الأخبار
- أخبار محلية
عضو الهيئة العليا للإصلاح "الهجري": تحركات الانتقالي شرقًا تقوّض الدولة وتخدم الحوثيين
العاصمة أونلاين - غرفة الأخبار
الثلاثاء, 16 ديسمبر, 2025 - 08:59 مساءً
قال الأستاذ عبدالرزاق الهجري، عضو الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح ورئيس كتلته البرلمانية، إن التحركات المسلحة الأخيرة في المحافظات الشرقية، وفي مقدمتها حضرموت، تمثل “تحركًا أحاديًا” يفضي إلى تقويض سلطات الدولة وخلق “سلطات موازية”، مؤكدًا أن المستفيد الوحيد من ذلك هو جماعة الحوثي، التي “تسوّق نفسها” بوصفها مدافعًا عن وحدة البلاد في مقابل اتساع الانقسام داخل معسكر الشرعية.
جاء ذلك خلال جلسة حوار في العاصمة البريطانية لندن نظمها المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس)، تناولت التطورات الميدانية في شرق اليمن، ومسار السلام، وملف المختطفين والأسرى، إلى جانب علاقات الحزب الإقليمية وجدلية ارتباطه بجماعة الإخوان المسلمين.
حضرموت والمحافظات الشرقية
قال الهجري في الحوار الذي تابعه محرر "الصحوة نت" إن ما حدث في الأيام الماضية في المحافظات الشرقية “كان صادمًا ومؤسفًا”، لافتًا إلى أن هذه المناطق كانت “أكثر استقرارًا من غيرها” وأن مؤسسات الدولة فيها كانت تعمل “بشكل جيد مقارنة بسواها”، قبل أن تشهد – بحسب وصفه – خطوات ميدانية من قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي.
واعتبر أن هذه التطورات “تتناقض” مع قرار نقل السلطة واتفاق الرياض ومخرجاته، لأنها – وفق حديثه – تمت بقوات خارج إطار وزارتي الدفاع والداخلية وأوامر القائد الأعلى للقوات المسلحة، ما يفضي إلى إضعاف سلطة الدولة وإرباك المشهد في مناطق كانت أقل توترًا.
أزمة تماسك الشرعية:
ربط الهجري بين التصعيد الأخير وبين أزمة أوسع داخل منظومة الشرعية، مشيرًا إلى أن الانقسامات داخل مجلس القيادة والحكومة كانت قائمة، وأن ما جرى “يوسّع هذه الانقسامات” ويضعف التوجه نحو استعادة الدولة، سواء عبر التفاوض أو عبر “الوسائل الدستورية الأخرى”، على حد قوله.
وفي معرض تعليقه على تأخر صدور بيان موقف الإصلاح، أوضح أن الحزب فضّل الخروج بموقف ضمن إطار “التكتل الوطني للأحزاب والقوى السياسية” وبصيغة موحّدة بعد اتضاح الصورة رسميًا، مؤكدًا أن غالبية أحزاب التكتل أدانت ما وصفته بالخطوة الأحادية.
ملف الأسرى والمختطفين:
وفيما يتعلق بمفاوضات مسقط الخاصة بملف الأسرى والمعتقلين والمختطفين، عبّر الهجري عن أمله في حدوث انفراجة، واصفًا الملف بأنه “إنساني ومؤلم وشائك”، وتطرق إلى حالات “إخفاء قسري” وغياب معلومات عن محتجزين منذ سنوات، وعلى رأسهم السياسي محمد قحطان، وفق ما ورد في حديثه.
وأكد تأييده لصيغة “الكل مقابل الكل”، محمّلًا جماعة الحوثي المسؤولية الرئيسية عن تعطيل الملف خلال الفترة الماضية.
خارطة الطريق:
وعن مسار السلام وخارطة الطريق التي سبقت أحداث 7 أكتوبر، قال الهجري إن الحكومة ومجلس القيادة “وافقا” على المضي فيها مع وجود ملاحظات، لكنه اعتبر أن الحوثيين “تنصلوا” عنها عبر الانخراط في التصعيد البحري واستهداف خطوط الملاحة في البحر الأحمر، الأمر الذي – بحسبه – أدخل اليمن في مرحلة أكثر خطورة وأضر بالبنى التحتية والاقتصاد.
وأوضح أنه، كقوة سياسية، لم يتسلم الحزب نسخة واضحة مكتوبة من خارطة الطريق، لكنه قال إن ما أكدته الجهات الرسمية يتحدث عن مراحل تشمل وقف إطلاق نار شامل، وملف الأسرى، والمرتبات، ثم حوار حول ترتيبات المرحلة الانتقالية والملف العسكري، وصولًا إلى الحل النهائي.
