الأخبار
- تصريحات وحوارات
في حوار مع «العاصمة أونلاين».. المختطف المحرر «صدام عجلان» يكشف جحيم سجون الحوثيين
العاصمة أونلاين - خاص
الإثنين, 26 أغسطس, 2019 - 06:14 مساءً
في الحملة المسعورة التي بدأتها المليشيات الحوثية ضد المواطنين منذ انقلابها 2014م، حملة الاختطافات التي لم تستثنِ أحد من السياسيين أو الصحفيين أو العسكريين أو المدنيين والطلاب، وامتلأت السجون وبيوت المشرفين بهم، كان صدام عجلان، واحد من ضحايا تلك الحملة الشعواء التي لا زالت سجون المليشيات تعج بالآلاف منهم.
شابٌ طموح قرر أن يفتح مشروع يعيل به أسرته في صنعاء ويقصد باب الله كما يقول، بعد أن جففت المليشيات منابع الموارد الحكومية التي كانت تأمن حياة الكثير من المواطنين
في أول حوار له بعد الأفراج عنه، يكشف المختطف صدام عجلان في حوار خاص مع "العاصمة أونلاين"، عن مأساة المختطفين في سجون المليشيات وأساليب التعذيب الوحشية والمرعبة والمستوردة والحرمان من أبسط الحقوق الانسانية، وأوضاع أهالي المختطفين في متابعة ذويهم المختطفين.
من أول ساعة تطأ فيها قدمك بوابة السجن يستقبلك المحققين بالضرب والاعتداء والتعذيب الجسدي، وحتى أخر ساعة قبل الافراج عنك يمارسون ذات الاساليب في التعذيب النفسي، لتتعرفوا الى المزيد إليكم نص الحوار
حاوره / وضاح محمــد
كيف تم اختطافك ومتى؟
بعد صلاة المغرب يوم 14 أكتوبر 2016، فتحت محلي التجاري الكترونيات وتلفونات في شارع تونس، لم تمر دقائق حتى دخل مسلحين بزي مدني قالوا وين صدام عجلان؟، قلت لهم أنا صدام قالوا اطلع معنا الى القسم، قلت لهم طيب، وأخذت التلفون اتصل لأخي لكنهم أخذوني بقوة الى فوق السيارة التابعة لهم، ونقلوني الى قسم الحميري وتركوني في غرفة وحدي.
وخلال الفترة هذه ذهبوا الى المحل وكانوا يشتوا ينهبوا كل ما فيه، تهاوشوا مع العمال وتجمعوا من الشارع ورجعوا أخذوا 3 أجهزة لابتوبات و4 تلفونات وعادوا الى القسم، وبعد ساعة تقريبا أخرجوني الى غرفة المحقق الذي كان ينتظرني فيها والاجهزة أمامه.
سألني هذه الأجهزة حقك، قلت له بعضها حقي وبعضها حق زبائن، وبعدها بقليل جاء أخواتي وأهلي يتابعوا بعدي، يشوفوا ايش المشكلة في سجني، لكن ما سمحوا لهم في البوابة يدخلوا، اشتبكوا معهم بالكلام وحصلت فوضى ورأوا الناس يتجمعوا فهربوني من البوابة الخلفية بعدما ربطوا عيوني وقيدوا يدي مع ركل وزبط بأرجلهم ونقلوني الى البحث الجنائي
في البحث كان ينتظر هناك ثلاثة اشخاص داخل حوش المبنى، سألوني أنت صدام عجلان، وعلى طول أخذوني الى غرفة في الدور الاول من المبنى، وبدأت جلسة التحقيق معي، ومن السؤال الثالث قال أحد المحققين هذا مش حق احترام، ومباشرة صعدوا الى غرفة في الدور الثاني، يبدوا أنها غرفة مجهزة خصيصا للتحقيق بأحدث وسائل التعذيب، ومن هناك بدأت جلسات التعذيب الوحشية
من أول ساعة اختطاف بدأ التعذيب، وربما كانت أمر وأشد مدة عشتها لأني ما كنت أتوقع شيء من هذا كله، وأيضا هو يُريد أن يظهر الرعب والخوف فيني من البداية بشكل كبير
هل وجهوا إليك تهمة محددة ؟
تهمة التحريض ضدهم فقط، حسب زعمهم في المنشورات بالفيس وكلامي مع الناس في الحارة وأماكن تواجدي
كيف كانت أول ليلة لك في البحث الجنائي؟
من ساعة وصولي بعد العشاء الى البحث الجنائي بدأ التحقيق والتعذيب الى بعد الفجر، بتناوب المحققين وأدوات التعذيب والأسئلة، استخدموا الضرب بالأيدي والضرب بالعصي والكابلات الكهرباء، ومن ثم استخدموا اساليب تعذيب أكثر عنف وقسوة، مثل حركة الشواية كما يسمونها، والشواية يجبرك تعطف رجليك ويربطها ويقيد يديك ويدخل حديدة من بيد ارجلك ويعلقك بين طاولتين بحيث الدم ينتهي تماما من الأرجل. طبعا هم يمارسوا هذه الأساليب المخيفة من أول ليلة عشان يرعبوك وتخاف وتجاوب على الاسئلة حتى لو كانت كذب وتُهم باطلة.
