صحفي متخصص في القانون، رئيس مركز البلاد للدراسات و الإعلام
"#للقصة_بقية" .. جمال المعمري!
الثلاثاء, 28 نوفمبر, 2017 - 10:33 صباحاً
بثت قناة الجزيرة فيلما يستحق الشكر في برنامج من أهم برامجها وربما من أهم البرامج في القنوات على مستوى العالم، فنحن نتحدث عن الجزيرة ونتحدث عن فيروز زياني في آن واحد!، لكننا بقدر أملنا الذي علقناه على البرنامج لتحريك ملف المختطفين، خصوصاً أنه في ذات الوقت الذي عُرض فيه البرنامج كان الحوثيون يغلقون ثلاجة الموتى في أحد مشافي الحديدة على جثمان الشهيد/ حسن سالم سعيد (25 عام) بعد قتله تحت التعذيب خلال أسبوع فقط من اختطافه، وهي الحالة الخامسة ربما الذي يتم قتله في العشرة الأيام الأولى للاختطاف نتيجة التعذيب الوحشي والمفرط، فبقدر الأمل الذي كان معلقاً على الجزيرة لتحريك هذا الملف الإنساني، بذات القدر كانت الصدمة وخيبة الأمل ايضاً وباتت القصة فعلاً ناقصة.
والقصة -يا زملاءنا في الجزيرة- لم تبدأ بعد، في حين أن قصة الدكتور الجنيد مجتزأة وناقصة للغاية ، حيث لم يتم عرض ما تعرض له الجنيد، وهو طبيب وأكاديمي وشاهد نوعي على أبشع أنواع التعذيب في سجون العالم، لم يتم عرض قصة جمال المعمري الذي كان في زنزانة واحدة مع الدكتور الجنيد، وجمال بالمناسبة تم اختطافه قبل عاصفة الحزم بثلاثة أشهر، حيث بثت قناة المسيرة التابعة للحوثيين فيديو يوم 15 مارس 2015م وهذه تهمته بالنص من محضر التحقيق معه بتهمة "ارتباطه بتنظيم الإخوان في اليمن ( الإصلاح ) وهو من قياداته وهو متورط في التواصل مع أجهزة عسكرية خارجية ومتهم بارتكاب أعمال إجرامية" نقلت لكم التهمة بالنص من محاضر التحقيق!! الموقعة في 15 مارس 2015، أي قبل عاصفة الحزم بأحد عشر يوما تماما، وقبل ما يسمى "بالعدوان"؟!.
لم يتم عرض شهادة الجنيد وهي من وجهة نظر قانونية، أهم شهادة حتى الآن على بشاعة التعذيب الوحشي، الذي يفوق وحشية سجون غوانتنامو وسجن أبو غريب وسجون الاحتلال في أي بلاد في العالم، وأهميتها تكمن في أن من يرويها مختطف سابق تعرض لأنواع التعذيب الوحشي نفسه، أضف إلى ذلك أنه طبيب، ويسرد نوع الإصابة التي أودت بالشيخ جمال المعمري إلى حالة الشلل التام!.
استضافة الجزيرة واحد من أكذب وأوقح الحوثيين، وهو بالمناسبة معني بالملف والتزوير فيه في كل المحافل الدولية، ويدير فريق لوجستي بالتعاون مع منظمات دولية لتلميع صورة الحوثيين في الخارج، وقد كذب بوقاحة على الأستاذ عبد العزيز جباري، ومعالي الوزير جباري كان قد أخبرني بتفاصيل مبادرة عرضها في جنيف وفي الكويت بتبييض السجون من كل المختطفين، غير أن الحوثيين هم من تعنتوا ورفضوا التفاوض في الملف لأنهم يستخدمون المختطفين "رهائن" لتحقيق مكاسب سياسية، وهذا ما قالته منظمات دولية أيضا مثل مراسلون بلا حدود، وهذه أخطر الجرائم التي تواجه العالم، حسب القانون الدولي الإنساني الذي اعتبر احتجاز الرهائن للابتزاز المالي والسياسي أخطر جريمة تمارسها التنظيمات الإرهابية في العالم، وهو ما تقوم به مليشيا الحوثي منذ اليوم المشؤوم في 21 سبتمبر 2014م.
ضيف الجزيرة في بقية القصة قال أيضاً أنهم حكومة معترف بها من البرلمان!! وأي برلمان يقصد، وقد بلغ عدد الذين وافتهم المنية من البرلمان نفسه نحو 30 نائبا، بينما يتواجد خارج اليمن 130 آخرين، ونحو 40 نائبا من المؤتمر أبدوا موقفا من تحالفهم مع الحوثي أبرزهم سلطان البركاني، وفي أخبار الحوثيين فإن ما تسمى بـ "حكومة الإنقاذ" تم تشكيلها في ديسمبر 2016م أي بعد عام من الإنقلاب، وهذه من مساوئ الأستاذ أحمد الشلفي، أن اضطرنا لتوضيح وحشد أدلة تقول بأن لون الغراب أسود!!
*
أين تفاصيل قصة الشيخ جمال المعمري الذي يقبع حتى اللحظة في سجون الحوثي مشلولا، ممنوع عليه الزيارة، ممنوع من التطبيب، ممنوع من الاعانة، تم رميه من سلالم السجون ويتم دحرجته بين الحين والآخر وسحبه من زنزانة إلى أخرى، ولا يسمح لأحد من المختطفين بجواره من مساعدته ولا تقديم خدمة له، ولا رفع الأذى عنه ولا تغيير ملابسه، ولم يسمحوا لأحد بزيارته على الإطلاق، سوى مرة واحدة قامت أسرته بزيارته وبعد شد وجذب أدخلوا والدته واحدى بناته وأخرجوه إلى بهو السجن محمولا على نقالة مهترئة شبه ميت، اقتربت منه أمه وابنته وتم انتزاعه من بين أيديهن بعد أقل من سبع دقائق ليعلن المشرف الحوثي أن الزيارة انتهت، في حين لم يسمح لزوجته من زيارته ولا بقية بناته وأسرته!.
هل أراد الفريق اليمني في الجزيرة أن يتاجر بقصص المختطفين الإنسانية سياسيا ويحشرها في الصراع الخليجي؟
عرضت الجزيرة مساء الأحد فيلما استغرق ساعة تلفزيونية، وفيه تفاصيل مروعة لضحية تعرض للتعذيب في سجون الإمارات، ونحن نرفض جملة وتفصيلا كل تفاصيل التعذيب والسجون الغير قانونية، ونحيي الجزيرة على عرض هذه القصة بالذات، لكننا نرفض التسييس للقضية الإنسانية واجتزاء ما يوافق هوى الجزيرة ويخدم توجهاتها على حساب دموع الأمهات وأوجاع المختطفين.
لم تكن الجزيرة موفقة في استنزاف دموع الأمهات من أجل إيصال رسائل شبه مستحيلة، فقد تلقت صفعة وهي تحاول أن تقدم الحوثيين على أنهم ينتمون للإنسانية وربما يقبلون بوساطة قطرية للإفراج عن المختطفين، لكن الضيف الحوثي قال لهم بكل وقاحة وصلف، أنهم لا يمكن أن يبدلوا جلودهم وأنهم مجرمون في السر والعلن، ولا يستحون من ارتكابهم الجرائم، فليت الجزيرة تعود مع الإنسان قبل أن تجرفها رياح الأزمة!!
وللقصة بقية أيضا.