شكل الدولة والمرجعيات الحاكمة
وجدد الهجري تمسك حزبه بما سماه “المرجعيات الحاكمة” لأي تسوية، وفي مقدمتها مخرجات الحوار الوطني، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، والقرارات الأممية. وقال إن رؤية الإصلاح تتمثل في دولة اتحادية متعددة الأقاليم، تتيح مشاركة أوسع في إدارة الثروة والسلطة، معتبرًا أن “المركزية المبالغ فيها” كانت ضمن أسباب الأزمات السابقة.
كما شدد على أن أي سلام مستدام ينبغي أن يفضي إلى إنهاء الانقلاب، وحصر السلاح بيد الدولة، وإنهاء سيطرة الجماعات المسلحة، وبناء دولة تقوم على “المواطنة المتساوية” ويحكمها الدستور والقانون.
العلاقة مع الانتقالي:
فرّق الهجري بين طبيعة الخلاف مع الحوثيين بوصفه “وجوديًا”، وبين الخلاف مع المجلس الانتقالي الذي وصفه بأنه “خلاف سياسي” يتعلق بالمشاريع والرؤى. وقال إن الإصلاح جلس أكثر من مرة مع قيادات في المجلس الانتقالي، وإن الطرفين ناقشا “القاسم المشترك” المتمثل في استعادة الدولة وإنهاء انقلاب الحوثيين، على أن تُطرح المشاريع المختلفة للنقاش في إطار حوار مسؤول وبمشاركة مكونات جنوبية متعددة، ثم الاحتكام إلى استفتاء في وضع مستقر بعد عودة الدولة.
الإصلاح والتنظيم الداخلي:
وعن وضع الحزب بعد عشر سنوات من الحرب، قال الهجري إن الإصلاح – كغيره من القوى – تضرر من انقلاب الحوثيين الذي “جرف الحياة السياسية” وأغلق الأحزاب والمنابر، لكنه أكد أن الحزب ما يزال “متماسكًا” وحاضرًا في مختلف المحافظات، مع تفاوت في مستوى النشاط تبعًا لسلطات الأمر الواقع.
وفي ملف التجديد التنظيمي، أشار إلى إجراء انتخابات داخلية في “90% من المحافظات” خلال العامين الماضيين، وتغيير “70%” من أعضاء الأمانة العامة وتكليف قيادات شابة، إضافة إلى تشكيل لجان لمراجعة أدبيات الحزب ولوائحه وبرنامجه السياسي “لتحديثه” بما يتناسب مع المستجدات.
المرأة والشباب:
وتناول الهجري ملف تمكين المرأة والشباب، مشيرًا إلى أن “الروح الأبوية” في المجتمع اليمني تنعكس على الأحزاب، لكنه قال إن لدى الإصلاح توجهًا لتوسيع دور الشباب والمرأة في التغييرات المقبلة. وفي الوقت ذاته أقرّ بأن الحكومة الحالية تخلو من تمثيل نسائي، موضحًا أن الحزب ناقش ترشيح امرأة ضمن حصته الوزارية لكن “اعتبارات” أخرى غلبت في التشكيل.
فلسطين والبحر الأحمر:
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، جدّد الهجري التأكيد على أن موقف التجمع اليمني للإصلاح “ثابت ومبدئي”، ويقوم على دعم حق الشعب الفلسطيني في إنهاء الاحتلال ونيل حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
وأوضح أن موقف الحزب ينسجم مع الموقف الرسمي للحكومة اليمنية المستند إلى المبادرة العربية للسلام التي أُقرت في قمة بيروت عام 2002، والقائمة على حل الدولتين، معتبرًا أن الانسداد السياسي الطويل، وفقدان الأمل لدى الشعب الفلسطيني في تحقيق تطلعاته الوطنية، أسهما في تفجير الأوضاع وتفاقم العنف.
وفي هذا السياق، أشار الهجري إلى أن الإصلاح يدين حرب الإبادة والمعاناة الإنسانية التي يتعرض لها المدنيون في قطاع غزة، ويثمّن الجهود الإقليمية والدولية التي بُذلت من أجل وقف الحرب وتخفيف الكارثة الإنسانية، مشيدًا بدور كل من مصر وقطر والمملكة العربية السعودية في حشد الدعم الدولي والدفع باتجاه إحياء مسار حل الدولتين.