كم عدد المحققين الذين كانوا معك في تلك الليلة؟
هم كانوا يتبادلون فيما بينهم لأنهم يتعبوا، ما يشعروا أنك المعذب والضحية، كانوا ثلاثة وبالفجر تقريبا وصلوا الى سبعة، تعرفت على كُناهم فيما بعد (أبو حسين ابو مسفر وابو رائد وابو دفاع وابو عمار)، وللعلم هم أكثر من يحقق مع المختطفين في البحث الجنائي.
تطورت أسئلتهم الى تُهم مثل اغتيالات وتفجيرات وإرسال احداثيات ورصد للطيران وفي نهاية تلك الليلة نزلوني في بطانية من غرفة التعذيب الى الغرفة الانفرادية واستمر الوضع هكذا لمدة عشرين يوماً.
هل سمحوا لك بالتواصل مع أسرتك؟
لم أتواصل مع أهلي ولم يسمحوا لهم بالزيارة، لكن أسرتي عرفت أني في البحث الجنائي وتابعوا بعدي ولم يحصلوا على الزيارة
كيف مرت الأيام الأولى في البحث الجنائي؟
كلها تعذيب وتحقيق وجوع وإهانة، في الأيام الاخيرة بالبحث كانوا يستخدمون حركة تعذيب يربط يديك ورجلك للخلف ووجهك للأمام ويعلقك وكأنك سمكة.
وبعدها يعلقك على يديك الى السقف ويرفعك بمقدار مسافة القوطي (علبة فول) ويخليك واقف على رأس أصابعك على القوطي وبين كل لحظة ولحظة يركض القوطي من تحتك لتتعلق مباشرة في الهواء، وتستمر هكذا يومين، ثلاث أيام، أسبوع وبعضهم شهر.
ثم ينزلك من هذا التعليق ساعتين باليوم فقط، يوصلك الى مرحلة تفقد الوعي ويغمى عليك وبعدها يفك لك القيد
هذا بالإضافة الى الحرب النفسية والسب والبذاءة وتخويفك انهم اخذوا أبوك وإخوانك ويعذبوهم في سجن آخر وأنك السبب في مطاردة أهلك ومشاكلهم وسب وإساءة للعرض، طبعا هذه الاساليب تسري على كل المعتقلين، إجراء روتيني لكل وافد عندهم .
بعد البحث الجنائي الى أين نقلوك؟
أخذوني الى احتياطي الثورة وأخفوني تماماً لمدة شهر تقريبا، كان مرير جدا، وبعدها سمحوا لأهالي بأول زيارة لي، وكنت غير مصدق أني أشوفهم
كم المدة التي قضيتها في احتياطي الثورة؟
شهرين تقريبا، وبعدها قالوا لنا معكم تحقيق سريع في الأمن السياسي خلال 24 ساعة وترجعوا، اتركوا الأدوات والفرش والفلوس عند المشرفين، وأخذونا بالملابس الذي معنا فقط، كنا حدود 15 مختطف، وأصبحت الـ 24 ساعة 28 شهر، الصرف عندهم مرتفع (ضحكة)
كم المدة التي قضيتها في احتياطي الثورة؟
شهرين تقريبا، وبعدها قالوا لنا معكم تحقيق سريع في الأمن السياسي خلال 24 ساعة وترجعوا، اتركوا الأدوات والفرش والفلوس عند المشرفين، وأخذونا بالملابس الذي معنا فقط، كنا حدود 15 مختطف، وأصبحت الـ 24 ساعة 28 شهر، الصرف عندهم مرتفع (ضحكة)
هل أعطوكم فيما بعد الادوات والفلوس والفرش أو أعطوها لأهاليكم؟
لا، هم عملوا هذه الحركة من أجل ينهبوها لهم، والأهل ما عادهم يهمهم مبالغ وأدوات وفرش ضاعت واختفت، همهم في شخص اختفى تماما.
