الجيش الوطني.. جيش سبتمبري أصيل
الإثنين, 01 أكتوبر, 2018 - 08:23 مساءً
احتفاء واسع هذا العام بذكرى الثورة اليمنية الخالدة 26سبتمبر وتعظيم وإجلال وتقديس لرجالها الأبطال وقادتها الميامين الذين صنعوا الحياة للشعب اليمني وقضوا على حكم الكهنوت.
في الوقت نفسه كثير من المحتفلين بسبتمبر وغيرهم يواصلون هجماتهم وسخريتهم من أفراد الجيش بشكل عام ومن أفراد الجيش في بعض الجبهات بشكل خاص، بدوافع لا يمكن أن تتجاوز حقيقة الانحطاط الأخلاقي للشخص المهاجم لأفراد الجيش مع أن هؤلاء يزعمون أنهم مناهضون للإمامة.
الحرب شر محض وكره كما ورد في القرآن وكما نعيشها واقعا منذ سنوات، والأخلاق تقتضي البحث عن سبب توقف المعارك في هذه الجبهة أو تلك خاصة وأن الجيش انتظم في مؤسسة وطنية واسعة تتحكم بكل قراره، السلطات العليا وليس الجنود بالجبهات. وهؤلاء يمكن تذكيرهم بالمثل الشعبي القائل : ما أسهل الحرب للمتفرجين. هذا إن كانوا مناهضين للإمامة فعلا، أما من كانت دوافعه في مهاجمة جبهات الجيش إمامية فليمت بغيظه، وكل من يهاجم الجيش كأفراد وجبهات وليس قيادات الجيش العليا السياسية والمالية الممسكة بصناعة القرار العسكري والسياسي هو إمامي كهنوتي بالضرورة.
وَمَــا الـحَـرْبُ إِلاَّ مَــا عَلِـمْـتُـمْ وَذُقْـتُــمُ وَمَــا هُــوَ عَـنْـهَـا بِالـحَـدِيـثِ الـمُـرَجَّـمِ
مَــتَــى تَبْـعَـثُـوهَـا تَبْـعَـثُـوهَـا ذَمِـيْــمَــةً وَتَــضْـــرَ إِذَا ضَـرَّيْـتُـمُـوهَـا فَـتَــضْــرَمِ
فَتَـعْـرُكُـكُـمْ عَــــرْكَ الــرَّحَــى بِثِـفَـالِـهَـا وَتَـلْـقَـحْ كِـشَـافــاً ثُــــمَّ تُـنْـتَــجْ فَـتُـتْـئِـمِ
فَتُـنْـتِـجْ لَـكُــمْ غِـلْـمَـانَ أَشْــــأَمَ كُـلُّـهُــمْ كَـأَحْـمَـرِ عَـــادٍ ثُـــمَّ تُــرْضِــعْ فَـتَـفْـطِـمِ
ورغم هذا الواقع الذي يتحدث عنه حكيم العرب زهير بن أبي سلمى إلا أن اطلاعا بسيطا على أوضاع أفراد الجيش في الجبهات يولد لديك انطباعا عظيما بأخلاق الجيش الوطني الجمهورية السبتمبرية، إنه على خطى سبتمبر بقيمه ونضالاته وآماله وتضحياته وإخلاصه.
حيث يقاتل أفراد الجيش في الجبهات دون أن يتسلم مرتباته بانتظام، ويقتحم مواقع الإمامة وهو يعلم أنها مزروعة بالألغام يدوسها بأقدامه العارية، يقاتل أفراد الجيش وهم يعلمون أن جراحاتهم ستتعفن بهم دون أن ينال الحد الأدنى من العلاج وموازنته في ذمة إيلان عبدالحق كما في جبهة تعز التي صرفت مليون دولار دون أن تقدم أوليات الصرف، يقاتل أفراد الجيش في جبهات كثيرة دون رقم عسكري، يقاتل في الجبهات دون أن يقدم أي اشتراطات لأغنى دول العالم التي تزعم أنها تقاتل بجانبه، يقاتل وهو يرى عوائل الوزراء تتسلم عشرات آلاف الدولارات وتتوظف في أعلى المناصب دون أن يؤثر ذلك في معنوياته يقاتل في الجبهات وتراب بيته المدمر يحمله معه في ملابسه يقاتل وأسرته تكاد تموت من الجوع دون أن يدفعه ذلك للارتزاق او التخلي عن واجبه، يقضي خيرة سنين شبابه في متاريس وجبال لم يسمع بها من قبل، يقاتل وهو لا يطمح بمنصب عسكري كبير يقاتل في الجبهات والأحزاب ولقبائل والناشطين تتصارع إمامه على الغنائم والأموال دون أن يلتفت إليهم.
هؤلاء الجنود هم من نفس نوعية رجال سبتمبر، وهم من حطموا أسطورة الكتائب الحسينية والحيدرية التي فشلت أمام هؤلاء الجنود الأبطال في استرداد شبر واحد حرروه في جبهات ممتدة لمئات الكيلو مترات.
إن الدولة الشرعية القائمة اليوم ويعترف بها العالم أجمع لا وجود لها في أرض الواقع ولا سلطة إلا عبر هؤلاء الجنود الذين لا يتسلمون مرتبات ولا تُداوى جراحهم ويواجهون ببندقيتهم الصينية مخازن خمسين سنة من السلاح بقيمة عشرات المليارات من الدولارات. هم من يفرض الأمن في حدوده الدنيا ويسيرون الحياة العامة بدلا من الحكومة التي رضيت بحياة الذل الباذخة في الفنادق بعواصم الخليج والقاهرة وأوربا.
هؤلاء الجنود هم الذين غطوا غياب المؤسسات الإدارية والخدمية والقضائية للدولة ويعملون بكل جهد باسم الدولة على استعادتها، وشاهدنا خلال الأيام الماضية كيف كانت أهم محاور النقاشات والقرارات العسكرية إخلاء المؤسسات المدنية للجهات المعنية للدولة الغائبة بما فيها إعادة تشغيل القضاء.
هؤلاء هم من نعتمد عليهم في تأمين حياتنا في المحافظات المحررة وهم من نعتمد عليهم في تحرير المحافظات المتبقية تحت سلطة الكهنوت فلن تخلصنا من الإمامة إلا سواعد هؤلاء الجنود السمر في الجبهات المختلفة.
ما أود قوله إن أفراد جيشنا الوطني الذي تشكل بعد صراعات القيادات السياسية الباهتة وسقوطها وهزيمتها أمام الإمامة هم من حررنا من قهرها في عدة جبهات بإمكانيات عسكرية محدودة وهم خلاصنا ودرعنا وتلك حقيقة تتجلى في الاحتفاء الشعبي الكبير بالعروض العسكرية في عيد الثورة السادس والخمسين, وهم من يبني بشكل فعال -رغم العوائق الكثيرة أمامه- أهم مؤسسات الدولة وهي مؤسسة الجيش وتلك هي خطوات سبتمبر المجيدة.