وفي المقابل، شدد الهجري على إدانة الهجمات التي تنفذها جماعة الحوثي في البحر الأحمر واستهداف السفن التجارية وخطوط الملاحة الدولية، معتبرًا أن هذه الأعمال ألحقت أضرارًا جسيمة بأمن الملاحة وسلاسل الإمداد العالمية، ورفعت كلفة التأمين، وانعكست سلبًا على الاقتصاد الوطني اليمني وعلى دول الجوار.
وأكد أن ما تقوم به جماعة الحوثي لا يخدم القضية الفلسطينية، بل يمثل – بحسب وصفه – “استثمارًا سيئًا” لها، في محاولة لتبييض سجلها الداخلي الملطخ بانتهاكات جسيمة بحق اليمنيين، محمّلًا الجماعة مسؤولية استدعاء ضربات خارجية طالت البنية التحتية داخل اليمن، وما ترتب على ذلك من أضرار إضافية للبلاد.
العلاقات الإقليمية:
وفيما يتعلق بعلاقات التجمع اليمني للإصلاح الإقليمية، أكد الهجري أن علاقة الحزب بالمملكة العربية السعودية علاقة “استراتيجية وخاصة”، تقوم على أسس الجوار والمصالح المشتركة والأمن القومي المتبادل، مشيرًا إلى أن هذا الموقف منصوص عليه بوضوح في برنامج العمل السياسي للحزب منذ مطلع التسعينات.
وأوضح أن المملكة العربية السعودية تمثل، بالنسبة لليمن، جارًا محوريًا وشريكًا أساسيًا في دعم الشرعية، مثمّنًا دورها في قيادة التحالف العربي ومساندة الحكومة اليمنية في مواجهة انقلاب جماعة الحوثي، إضافة إلى دعمها المستمر لمؤسسات الدولة، بما في ذلك إسهاماتها الأخيرة في دعم ملف المرتبات ومنع تفاقم الأوضاع المعيشية.
وأشار الهجري إلى أن علاقة الإصلاح بالمملكة “طيبة ومستمرة”، وأن الحزب يحرص على تعزيزها عبر مؤسسات الدولة اليمنية، انطلاقًا من قناعة راسخة بأن استقرار اليمن وأمنه جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار المملكة والمنطقة عمومًا.
وفي المقابل، تناول الهجري طبيعة العلاقة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، مؤكدًا أن الإصلاح “لا يحمل موقفًا سلبيًا” تجاه أبوظبي، ويقدّر مشاركتها في التحالف العربي وما قدمته من دعم وتضحيات في إطار دعم الشرعية اليمنية.
غير أنه أقر بوجود تباين في المواقف، مرجعًا ذلك – من وجهة نظره – إلى حساسية لدى الجانب الإماراتي تجاه ما يُعرف بـ“الإسلام السياسي”، مؤكدًا في الوقت نفسه أن الإصلاح أعلن مرارًا موقفه الواضح من هذه المسألة، وأنه حزب يمني مدني المنبت والجذور، ولا يرتبط بأي تنظيمات خارجية.
وشدد الهجري على أن الحزب بذل، ولا يزال يبذل، جهودًا لتجسير الفجوة وتقريب وجهات النظر مع دولة الإمارات، مؤكدًا أن “اليد لا تزال ممدودة” للحوار والتواصل، وأن أي تقارب إقليمي من شأنه أن ينعكس إيجابًا على استقرار اليمن ووحدة معسكر الشرعية.
وأكد أن الإصلاح لا يسعى إلى أن يكون سببًا في إضعاف الدولة اليمنية أو ذريعة لتصفية حسابات إقليمية، بل يحرص على بناء علاقات إيجابية ومتوازنة مع جميع الأطراف الإقليمية، بما يخدم مصلحة اليمن العليا، ويسهم في استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب وتحقيق الأمن والاستقرار.
جدلية “الإخوان المسلمين”:
وفي محور مثير للجدل، نفى الهجري أي علاقة تنظيمية للإصلاح بـ”التنظيم الدولي للإخوان المسلمين”، وقال إن الحزب كيان “يمني المنبت والجذور” وأنه سبق أن أعلن رسميًا عدم ارتباطه بأي تنظيم خارجي، معتبرًا أن تهمة “الإخوان” باتت تُستخدم في سياق تصفية الحسابات السياسية.

أسئلة الحضور:
وفي ختام الجلسة، تفاعل الهجري مع عدد من أسئلة ومداخلات الحضور، التي ركّزت على قضايا حقوق الإنسان والأقليات الدينية، ودور المجتمع الدولي في دعم عملية السلام وبناء القدرات، إضافة إلى آفاق التفاهم السياسي مع المجلس الانتقالي الجنوبي والتحديات الأمنية في حضرموت.
