الأخبار
- تقارير وتحليلات
"تنشئ اقتصاداً خاصاً بالجماعة".. طفرة ثراء حوثية على حساب شعب من الجوعى
العاصمة أونلاين/ خاص
الجمعة, 07 أغسطس, 2020 - 08:09 مساءً
توجّهت مليشيات الحوثي الانقلابية منذ الانقلاب نهاية 2014م، نحو انشاء اقتصاد خاص بالجماعة على انقاض الدولة اليمنية وعلى حساب ملايين الجوعى بعد نهب كافة موارد الدولة والسيطرة على مؤسساتها وتجريف القطاع الخاص وإحلال محله الاستثمارات والشركات الخاصة بالجماعة.
واتبّعت المليشيات المدعومة من ايران كافة الوسائل والإجراءات في سبيل بناء اقتصاد الجماعة، وتعطيل فاعلية الاقتصاد الوطني، بما في ذلك خصخصة المؤسسات الحكومية وانشاء الشركات الخاصة، وفرض الضرائب والجبايات باستمرار وكذلك العمل على سن تشريعات جديدة تخدم مراميها الهادفة للسيطرة على القطاع الخاص.
وتبرز طفرة الثراء الهائلة لمليشيات الحوثي، بينما يعاني ملايين المواطنين في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين أوضاعاً معيشية غاية في الصعوبة بعد نهب الحوثيين مرتباتهم منذ أغسطس من العام 2016م والاستيلاء المتواصل على المساعدات الانسانية والتي كشفتها التقارير الدولية.
وطبقاً لتقديرات اقتصادية، فإن قطاع الجبايات والضرائب والجمارك والزكاة، يمثل شريان حيوي مهم لتغذية السلة المالية للميليشيات الانقلابية، إذ يوفر لها أكثر من 60 في المائة من إجمالي الموارد المالية.
كما تجني المليشيا الحوثية من الضرائب المفروضة على الشركات الخاصة المشغلة لخدمة الهاتف النقال مبالغ ضخمة تصل إلى نحو مليار دولار، مقابل السماح لهذه الشركات بالاستمرار في تقديم الخدمة.
مصادر بديلة لتمويل حربها
ويقول الصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية مصطفى نصر في تصريح خاص لـ"العاصمة أونلاين"، إن جماعة الحوثي تعمل منذ بداية الحرب على بناء اقتصادها الخاص، سواء عبر تكوين شبكة من الاستثمارات الخاصة والتي ظهرت في قطاع النفط والمشتقات النفطية وقطاعات متعددة، أو من خلال تدمير أو محاولة فرض اتاوات وتغيير قوانين القطاع الخاص التقليدي.
وأوضح نصر إن الهدف من البداية هو إعادة هيكلة الاقتصاد بمايخدم هذه الجماعة واستمرارها، والعمل على ايجاد مصادر محلية بديلة لتمويل الجماعة وحروبها المتعددة، وهذا واضح من خلال كل التصرفات التي تطال قطاعات متعددة من خلال تدمير بعض القطاعات والشركات والبيوت التجارية، والمؤسسات التجارية والسيطرة عليها تحت مسميات متعددة لصالح مشروع الجماعة.
ولفت الى أن جزء كبير من الاقتصاد اليمني مايزال تحت سيطرة مليشيات الحوثي، إلا أن قطاع واسع من رؤوس الأموال والمستثمرين نقلوا أموالهم سواء الى مناطق تحت سيطرة الحكومة الشرعية أو الى خارج البلد بعد تدهور بيئة العمل جراء الاجراءات الجائرة والمضايقات التي تفرضها المليشيات الحوثية بحق المستثمرين ورؤوس الأموال.
تحديات القطاع الخاص
وأوضح الصحفي الاقتصادي مصطفى نصر، إن القطاع الخاص في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي بات يواجه تحديات كبيرة، منها الجبايات الجائرة التي تفرضها مليشيات الحوثي ومايتعلق بمحاولة سن تشريعات جديدة بإجراءات مجحفة وضرائب وجبايات جائرة في ظل تراجع القوة الشرائية، والبلد تعيش حالة حرب وهذا بدوره يؤثر سلباً على القطاع الخاص وعلى الوضع الاقتصادي عموماً ويؤثر على حياة الناس وأوضاعهم المعيشية.
وأشار الى أن كثيراً من رأس المال بدأ يتخوف بشكل جدّي من بقاءه تحت سيطرة جماعة الحوثي، لاسيما بعد تحريك دعوات قضائية و ذرائع متعددة، منها فرض مايسمى "الحارس القضائي على شركات وجمعيات ومؤسسات أهلية، واستخدام ملفات قديمة في الضرائب أو تغيير التشريعات أو إقحام المصالح التجارية في الجانب السياسي وغيرها، موضحاً إن تلك الاجراءات بمجملها تؤسس لتجريف كبير في الاقتصاد اليمني والقطاع الخاص تأثر بشكل كبير، وانعكس سلباً على حياة الناس.
