الأخبار
- تقارير وتحليلات
نوران المنصوري.. طفلة لا تتوقف عن السؤال والبحث عن والدها المختطف
العاصمة أونلاين/ خاص
الخميس, 16 أبريل, 2020 - 08:12 مساءً
"وين كنتو ترحوا أنتم وبابا" بهذا السؤال تواجه "الطفلة نوران 6 سنوات" شقيقيها (توكل وثائر) كلما مرّ طيف والدها "الصحفي توفيق المنصوري" على لسان أحدهما، أو عندما يشرعون في سرد ذكريات طفولة الشيخوخة المبكرة، التي عاشوها رفقة والدهم قبل اختطافه منذ أكثر من خمس سنوات.
تطلب "نوران" من شقيقيها أن يتحدثا عن كل التفاصيل التي قضوها مع والدها قبل مجيئها. إذ أنها كانت لا تزال في الشهر الساس من عمرها عند اختطافه، فذاكرتها الصغيرة لم تحتفظ بأي صورة حية له أو لمسة حنان، ولم تجرب معانقته ولا مشاغبته كي تستطيع أن تشارك بها شقيقيها في جلساتهم التي يخصصونها للتنقيب في بقايا الذكريات العابرة، على طريقة الأجداد عندما يستذكرون ماضيهم وطفولتهم بكل انتشاء وزهو وحزن أمام الأحفاد.
بعد خمس سنوات لم تستطع نوران أن تحظى بعناق أبوي، كالذي تسمعه من شقيقيها وترى تأثيره عندما يسردون شعورهما لهذا العناق، لم تجد فرصة كي تخرج مع والدها الى السوق أو الحديقة أو البقالة كما كانا يفعلان (توكل وثائر)، لم تعثر على لحظات لتمسك بيد والدها وترفض تركها عندما يتجه للعمل، فيحتضنها بكل حنية وحب، وكما فعل مع شقيقيها المحظوظين من قبل.
خمس سنوات قضتها "نوران" تنتظر والدها المختطف في سجون مليشيات الحوثي، لتبدأ معه سنواتها الأولى من جديد وترتشف من بحر حنانه وعطفه الزاخر حبا وشوقا، وتؤكد لشقيقيها أنه "عندما يخرج بابا من السجن بيكون يخرجني معه كل مكان وألعب معه أكثر منكم".
وضاح المنصوري يتحدث بمرارة عن مضي 5 سنوات وشقيقه توفيق خلف قضبان ميليشيا الحوثي، يقول "نحن نعيش مواجع والآم أكبر من طاقاتنا على التحمل، لقد بحت اصواتنا وكثر نحيبنا، وفي كل مرة نتفاءل بإطلاق سراحهم نتفاجأ بسلوك حوثي مخادع وظالم".
ويضيف "لقد حشدوا ومارسوا ضدنا اشد وابشع وافدح الظلم والبطش والتنكيل، ومع أننا نعيش خارج زنازينهم إلا أننا نتعذب كل ساعة وثانية.. حتى أصبح ألمنا وقهرنا ووجعنا ومعاناتنا أكبر من ان نستطيع التعبير عنها او نقلها".
بعد هذه السنوات المؤلمة التي حرمت "الطفلة نوران" من رائحة حنان والدها، لم تكتفِ ميليشيا الحوثي بما سببته لها من معاناة الانتظار وأوجاع الغياب والحرمان والظلم بل مضت في سحق معالم الحياة بكل أشكالها وأعمارها، أمعنت في قتل روح الطفل والأب والزوجة والأم، وأصدرت أوامر قتل لفرحة "نوران" المغيّبة عنها بدون سبب في زنازين تكتظ بصرخات وآنات المختطفين.
وبينما تقف "نوران" عاجزة عن تفسير لاختفاء والدها الصحفي توفيق المنصوري كل هذه المدة، تجد نفسها أمام والدتها تبكي وتسأل "كيف يعدموه يا ماما"؟!
تصرخ أمام شاشة التلفاز وهي تسمع اسمه وأسماء زملائه الاخرين في نشرات الأخبار ولا تدري لماذا يرددونه باستمرار، وتمتليء الشاشة بصورهم فجأة؟ تبحث عن إجابة ترشدها الى حلمها بعودته، وخروجها معه كل مكان والاستئثار باللعب مدة أطول مما كان يحظى به (توكل وثائر).