ما الذي كان ينتظركم في الأمن السياسي؟
تحقيقات وتعذيب باحترافية واتقان أكثر دون كلل أو ملل
ما هي آثار التعذيب التي عانيت منها؟
عندي انزلاق في العمود الفقري وضغط في الفقرات، وآثار حروق في الرجل والفخذ، ولا زلت حتى اللحظة أعاني الكثير بعد قرابة ثلاث سنوات من التعذيب.
هل تم عرضك على طبيب؟
طبيب ايش يا أخي، يعذبك ويزيد يجيب طبيب، هو يدور لك أكثر مما يخطر على بالك فيكف سيتهم بك أو يعتني بصحتك؟
هل انتزعوا اعترافات منك تحت التعذيب؟
يتم ارغامك على التبصيم على أوراق وعيونك مربوطة بخرقة لا تدري ويش في هذه الاوراق، لو كتب أي حاجة في الأخير أنت تبصم مجبور على شيء لم تراه، سواء كان الكلام الذي قلته أنت او كلام جابه هو جاهز، لذلك مش فارقة معك وأنت بين الحياة والموت
في السجن كلها اللحظات صعبة، ما هي أصعب هذه اللحظات التي عشتها في السجن؟
أصعب اللحظات هي عندما يوقف أمامك شخص بذيء وليئم وتتعرض للإهانة منه ويتهمك بأخص مما هو موجود فيه ومعروف عنه، ولحظات أخرى حُوربنا في كتاب الله وسنة رسوله، لدرجة أنه يمنعك من الاذان في الزنزانة ويعتدي عليك لو خالفته ورفعت الأذان، وأما عن الحقوق فلا تسأل عنها نهائيا، حتى لو سمع ضحكتك أنت وزملائك يجازيك ضرب وشتم واهانة لأنك رفعت صوت ضحكتك .
كيف كانت تمر الأعياد عليكم في الزنازين ؟
الاعياد تمر مريرة، يدمي لها القلب، يمنع الزيارة قبل العيد بفترة الى بعد العيد بفترة، يغيب حتى أبسط فرحة ممكن تقول عنها وهي الاطمئنان على الأسرة والأطفال، كنا نعتبر العيد عندنا زيارة الأهل وشوفتهم.
ما مصير محلك التجاري؟
انتهى كل شيء، كنت معي تجارة ومتشارك مع ناس، وكانت علي ديون بحدود عشرة ملايين ريال، وبعد اختطافي قامت أسرتي ببيع المحل وأثاث البيت والسيارة وسددوا ستة مليون ريال.
هل لمست دور المنظمات الدولية في متابعة قضيتك؟
لمسنا أذى الحوثي فقط
كيف تم الافراج عنك؟
بصراحة كان مفاجئ جدا، يوم الإفراج بالفجر كنا نتسحر عشان نصوم الاثنين، الشباب يتجهزوا للزيارة، فقلت لهم على سبيل المزحة أنتم عتخرجوا تزوروا وأنا عاد روح البيت وما كان عندي أي خبر عن الصفقة.
وقبل وقت الزيارات جاء المستلم ونادى أول اسم صدام عجلان، وقال خذ أدواتك وفرشك وملابسك، قال معك تحقيق في الأمن القومي جهز جلدك، قلت لا حول ولا قوة، وكعادتهم بممارسة التعذيب النفسي والحرب نفسية على المختطفين حتى وهو عارف أنه معي أفراج استكثر أنه يفرحني بالخبر، طبعا مشيت الى عند المستلم الثاني قال معك افراج، استغربت منه وقلت له صاحبك قال تحقيق وضرب، فأعطاني أمر الافراج اشوفه، كل هذه الحركة من أجل يأخذ الفلوس الباقي معي، يفرحوا أي واحد خارج ينهبوا ما معه .
وخرجت مع المستلم الى عند مسؤول التبادل، أول ما شفت ضوء الشمس شعرت بحرقة وألم في عيني، مش متعود على الضوء، وتمت عملية التبادل مع أسير حرب حوثي ونقلوني الى مأرب.