×
آخر الأخبار
حكومة تصريف الأعمال السورية تُعلن عطلة ليومين للاحتفال بعيد الميلاد  الحكومة العراقية تدرسا طلب واشنطن اغلاق مكتب الحوثيين في بغداد مأرب تستقبل 221أسرة نازحة خلال نوفمبر الماضي  المنتخب الوطني يواجه نظيره السعودي   مصادر: مقتل "امرأة" وحفيديها في حي سعوان بصنعاء "القيادة الرئاسي" يوجّه بعودة جميع مؤسسات الدولة للعمل من عدن "الصحة العالمية": اليمن سجل أعلى معدل إصابة بالكوليرا عالميًا خلال العام الجاري "أمهات المختطفين" تقول إنّ 128 شخصًا على الأقل توفوا تحت التعذيب في سجون الحوثيين مقتل شاب برصاص مسلحين في أحد شوارع صنعاء مليشيا الحوثي تطلق سراح 2 من قتلة الشيخ "أبو شعر" وقبائل إب تتوعد بالتصعيد
بلال الطيب

صحفي يمني

حصار الجمهورية (2)

الخميس, 31 يناير, 2019 - 07:14 مساءً

 
وسنمضي رافضين
 
بدأ حصار صنعاء الفعلي صبيحة يوم «28 نوفمبر 1967»، بعد أن فرض «الملكيون» سيطرتهم على كافة السلاسل الجبلية المُحيطة بالعاصمة، ما أكسبهم كثيراً من الميزات التكتيكية، حيث تمكنوا من نصب مدافع بعيدة المدى على قمم تلك الجبال.
   
بالتزامن مع مغادرة آخر جندي مصري ميناء الحديدة، وطرد آخر جندي بريطاني من عدن «30 نوفمبر 1967»، بدأ «الملكيون» بقصف «الإذاعة، والقصر الجمهوري، وثكنات العرضي، والكهرباء» من بيت بوس، وجبل عيبان»، فيما تولت المدفعية المنصوبة على جبل الطويل في «بني حشيش» قصف «الروضة، ومصنع الغزل والنسيج، والأحياء الشمالية للمدينة، ومدرسة المظلات، ومطار الرحبة»، لتستخدم الطائرات مهبطاً صغيراً جنوب العاصمة ميدان «السبعين» حالياً.
  
حدثت حين ذاك عديد مواجهات أعادت الثقة بالنفس، في البدء رُدع هجوم القائد الإمامي الفريق قاسم مُنصر، وطردت قواته من «الحافة، وظهر حمير، وقرية الدجاج»، كان ضمن المشاركين في تلك المعركة بالصف الجمهوري المقدم عبدالله دارس، احتل «تبة المطلاع»، ورابط فيها حتى انتهى الحصار، وسميت من يومها باسمه.
  
كما قام ملكيون آخرون باحتلال جبل «النهدين»، لم يمض يوم على ذلك حتى جُمعت مجاميع قبلية وحرروا الجبل، إلا أنَّ «الملكيين» عادوا وسيطروا عليه مرة أخرى، فكانت قوات الصاعقة والمظلات هذه المرة لهم بالمرصاد.
  
بالتزامن مع الهجوم الملكي الأول، قام أفراد من قبيلة «بني حشيش»، يستقلون دراجات نارية، بإلقاء قنابل يدوية على المارة في «سوق الملح، وباب اليمن، وقاع العلفي»، تم القبض عليهم بعد احتجاز جميع الدراجات النارية في العاصمة، ونالوا العقاب الرادع، لهم، ولمن سولت لهم أنفسهم القيام بعمليات تخريبية مماثلة.
  
كانت الاستراتيجية الدفاعية للقوات الجمهورية، التي لا يتجاوز عددها الـ «4,000» مقاتل، قائمة على مبدأ «الدفاع الضيق»، اللواء العاشر يدافع عن الجانب الغربي، وعن الجانب الشرقي ألوية العروبة والوحدة، فيما كتائب المظلات والصاعقة تَعمل باستماته كقوة ذات فعالية على كل الجبهات، ومُشكلة هذه القوات تكمن في أن أعدادها وإن مكنتها من حماية أبواب المدينة، إلا أنها تُقصر في إمكانية القيام بدور هجومي لدحر المتسللين في معركة حاسمة، يضاف إلى ذلك أنَّها لم تكن ذات وحدات منتظمة ومتكاملة، مما أدى إلى اختلال موازين القوى لصالح القوات المعادية بنسبة «7-1».
  
