الأخبار
- تقارير وتحليلات
منهم أكاديميون.. كيف يواجه 30 مختطفاً مدنياً قراراً حوثياً بالإعدام في محكمة غير قانونية؟
العاصمة أونلاين/ تقرير خاص
الإثنين, 13 يوليو, 2020 - 11:55 مساءً
أيام الاختطاف والاعتقال والتغييب لا تشبه بعضها, إنها تزيد من وطأتها وآلامها ليس فقط على الضحايا, بل وأسرهم, يتجرعون معاً غصتهم, منتظرين تنفيذ أحكام جائرة في أي لحظة, وهي أحكام أصدرتها محكمة غير قانونية, لا تحمل أية شرعية, غير رمزية الجلاد, ووجهه القبيح كعنوان لانقلابه المشؤوم الذي حوّل كل شيء وصلت إليه يده إلى مفاتيح لسلطته القمعية.
عام كامل من الخوف أضيف إلى سنوات تغييبهم, دون جرم ارتكبوه, بعد أن حكمت عليهم ما تعرف بـ"المحكمة الجزائية المتخصصة" التابعة للحوثيين, والتي لا صفة قانونية لها, حكمت في التاسع من يوليو من العام الماضي في جلسة غير معلنة, قضت بإعدام 30 مختطفاً من قوام 36 منهم أكاديميون وتربويون وطلاب جامعات, منهم الدكتور يوسف البواب أستاذ اللسانيات في جامعة صنعاء, والدكتور نصر السلامي.
وتعدّ المحكمة الجزائية المتخصصة محكمة غير قانونية أو دستورية, فالدستور اليمني وأيضا قانون السلطة القضائية اليمنية لا يجيز إنشاء أية محاكم متخصصة ويوجب محاكمة أي شخص متهم بارتكاب أية جريمة أمام القاضي الطبيعي أي صاحب الاختصاص المكاني. وهو ما أكدته المواثيق الدولية بأن من حق كل متهم أن يحاكم أمام قاضيه الطبيعي.
وأصدرت المحكمة ما يقارب 250 حكماً بالإعدام, لم يعلن عن أغلب المحاكمات,. كما كانت بعض الجلسات تعقد في جلسة واحدة, أي يتم الحكم فيها دون إتاحة أي جلسات أخرى لكي يتاح للمتهمين الدفاع عن أنفسهم.
وقالت رابطة أمهات المختطفين في بيان أخير لها إن المختطفين ممن تحاكمهم المليشيا في محكمتها اختطفتهم في نهاية العام 2015م والعام 2016م من بيوتهم ومقار أعمالهم والأماكن العامة, داهموا منازلهم وروعوا أسرهم واحتجزوا بعضاً من أقاربهم كرهائن، وتعرضوا للإخفاء القسري الذي تفاوتت مدته ما بين ستة أشهر إلى شهرين وفي فترات متقطعة من مرحلة الاعتقال التعسفي الذي بلغ لدى البعض منهم ما يقارب سنتين.
وأكدت الرابطة أن المختطفين 36 يتعرضون للتعذيب الجسدي والمعنوي وأنواعاً شتى من المعاملة القاسية واللا إنسانية وعدم الرعاية الصحية ورغم زوال آثار التعذيب لدى البعض منهم بسبب طول فترة الاختطاف والحرص على عدم إحالتهم للنيابة إلا بعد زوال تلك الآثار وأثناء سنوات التحقيق والتعذيب.
ونقلت الرابطة عن فريق الدفاع عن المعتقلين مشاهدة آثار التعذيب على جسد البعض منهم الدكتور نصر محمد السلامي والأستاذ الدكتور يوسف صالح البواب والتربوي خالد داوود النهاري.
إلى ذلك وصف المحامي والحقوقي عبدالرحمن برمان المحاكمة برمتها بالمهزلة, وما هي إلا قرار صادر من مليشيات الحوثي وليس حكماً قضائياً, قرار بالإعدام, أي نية القتل خارج نطاق القانون.
