جمعة الكرامة .. الصفيح الساخن.
الإثنين, 18 مارس, 2019 - 04:12 مساءً
الثامن عشر من مارس " جمعة الكرامة " عنوان طويل لسقوط أعقد نظام عربي كان يحكم شعبهُ بالنار والحديد.
المدقق في تفاصيل الثورة اليمنية " فبراير " منذ إندلاعها يدرك أن ثمة منعطف هو الأبرز والأهم في الحالة الثورية اليمنية أدى إلى تغيير المشهد السياسي بالكلية وأحدث تحولاً رهيباً في مسار العمل الثوري وهي جمعة الكرامة التي نادى فيها الشارع إلى إسقاط النظام إمتداداً للهتافات والمطالب التي تحرك من أجلها في 11 فبراير من نفس العام 2011 م.
إنتقلت ديناميكية الثورة آن ذاك من عمل ثوري مبتدئ خاضهُ الشباب اليمني الى ساحة إعتصامات واسعة إنقسم فيها الشارع بشكل لافت فضلاً عن الإنقسام السياسي والعسكري والقبلي الذي أعقب تلك الحادثة التي راح ضحيتها عشرات من الشباب السلميين بقناصات رجال الأمن والجيش العائلي.
لم يكن علي عبدالله صالح بعيداً عن العنف والدموية في كل مراحل حكمة الإ أن المجتمع اليمني لم يستوعب تلك الوحشية الصارخة في سلب أرواح اكثر من ثمانية واربعون شاباً أعزل بطلقات قناصة تصوب هدفها نحو رؤوس المتظاهرين .
وقف الشعب اليمني ذلك اليوم على ذاكرة سوداء وقلوب متشضية وفزّع مهول ثم قال كلمته في مساء الليلة ذاتها بشكل أكبر وأقوى " ارحل يا سفاح ".
وأنت تتابع ممارسات الأنظمة العربية في تلك الفترة تشعر أن هناك إرباك او خوف أو غباء منقطع النظير ينذر عن تخبط قديم في آلية سياسة البلد ككل ولو كان هناك نزاهه حقيقة لتنازلوا عن السلطة منذ اللحظة الأولى للإحتجاجات أو لقدموا تنازلات معقولة تسهم في إحتواء مطالب المعتصمين غير أن العنف كان دائماً سيد الموقف ، وكما يقال العنف لا يولد الا مزيداً من التصعيد ، ذلك التصعيد الذي جعل القناصة يقتحمون الساحات ويعلنون عن وفاة النظام قبل أن تعلن الثورة عن شهدائها ، إذ كانت جمعة الكرامة هي اللحظة التي قتلت نظام صالح وآذنت ببداية مرحلة لا عودة فيها الى ما قبلها.
أعتقد ان هذه المجزرة في ذكراها الثامنة إذا أرادت أن تقول شيئ فهي قد قالت ضمناً بأن الصدامات مع الشعوب خاسرة ومآلات الإرادة الثورية هي التي ترسم خارطة المستقبل وكفى بالبلدان العربية عنفاً طالما وأن النهاية هي إنتصار الإرادة الجمعية للشعب.
ولا بأس بأن نذّكر ونشيد بتلك الإصطفافات الوطنية التي أعقبت جمعة الكرامة من سياسيين وعسكريين أسهموا في تغيير موازين القوى واربكوا ترسانة النظام القمعية وجعلوه في مواجهة مع مجتمع متخندق خلف شبابه المعتصمين بالساحات ، ما أحوجنا اليوم إلى إصطفافات جديدة تعزز من حضور الشرعية اليمنية في كل ميادين الحياة لإستعادة الدولة التي ناضل من أجلها شهداء الكرامة والتغيير.