على مترسه ولقي ربه بصمت وكذلك حدث لعبدالخالق.
كانوا على موعدٍ مع ربهم وحل وقت تسلمهم الجائزة فقد إنتهى عملهم وأدو المهمة التي أنيطت بهم بكل إخلاص وتفاني وإتقان ولقوا ربهم مقبلين غير مدبرين، اصطفى الله حبيباً ورفاقه ومنحهم أعلى وسام يمكن للإنسان ان يحصل عليه في هذه الدنيا (الشهادة في سبيل الله)..
اوجعنا رحيلك يا حبيب وآلمنا فراقك لكن لا نقول الا ما يرضي ربنا، أنت غالي على قلوبنا لكن دين الله أغلى وأنت حبيبنا لكن حب الله لك أغلى وأعلى وأسمى.
ستضل ذكراك محفورة في قلوبنا وحاضرة في أذهاننا..
سأتذكرك في دموع زوجتك التي تسيل وفي لعب وضحكات ابنك الذي لم يتعود عليك بعد، سأتذكرك حين دعوات أبيك واعمامك واخوانك، لن ننسى ابتسامتك وطيبة قلبك ورقة مشاعرك ولن تنساك مدينة مأرب وجبهات صرواح والمخدرة وماس وفرضة نهم ولن ينساك المقاتلون هناك ولن ينساك من عرفك! فقد كنت حبيباً في أخلاقك وفي سلوكك وفي تصرفاتك وفي علاقاتك.
في أمان الله يا حبيب،
في يد الرحمن يا حبيب الرحمن فهو احنّ بك منّا
مع الله يا حبيب
مع الله يا حبيب.
انا لله وانا اليه راجعون.