وأكد برمان الذي يشغل رئيسا (للمركز الأمريكي للعدالة) في إطار حديثه مع "العاصمة أونلاين" إلى أن ما يسمى بالقاضي الذي أصدر هذا الحكم في حال إذا ما نفذت جماعة الحوثي على أي مختطف الإعدام سيكون مسؤولاً مسؤولية كاملة عن عملية القتل و"يقاصص به", مضيفاً: "كل من شارك في هذه الجريمة يعدّ شريكاً فيها وقاتلاً".
وعن الانتهاكات التي تعرض لها الـ 36 مختطفاً يقول برمان بأن المحكمة منعت الدفاع عنهم, كما طرد المحامين, كما تم ضربهم ومع ذلك يحاكموا وآثار الضرب بادية عليهم ولم تتخذ رئاسة المحكمة أي إجراء أو أي تحقيق.
محكمة غير قانونية
وتوصف المحكمة بأنها محكمة أمن دولة, لا قانونية لها أنشئت نهاية التسعينيات من القرن الماضي أنشاها النظام السابق على خليفة بعض قضايا الإرهاب لذا لم تعترف نقابة المحامين اليمنيين والمنظمات الحقوقية بها وقاطعت الترافع أمامها وظل التعامل معها على أنها محكمة استثنائية غير قانونية وغير دستورية.
ويذكر أن عدداً من المنظمات الدولية نددت حينها بإنشائها لأنها لا تتخذ أبسط إجراءات المحاكمة العادلة, فهي تهدر كل حقوق المتهم, كما أنها تشرعن الجرائم التي ترتكب بحق المعتقلين.
أبرياء
ويؤكد المحامي برمان بأن أغلب من حوكم أمام هذه المحكمة كانوا ابرياء وكان الهدف من محاكمتهم هي محاكمات سياسية, مشيراً إلى الحوثيين أنفسهم قد تعرضوا لمحاكمات فيها منهم محمد المقالح عبدالكريم الخيواني وكثير من قيادات الجماعة اليوم من المتصدرين للمشهد الانقلابي, من ضمنهم المدعو (أبو علي الحاكم) والذي حكم عليه حينها بالسجن عدة سنوات, إضافة إلى تعويض عدد من الضحايا.
الأمر الذي يدعو للغرابة والسخرية في الوقت نفسه من محاكمة الحوثيين لـ 36 مختطفاً, ممن يعدوا أبرياء ولم يرتكبوا أية جرائم تذكر سوى معارضتهم للانقلاب, أو بسبب انتماءهم السياسي, أن المحكمة إبان النظام السابق كما يقول برمان بأن الحوثيين وجناحهم السياسي ومنظماتهم ومؤسساتهم الإعلامية, كانوا من أكثر المتضررين منها وكانوا من أكثر الجهات التي تناهضها, لذا كثيراً ما أقاموا ندوات وأصدروا التقارير الحقوقية ونفذوا الاعتصامات لإسقاطها.
محاكمات هزلية
وأضاف أن المحكمة في الأصل غير قانونية, ثم أن الحوثيين بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء في العام 2014م, غيروا القضاة فيها وكثيراً من أعضاء النيابة بالموالين لهم, ثم بدأوا محاكماتهم الهزلية ومنها محاكمة رئيس ومستشاريه وأعضاء الحكومة.
وكان مجلس القضاء الأعلى قد أصدر قراراً بإلغاء هذه المحكمة وسحب كافة صلاحيتها إلى محكمة تم إنشاؤها في محافظة مأرب شرق البلاد.
بموجب ذلك أصبح كل من يعمل في محكمة الحوثيين من القضاة وأعضاء النيابة والإداريين والمساعدين المستمرين في عملهم أعضاء في جماعة الحوثي, بعد إعلان قضاء الجمهورية اليمنية ومجلس القضاء إيقافهم عن العمل وإيقاف المحكمة, وما استمرارهم بالعمل إلا بأوامر حوثية مما يعدّ قانوناً تأكيد ارتباطهم بجماعة الحوثي المسلحة.. وسيتم مساءلتهم في وقت واحد مع قيادات الانقلاب على حد سواء.