وتعد الجبايات والضرائب واحداً من أهم الموارد التي تعتمد عليها المليشيات الحوثية في الاثراء وتمويل حربها، حيث تستهدف كل القطاعات، بفرض ملايين الريالات على الشركات والمؤسسات ورؤوس الأموال ومئات الآلاف على المواطنين والمتاجر الصغيرة.
وخلال يوليو الماضي، فرضت المليشيات على أحد تجار مواد البناء في العاصمة صنعاء مبلغ 50 مليون ريال يمني، مقابل السماح باستمراره في مزاولة نشاطه التجاري، كما فرضت على تاجر الجملة في المواد الغذائي "أحمد الوتاري" دفع مبلغ 5 مليون ريال بحجة تمويل قافلة لمقاتليهم في الجبهات.
وفي السياق ذاته، اضطر مصرف الكريمي، أكبر المصارف الأهلية في اليمن، الى نقل الإدارة العامة ومقره الرئيسي منتصف العام الماضي، إلى العاصمة المؤقتة عدن، بعد سلسلة من المضايقات والجبايات الحوثية الباهظة، ورغم ذلك إلا إن مصادر في المصرف تؤكد استمرار الابتزاز من المليشيات.
وذكرت المصادر أن المليشيا طلبت من مصرف الكريمي تسليمها تقارير تفصيلية وبيانات مالية تخص البنك، بالإضافة إلى دفع نسبة تصل إلى 30% من الأرباح، تحت عدد من المسميات منها "مجهود حربي".
يذكر أن 17 بنكا تقع مقراتهم الرئيسية في العاصمة المحتلة صنعاء، ويدفعون 24 مليار ريال ضريبة أرباح سنوية للحوثيين، إضافة لما تدفعه شركات ومكاتب الصرافة من رسوم تجديد التراخيص وإتاوات وضرائب ومجهود حربي يستفيد منه الحوثيين.
كما أجبرت مليشيات الحوثي كافة المصارف وشركات الصرافة والبنوك على ربط عملياتها عبر شبكة البنك المركزي الخاضع لسيطرة الجماعة بصنعاء، حيث تشرف على كافة العمليات المالية وتقاسم الشركات الأرباح، فيما الشركات التي رفضت الربط الشبكي جرى إغلاقها.
وتجني مليشيات الحوثي من وراء عملية الربط الشبكة النسبة الكبرى من عمولات التحويلات المالية خاصة بعد الزيادة الجنونية عليها بما يتجاوز 20% من مبلغ التحويل من المحافظات المحررة الى المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات، وهذه الزيادة جرى افتعالها بفعل إجبار المصارف على التعامل بالفئات الجديدة من العملة حيث يضطر العميل لدفع رسوم لتبديل نوعية الورق النقدي بفئات قديمة.
واستولت المليشيات على عدة مؤسسات ومشافي أهلية بصنعاء، منها جامعة العلوم والتكنولوجيا كبرى الجامعات الأهلية في اليمن، بالإضافة الى 6 من أكبر المستشفيات الأهلية وهي "مستشفى الأم، والمستشفى الأهلي، ومستشفى جامعة العلوم، والمستشفى الالماني الحديث، ومستشفى سيبلاس، والمستشفى المغربي"، بفرض مايسمى بـ"الحارس القضائي" وهو مشرف مخول من المليشيات بالتدخل بالقوة في كل العمليات المالية والادارية في المؤسسة المرسل اليها.
هيئات احتكار وشركات جديدة
لجأت مليشيات الحوثي لإنشاء عدد من الهيئات والمؤسسات المستحدثة والتي تحاول منحها الصفة الرسمية للتحكم بالموارد الخاصة بالمؤسسات الحكومية والاستحواذ عليها ومن هذه الهيئات "الهيئة العامة للزكاة، الهيئة العامة للادوية، الهيئة العليا للإغاثة، ... ".
وبحسب مصادر مطلعة، نهبت المليشيات خلال الأشهر الثلاثة الاخيرة مايقدر بـ 40 مليار ريال من الايرادات عبر مايسمى بـ "الهيئة العامة للزكاة".
وتورطت المليشيات الحوثية بنهب آلاف الأطنان من المعونات الانسانية المقدمة لليمن من خلال مايسمى بـ"الهيئة العليا للإغاثة"، وتزوير بيانات المستفيدين في عملية مفضوحة انتهت الى إدانات دولية من قبل منظمات تابعة للأمم المتحدة.
ورصد مواطنون عينات من المواد الغذائية والاغاثية المقدمة كمعونات، تُباع في متاجر وأسواق شعبية بالعاصمة صنعاء، فيما يتم تحويل كميات كبيرة لتوزيعها على مقاتلي المليشيات في الجبهات، وتوزيع ماتبقى وفقاً لمعيار الولاء للجماعة.
وبالمقابل نشأت شركات تجارية جديدة وتوسعت في العاصمة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حيث يؤكد مراقبون إن معظم هذه الشركات مملوكة لقيادات بارزة في جماعة الحوثيين، وتأتي ضمن شبكات اثراء الجماعة من الأموال المنهوبة والمجباة.