في ظل تلك المتغيرات العاصفة، كان لا بد من تماسك الصف الجمهوري، خاصة بعد هروب «الضباط الكبار»، وقيامهم برحلة الشتاء إلى «القاهرة، وبيروت، وأسمرة»، في البدء عُين النقيب عبد الرقيب عبد الوهاب ذو الـ «25» ربيعاً رئيساً لهيئة الأركان «10 ديسمبر 1967»، تحت ضغط وإلحاح كبيرين من زملائه الضباط ذوي الرتب الصغيرة، كما استبدلت حكومة محسن العيني المُستقيلة، بحكومة الفريق حسن العمري «21ديسمبر 1967»، إلى جانب استمراره في مهامه قائداً أعلى للجيش، وعضواً في المجلس الجمهوري.
  
سبق لعمر الجاوي وهو من أبطال تلك الملحمة، أن تحدث في كتاب له بشيء من التفصيل عن هروب أولئك القادة الكبار، وهو تصرف عده كثيرون بالأمر الإيجابي، كون الهاربين تركوا المجال لضباط شباب، أثبتوا أنهم الأجدر، وكانوا إلى جانب طلاب كليتي الشرطة والحربية طليعة وطنية، وثمرة ايجابية للثورة الأم، أثرت كثيراً في مسار الأحداث.
    
الجاوي اتهم الفريق العمري «بأن الظروف وضعته في جو الحصار عُنوة»، وهذا باعتقاد البعض تجني على الرجل؛ لأنه عاد قبل الحصار، ولعب دوراً هاماً في قيادة المعارك، بغض النظر عن أخطاء ارتكبت فيما بعد، سوأ كانت مقصودة أو غير مقصودة.
  
كان الفريق العَمري قبل قرار تعينه بثلاثة أيام في منطقة «المساجد»، يشحذ همم القوات لبلوغ قمة جبل «عيبان»، تولى الرد بنفسه من إحدى الدبابات على «الملكيين» الذين بادروه بضرب كثيف، فيما جنود آخرون سارعوا لاقتحام الجبل، وحين بلغوا غايتهم تأخر الدعم، فأمر العمري الجميع بالانسحاب.
  
تلك اشكالية كانت تلاحق الرجل، ما أن يُتم نصرا، أو يقود هجوماً ـ كما قال عمر الجاوي ـ لا يكمله، وقد انتقده لذلك كثيرون، من ضمنهم الشيخ سنان ابو لحوم، الذي قال: «مع تقديري لشجاعة العمري، هناك بعض أخطاء قد لا يكون له ذنب فيها، فقد كان يخرج صباح كل يوم يجمع الناس، وهم يلحقونه، وآخر النهار يركن عليهم ويعود، وهم يلحقوا به».
  
فيما يقول الصحفي المصري مكرم محمد أحمد: «في ساحة المعركة - كان العمري يقف جندياً في الساحة، وفي مرات كثيرة اشتبك الرجل وحرسه في المعارك إلى جوار الجنود والضباط، كان ذلك يسبب الكثير من المشاكل للجيش، فرصاصة طائشة قد تصيبه في هذه الفترة الحرجة، فيكسب الملكيون قيمة واسعة، وقد يخلع ذلك تأثيره على سكان المدينة، تلك كانت رؤية الجيش، بينما كان العمري يُصر أن يتقدم الجنود وهم يحتلون جبل عيبان، ولكن العناد الذي هو سمة بارزة فيه كان يُمكنه من كسب النقاش في النهاية».
  
في ذات اليوم الذي أعلن فيه عن تشكيل الحكومة، حَشد «الملكيون» جميع قواتهم في المحور الجنوبي والشرقي، لغرض الاستيلاء على جبل «نُقم»، لتدور في رحاه معارك طاحنة استمرت لأكثر من أربع ساعات، وحين دخلت المواجهة إلى العمق، حصل قتال بالسلاح الأبيض، تقهقرت القوات المَلكية، وتكبدت خسائر فادحة.
  
بعد تلك الواقعة بثلاثة أيام، قامت مجموعتان من أفراد لواء الوحدة بعملية إغارة على القوات الملكية المتمركزة بجبل «الطويل»، تمكنتا من الوصول بعد معركة بطولية غير متكافئة، أستشهد فيها جميع المقاتلين، بعد أن فرضوا سيطرتهم على الموقع لفترة محدودة، «عامل الإشارة» كان يتكلم مع غرفة العمليات: «الأفراد قتلوا لم أبق إلا أنا وحيداً»، وأستشهد في الأخير.
  
أواخر «ديسمبر 1967» كانت صنعاء تعيش أقسى لحظات الحصار، تملك اليأس من تبقى من قادة الجيش، اجتمعوا في منزل العمري مع البقية الباقية من الوزراء، وممثلي المقاومة الشعبية، والمشايخ، لبحث عودة اللجنة الثلاثية، المطرودة سلفاً.
 
 


اقرأ ايضاً 

كاريكاتير

بلال الطيب