×
آخر الأخبار
مصدر حكومي: رئيس الوزراء لن يعود إلى عدن إلا ومعه بشائر انفراجة في المرتبات والكهرباء اليمنية تعلن انضمام طائرة "إيرباص" جديدة إلى أسطولها نهاية مايو العليمي في القمة العربية ببغداد: اليمن يجدد دعمه للقضية الفلسطينية ويرفض التدخل الإيراني  "إرهاب متعمد" .. شائعات حوثية تغلق مصنع مياه بصنعاء وتجبر السكان على النزوح غزة.. أكثر من 100 شهيد في يوم دامٍ آخر مقتل واصابة عشرة أشخاص نتيجة غارات إسرائيلية على الحديدة الثقافة تنعى الشاعر البكالي وتشيد بدوره الأدبي تظاهرة نسوية تطالب بتحسين الوضع الخدمي في عدن وقفات شعبية في تعز ومأرب تندد باستمرار العدوان الإسرائيلي على غزة خلال لقائه السفير الأمريكي.. البركاني يؤكد على ضرورة إنهاء الانقلاب الحوثي المهدد للاستقرار

غياب العدالة الإنتقالية في اليمن

الاربعاء, 18 يناير, 2023 - 03:17 مساءً

تتسارع خطى المجتمع الدولي والإقليمي، والمبعوث الأممي إلى اليمن، لتحقيق السلام وإنهاء الحرب في اليمن، والإعلان عن قرب الوصول إلى تسويات وتفاهمات سياسية بين الأطراف المتحاربة، بعد ثمان سنوات من الحرب والصراع المسلح بعد انقلاب مليشيا الحوثي المسلحة على مؤسسات الدولة وإشعال حرب قتل فيها أكثر من ربع مليون يمني، وتشرد قسرياً ما يزيد عن أربعة ملايين، وارتكبت انتهاكات وحشية ضد المدنيين، وإرث ثقيل من الجرائم وواقع مظلم يعانيه ابناء اليمن في مختلف نواحي الحياة.
 
إن تجاهل المجتمع الدولي لتحقيق قيم العدالة، والذهاب إلى سلام وهمي لإخماد نار الحرب دون الرجوع الى جذور المشكلة وأسبابها ومعاقبة المجرمين والانتصار للمظلومين، هي بمثابة منح شهادة حسن سيرة وسلوك لمنتهكي حقوق الإنسان، وتأسيس لدورات قادمة وأشد ضراوة من العنف والصراعات المستقبلية.
 
إن الحديث عن مشاورات وتسويات بعيداً عن العدالة، والقفز على حقوق ضحايا الانتهاكات الجسيمة والجرائم الخطيرة، دون أي تدابير سواء قضائية أوغير قضائية تضمن حقوق الضحايا والانتصاف لهم وجبر الضرر ومحاسبة الجناة، ليست سوى خدمات مجانية لعصابة ومليشيا مسلحة طائفية، قوضت ودمرت سلطات الدولة اليمنية، وتعتقد بالولاية والتفوق العرقي والتمييز العنصري والحق الإلهي في الحكم، وتنكر قيم الديمقراطية والمواطنة المتساوية، ولا تعترف بالدستور اليمني والنظام الجمهوري وسيادة القانون. 
لن يقبل اليمنيون بأي محاولات تسعى لتثبيت وفرض مليشيا الحوثي، التي عملت خلال السنوات الماضية على تركيع وإذلال الشعب اليمني من خلال سياسة التجويع والإفقار الممنهج لتجريف هويته، وألغت كل مظاهر الحياة السياسية ونهبت أسلحة الدولة، وتواصل نشر معتقداتها الطائفية وحرفت المناهج الدراسية وجندت الأطفال وطلاب المدارس ونهبت أموال اليمنيين، وتحاصر المدنيين وتعنتت في الذهاب إلى مفاوضات السلام، وإن أي نتائج للمساعي الدولية أو المشاورات لا تفضي إلى إرساء قواعد العدالة الانتقالية ماهي إلا وهمُ وسراب وتأجيل للحرب لاغير. 
أثبتت التجارب في العديد من الدول أن تدابير العفو التي تسد باب المقاضاة أو سبل الانتصاف المدنية في سياق جرائم بشعة هي تدابير يُستبعد أن تفضي إلى حل دائم، والهدف منها هو التمترس خلف قلعة الإفلات من العقاب. 
في الثمانينات، اعتمدت الأرجنتين قوانين العفو والإفلات من العقاب بحجة إنهاء الصراع، ودافعت الحكومة عن إجراءاتها تلك على أساس وجود "حاجة ماسة إلى المصالحة الوطنية وتوطيد أسس النظام الديمقراطي وفي عام 2003 ألغى الكونغرس الأرجنتيني تلك القوانين بأثر رجعي، وأيدت المحكمة العليا إجراءات الكونغرس بعد عامين، وبعد مرور عقدين من الزمن أجريت المحاكمات في الأرجنتين في سياق انتهاكات حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية، وفي تشيلي، ألغت المحاكم قانون عفو صادر في حقبة بينوشيه، وسمحت بالملاحقة القضائية، استناداً إلى مذاهب قانونية تتحدى قوانين العفو من تأمين الإفلات الكامل من العقاب، وأخفقت العديد من التجارب التي اعتمدت ثقافة الافلات من العقاب، لانها تتناقض مع القوانين والمواثيق الدولية، بل شجعت على ارتكاب المزيد من الجرائم والانتهاكات ضد حقوق الإنسان. 
يتوجب أن ترتكز العدالة الانتقالية في اليمن، على الكشف عن الحقيقة، ومعرفة مصير الضحايا والاعتراف والاعتذار وتحديد هوية مرتكبيها، وبما لا يؤدي إلى اثارة نزعات الانتقام حفاظاً على السلم الاجتماعي، وحفظ الذاكرة الوطنية التي تعد حقاً للأجيال لاستخلاص العبر و تخليداً ذكرى الضحايا.
كما ترتكز على المساءلة وفقاً لآليات وتدابير قانونية تحول دون التنصل من المسؤولية لكافة أشكال انتهاكات حقوق الانسان، وإصلاح المؤسسات من خلال مراجعة التشريعات، والالتزام بالقوانين لهذه المؤسسات و عدم تجاوز المسؤولين عنها تحت أي مبررات أو ذرائع، وتنقيتها ممن ثبت تورطهم أو تواطؤهم في الانتهاكات وجرائم الفساد، واتخاذ كافة الاجراءات لمنع تكرار الانتهاكات مستقبلا، حتى لا تصبح العدالة الانتقالية ممراً سهلاً لمنتهكي حقوق الإنسان.
نكرر القول، إن سياسة الافلات من العقاب قد تخلق واقع أشد سوءاً ويديم الصراع بدلاً من أن يحقق السلام والاستقرار والمصالحة الوطنية على أسس عادلة، وإنّ أية عملية انتقالية منظمة تخلو من العدالة والمساءلة، سيكون لها آثار سلبية بل وكارثية على مستقبل اليمن.
 
*مدير عام حقوق الإنسان بأمانة العاصمة
 
 
 
 
 
 


اقرأ ايضاً 

كاريكاتير

1