اليمنيون الأمريكيون الجدد
السبت, 21 أكتوبر, 2017 - 11:30 صباحاً
يوم 11 سبتمبر الماضي، مررت في نيويورك وكانت تجري هناك انتخابات محلية .. وكان إلى جانبي شاب يمني يتحدث في التلفون.. وقال لي هذه زوجتي، كنت أتحدث إليها وهي في طريقها إلى الإقتراع، هناك انتخابات اليوم .. فقلت جميل ما تفعلون.. يجب أن يكون لكم مشاركة وأثر ودور في هذا البلد المهم .. قال نعم.. لقد كنا مغيبين ، او بالأحرى غائبين ، مع أن مصلحتنا تقتضي المشاركة بفاعلية قصوى.. وأضاف : المرشح الذي نريد دعمه مسيحي فلسطيني.. فقلت : السياسة تحالفات ... وفِي بلد مثل أمريكا ، يقتضي أن تكون التحالفات عابرة للأديان والاجناس والمذاهب..
وقد رأيت يهودا يقفون مع المسلمين هناك ضد الحظر الذي تبناه الرئيس ترامب ، ويرفعون شعار لا حظر ولا جدار.. وبالمثل وقف مسلمون إلى جانب اليهود هناك ، إزاء إنتهاكات تعرض لها اليهود مثل العدوان على مقابر إليهود في أمريكا..
في 1999 كنت في جامعة مانشتر ، وجرت انتخابات طلابية ، ومررت في مصلى في الجامعة، في طريقي إلى الإقتراع، واستوقفني طالب عربي، متسائلا، هل ستشارك في الإنتخابات..؟! فقلت نعم .. فقال : ما تصح هذه الإنتخابات..! وبدا كمن هو معترض على فكرة الإنتخابات أصلا.. فما بالك أن ترشح قائمة فيها غير مسلمين.. ! ربما تعجبت حينذاك أن تجد طالبا في جامعة بريطانية يفكر على ذلك النحو..
بعد الإقتراع جرى حوار سريع بيني وبين أحد قياادات الطلاب المسلمين في الجامعة ، وحدثته عن استغرابي لموقف زميله الذي حاول أن يثبطني عن المشاركة، فقال : قد لا يدرك اخونا المثبِط ، بأنه لولا مشاركتنا وتحالفاتنا، لما وجد المصلى الذي وجدته يصلي في الجامعة ..! إن هذا المصلى من نتائج تفاعلنا ونشاطنا ..
قبل قرارات ترامب كان النشاط السياسي لليمنيين الأمريكيين محدودا ، لكنه بدا يتعاظم بعد شعورهم بمخاطر تهدد مصالحهم ووجودهم في ذلك البلد العالمي الأهم .. ما ساعد كثيرا على تفاعل الجالية اليمنية هناك وحسن استجابتها هو بزوغ جيل ناشط جديد من الشباب والشابات اليمنيين يفهمون مداخل السياسة هناك ووسائل التأثير في القرار السياسي الأمريكي.
من كل أمريكا المترامية الأطراف تقاطر الناشطون اليمنيون إلى واشنطن للمشاركة اليوم في مسيرة هناك، دفاعا عن مصالحهم وحقوقهم ووجودهم ، وبهدف التأثير على كل المؤسسات الحاكمة هناك فيما يتعلق بقرارات الحظر التي تبناها ترامب..
وفِي بلد مثل أمريكا فإن الحركة فيها بركة بالتأكيد.. وفِي بلد مثل أمريكا أيضا، قد نرى بعد وقت ، قد لا يطول كثيرا ، أعضاء في مجلس الشيوخ والنواب الأمريكي ، من أبناء وبنات اليمن، قادرين على نسج التحالفات وصياغة التشريعات التي تحمي حقوقهم هناك ، وتؤثر حتى على سياسات أمريكا وتجعلها أكثر إيجابية وأقل سلبية تجاه بلدهم الأم ، اليمن..