هل تتذكرون نايف الجماعي؟
الإثنين, 03 مارس, 2025 - 12:12 صباحاً
في لحظة فارقة من تاريخ اليمن، حين كان كثيرون يفضلون الصمت أو الهروب إلى المنافي الآمنة، وقف الشهيد نايف الجماعي كجبل" بعدان "شامخا، ثابتا في وجه العاصفة، رافضا كل إغراءات التخلي والاستسلام.
ولقد كان بإمكانه أن يختار حياة الرفاهية، أن يكتب قصائد تحريضية من عواصم الشتات، أن يحصل على امتيازات ومناصب تجعله بعيدا عن المخاطر، لكنه اختار أن يكون في قلب المعركة، حيث تصنع البطولات، وحيث يتجسد معنى الشرف.
كان صاحبي نايف الجماعي أكثر من مجرد قائد عسكري أو شيخ قبلي، كان رجلا متعدد الأبعاد، اقتصاديا ناجحا، شاعرا شعبيا بليغا، وأديبا مرهف الحس، لكنه قبل كل شيء كان ثائرا حرا، لا يقبل الضيم ولا يساوم على مبادئه.
بل آمن أن الكرامة لا تُشترى، وأن الوطن ليس مجرد أرض، بل هوية وتاريخ وقضية يجب الدفاع عنها حتى آخر رمق.
في الحقيقة لم يكن اختيار نايف الجماعي لخوض المواجهة ضد الميليشيات الحوثية خيارا عابرا، بل كان امتدادا لتاريخ طويل من النضال في محافظة إب، إذ تعاقبت موجات الصراع بين المشروع الحميري العريق والمشروع السلالي الذي حاول طمس الهوية اليمنية.
هذه المحافظة، التي أنجبت واحتضنت أيقونات فكرية وثورية مثل علي عبد المغني، مطهر الإرياني، الدكتور عبد العزيز المقالح ،جار الله عمر، احمد قاسم دماج ، محمد قحطان، عبد الفتاح البتول ،محمد حسين الفرح، حميد شحرة ، الفقية سعيد، الشيخ الدعام ،القاضي عبد الرحمن الإرياني، عقيل عثمان، والربادي، إلخ.كانت دائما ساحة لمواجهة مشاريع الهيمنة والاستبداد.
في هذا السياق، جاء دور نايف الجماعي كامتداد لهذه السلسلة من الأبطال، الذين رفضوا الانحناء، وأصروا على أن تظل إب عنوانا للهوية والحرية.
وبالتأكيد لم يكن مجرد مقاتل يحمل السلاح، بل كان صاحب رؤية، يفهم أن المواجهة ليست فقط في ميادين المعارك، بل أيضا في معركة الوعي والثقافة والاقتصاد.
والشاهد أن الشهيد الجماعي لم يكن من أولئك الذين استغلوا الحرب لتحقيق مكاسب شخصية، أي لم يبنِ القصور، ولم يسجل اسمه في قوائم الامتيازات، ولم يتاجر بالدماء. بل كان بإمكانه أن يكون مثل كثيرين، يكتفي بالصراخ من بعيد، لكنه اختار أن يكون في الصفوف الأولى، حيث يتقرر مصير الأوطان.
فحين وقف في مواجهة الحوثيين، كان يدرك أنه يواجه عدوا شرسا، يستخدم كل الوسائل للقضاء على خصومه، لكنه لم يتراجع. ظل ثابتا على مواقفه، حتى سقط شهيدا، لكنه لم يسقط من ذاكرة الأحرار، لأن تضحياته لم تكن لحظة عابرة، بل كانت جزءا من معركة طويلة، لا تزال مستمرة حتى اليوم.!
نعم ، هل تتذكرون نايف الجماعي؟ سؤال لا يجب أن يكون مجرد استدعاء عابر للذكريات، بل دعوة للتأمل في المسار الذي سلكه، وفي التضحيات التي قدمها. بمعنى أدق فإن تذكره ليس مجرد فعل رمزي، بل مسؤولية أخلاقية ووطنية، لأن الأمم التي تنسى أبطالها تفقد بوصلتها.
والحال أن الحديث عن نايف الجماعي لا يقتصر على استعادة سيرته، بل هو استحضار لمعنى الفداء الحقيقي، ولضرورة أن تبقى مبادئه حية في قلوب الأحرار، لأن الطريق الذي سلكه لم ينتهِ باستشهاده، بل هو الدرب الذي يجب أن يسير عليه كل من يرفض الخضوع،و كل من يؤمن أن الحرية لا توهب بل تنتزع، وأن الأوطان تبنى بدماء الأبطال لا بخطابات الاستجداء.
نعم ، رحل نايف الجماعي، لكنه لم يغب. بل إن اسمه بات جزءا من تاريخ هذا الوطن، وسيرته ستظل ملهمة لكل من يرفض العبودية ويؤمن أن اليمن لن يكون إلا جمهوريا، حرا، كريما.
و في الذكرى التاسعة لاستشهاده، يجدر بنا أن نتساءل: هل لا يزال فينا من يحمل روحه؟ هل لا يزال هناك من يسير على دربه؟
ولأن الوفاء لا يكون بالبكاء على الأطلال، بل بالسير على خطى الشهداء، حتى يتحقق الحلم الذي ماتوا من أجله: يمنٌ لا يخضع للكهنوت، ولا يركع للطغاة، يمنٌ يكون فيه أحراره أسيادا لا عبيدا، شامخين لا منكسرين.
ينتمي الشيخ نائف الجماعي الى مديرية بعدان بمحافظة إب، وسبق للحوثيين ان فجروا منزله في المديرية ويعد واحدا من قيادات حزب التجمع اليمني للاصلاح في محافظة إب.
تخرج من كلية التجارة بجامعة صنعاء، وكان احد انشط القيادات الطلابية بالجامعة/ وعمل مديراً مالياً لمؤسسة الناس للصحافة في عهد مؤسسها الراحل حميد شحرة، ثم تولى الإشراف على الصحيفة بعد رحيل شحرة
بعدها عمل كمدير لفرع مصرف البحرين الشامل في محافظة تعز.
وهو احد الشعراء المشهورين بقصائدهم الوطنية والشعبية،وله العديد من القصائد التي غناها العديد من المنشدين منذ ثورة فبراير 2011م، وابرزها اغنية " الشرف والتحية للجنود البواسل" التي غناها جميل القاضي و فوزي عصام.
كما كتب الجماعي العديد من القصائد التي لحنها منشدين على هيئة زوامل شعبية.
واستشهد الشيخ نايف الجماعي في مدينة دمت بمحافظة الضالع وهو في مقدمة صفوف المقاومة الشعبية التي تصدت لهجوم ميليشيا الحوثي برصاص قناص أثناء تمشيط المقاومة للمواقع التي تم تحريرها.
رحم الله نايف الجماعي، ورحم كل الشهداء الذين قدموا أرواحهم كي تبقى روح الجمهورية متوقدة في العقول والقلوب.
من صفحة الكاتب على "فيس بوك"
اقرأ ايضاً
آخر الأخبار
كاريكاتير

الأكثر قراءة
العاصمة اليوم

تقرير حقوقي صادر عن مركز العاصمة الإعلامي
الأحد, 13 أغسطس, 2017

ندوة مركز العاصمة الإعلامي
الأحد, 13 أغسطس, 2017

المرأة في صنعاء لا حرمة لها.. مركز العاصمة الإعلامي يرصد ...
الخميس, 01 يناير, 1970

مركز العاصمة الإعلامي يشهر دراسة بحثية عن استراتيجية إيران ...
الخميس, 01 يناير, 1970