وأكد الهجري أن جماعة الحوثي “أساءت لكل طوائف المجتمع اليمني دون استثناء”، مشيرًا إلى قضايا إعدام ونفي تعسفي طالت أفرادًا من الطائفة البهائية، إضافة إلى انتهاكات جسيمة بحق النساء والمعارضين والمخفيين قسرًا، معتبرًا أن هذه الممارسات تمثل نموذجًا لانهيار منظومة الحقوق والحريات في مناطق سيطرة الجماعة.
وفي ما يتعلق بدور المجتمع الدولي، شدد على أهمية الانتقال من الاكتفاء بالبيانات إلى دعم عملي ومنهجي لعملية السلام، يشمل إشراك القوى السياسية اليمنية الفاعلة في المفاوضات، وبناء قدراتها التفاوضية والمؤسسية، وتقديم دعم فني في مجالات حقوق الإنسان، وسيادة القانون، والعدالة الانتقالية، إلى جانب توسيع مشاركة المرأة والشباب في المسار السياسي باعتبارهما عنصرين أساسيين لأي تسوية مستدامة.
وحول العلاقة مع المجلس الانتقالي الجنوبي، أوضح الهجري أن الخلاف معه “سياسي وليس وجوديًا”، مؤكدًا أن باب الحوار لا يزال مفتوحًا، وأن أي مقاربة للحل يجب أن تنطلق من استعادة مؤسسات الدولة ووقف استخدام القوة لفرض الوقائع على الأرض. ودعا إلى معالجة القضايا الخلافية، بما فيها الملفات الأمنية والاقتصادية في حضرموت، عبر مؤسسات الدولة الشرعية، وبالحوار، لا من خلال إنشاء سلطات موازية أو فرض ترتيبات أحادية.
وأضاف أن معالجة قضايا مثل التهريب أو القصور الأمني يجب أن تتم عبر الأجهزة الرسمية المختصة، مع تمكين أبناء المحافظات الشرقية من إدارة شؤونهم والمشاركة الفاعلة في حماية مناطقهم، محذرًا من أن الحلول العسكرية أو الأحادية “لا تزيد إلا تعقيدًا”، وتفتح الباب أمام مزيد من الانقسام وعدم الاستقرار.
وبين الهجري أن الإصلاح يجري مراجعات نقدية للعديد من القضايا ومنها في الخطاب، مشيراً إلى أن الإصلاح لا يمتلك مقاتلين خاصين به، وأن أفراده انخرطوا في الجيش والمقاومة، كما أنه لا يوجد خصومة للإصلاح مع الانتقالي تقود إلى مواجهة، معرباً عن أمله في انتهاء هذه الأزمة وتوحد كل الجهود نحو العدو المشترك للجميع، لأن وجود الحوثي بفائض القوة والسلاح خطر يهدد الجميع.
وحول ما يتداول من حديث لتعديل مجلس القيادة الرئاسي، نفى الهجري علمه بذلك، لكنه قال إن المجلس يحتاج لمراجعة أدائه والالتزام بالمرجعيات القانونية الحاكمة.
وعن المصالحة، أكد أن الإصلاح وبقية القوى السياسية يؤمنون بأهمية المصالحة والعدالة الانتقالية لوقف شلال الدماء وضمان عدم تكرار الجرائم مستقبلاً وإنهاء الضغائن التي زرعها الحوثي لسنوات مقبلة.
وحول الجماعات الإرهابية، أكد الهجري أن مليشيا الحوثي الإرهابية تتخادم مع تنظيم القاعدة، واستفاد كل طرف من الآخر، مشيراً إلى التقارير الدولية المثبتة حول العلاقة الوثيقة بين مليشيا الحوثي والقاعدة وداعش، وكذا مع جماعات خارج اليمن تغذي بعضها.
وحول الاتهامات الموجهة للإصلاح بالإقصاء، دعا عضو الهيئة العليا للإصلاح إلى مقارنة بين وزارات الإصلاح وبقية الوزارات، من حيث تواجد منتسبيه داخل هذه الوزارات، وقال إن هذه الاتهامات تبطلها الحقائق، وأن الإصلاح جزء من منظومة الدولة.
وشهد اللقاء حضورا واسعا تمثل بمشاركة عدد من النخب والقيادات الرسمية البريطانية، إلى جانب نخبة من الباحثين والأكاديميين والمثقفين، الذين يمثلون جهات أكاديمية وعلمية متعددة. كما شارك ممثلون عن مكتب المبعوث الأممي، وعدد من المهتمين بالملف اليمني من داخل بريطانيا وخارجها.
لمتابعة الموقع على التيلجرام @Alasimahonline
تعليقات
اقرأ ايضاً
آخر الأخبار
كاريكاتير