الأخبار
- تقارير وتحليلات
الأقليات الدينية في زمن المليشيا.. 8 سنوات من التنكيل والتشريد
العاصمة أونلاين / خاص
الخميس, 22 سبتمبر, 2022 - 02:47 مساءً
منذ يومهم الأول في استيلائهم وانقلابهم المسلح على مؤسسات الدولة، ومظاهر الحياة المدنية، عمدت مليشيا الحوثي على تجريف الأقليات الدينية في اليمن، التي كانت تعيش في سلام اجتماعي، مع مختلف اليمنيين، منذ الالاف السنوات، ممارسة بحقهم أساليب شتى كالاضطهاد والتهجير، ناهيك عن المحاكمات غير الشرعية والتي وصلت الى حد الحكم بالإعدام والتهديد بالنفي والابعاد ، ومصادرة الممتلكات، والاتهام بالخيانة والعمالة والتجسس لصالح إسرائيل.
وتعرف الأقليات الدينية بانها طوائف بشرية تعتنق ديانة معينة تختلف عن تلك التي تعتنقها الأكثرية، داخل البلد الواحد، ويوجد في اليمن أقليات دينية من اليهود والبهائيين، والإسماعيليين، و (المسيحيين، ولا دينيين الوافدين من دول القرن الافريقي.
ولم يكن خافيا على أحد مظاهر العداء التي حملتها المليشيا وشعارها، منذ تقليدها للحكم بقوة السلاح، للأقليات الدينية التي وجدت نفسها تحت سوط جلاد، لا يؤمن سوى بما تمليه علية النفوذ الخارجية، ضاربة بالقوانين والحقوق الدولية وحقوق الانسان عرض الحائط.
يهود اليمن
يعتبر اليهود اليمنيين جزء أساسي، من مكونات المجتمع اليمني، إذ يعتبرون من السكان الأصليين، وظل معتنقي اليهودية طوال القرون الماضية إلى جانب المسلمين الذين يشكلون الأغلبية الساحقة في تعايش وسلام.
يتواجد اليهود في مناطق متفرقة، من اليمن نتيجة عملهم في الحرف اليدوية والتجارة، أبرزها ( ريدة، ناعط أرحب، عمران، صعدة، المدينة السكنية في صنعاء.
وبدأ مشوار تهجير مليشيا الحوثي، لليهود منذ احكام سيطرتها على محافظة صعدة، تم طرد قرابة 70 فرداً من أبناء قبائل آل سالم، آخر ما تبقى من أفراد الديانة اليهودية في المنطقة، عقبها تم نقلهم إلى العاصمة صنعاء. وفق تقرير مركز إنصاف للدفاع عن الحريات والأقليات في اليمن.
ويتهم اليهود مليشيا الحوثي بممارسة التخويف والتهديد في حقهم، بالإضافة إلى قيام بعض المنتمين للجماعة بأخذ واختطاف نساء يهوديات وتزويجهن من أفراد ينتمون للجماعة في عنف وانتهاك يخالف الأعراف والقوانين الدولية.
اعتقالات ومطاردات
اعتقل اليهودي لبيبي سالم على يد المخابرات الحوثية عام 2016، عقب تهريب لفافة توراة نادرة مصنوعة من جلد الغزال يعود تاريخها إلى مئات السنين إلى إسرائيل برفقه 17 من أبناء الطائفة اليهودية.
وظلت أسره ليبي على مدى السنوات الماضية، تتابع قضيته بغية الإفراج عنه من قبل مليشيا الحوثي، بصنعاء التي ترفض تنفيذ الأحكام القضائية التي نصت بشكل صريح وجازم، ضرورة إطلاق سراحه، دون مسوغ واضح أو سبب مقنع أو مبررات حقيقية لاستمرار اعتقاله سوى أن ديانته اليهودية.
وتعرض ليبي سالم، خلال سنوات السجن إلى لأنواع مختلفة من التعذيب والتنكيل، حتى أصيب بجلطة تسببت في شلل نصفي، مع وجود عده امراض مزمنة. بحسب تقرير مركز إنصاف للدفاع عن الحريات والحقوق.
وأشار المركز، أن لبيبي يعاني من ظروف صحية سيئة للغاية في السجن، بالإضافة ع وجود مشاكل في الكلى والرئة، منوعه إلى أنه فقد كل أسنانه نتيجة الإهمال الطبي وسوء المعاملة.
وقد حكمتْ محكمة نيابة الأموال العامة بالأمانة، ببراءته وجميع من اعتقِلوا معه من المسلمين بعد إدانتهم بتسهيل خروج نسخة قديمة من التوراة، مع مجموعة من أبناء الطائفة اليهودية الذين رحلوا من محافظة عمران في عام 2016، وتم الإفراج عن جميع المساجين في القضية نفسها باستثناء ليبي "لا لشيء، إلاّ لأنّه يهودي" بحسب تعبير اسرته التي مازالت تطالب بالإفراج عنه.
وكانت أسرة "ليبي" بالإضافة إلى أسرتين من اليهود غادرتا اليمن في مارس 2021، عقب مقايضتهم بالمغادرة مقابل الافراج عن لبيبي سالم مرحبي ، إذ أن انبقاءه تحت مقصلة المليشيا كان كفيلا بالضغط عليهم للمغادرة.
ويقول أحد أفراد المجموعة التي غادرت من عدن لوسائل الإعلام: "خيرونا بين البقاء وسط المضايقات ولن يفرجوا عن ليبي من السجن أو المغادرة، وهم سيقومون بالإفراج عنه، ولهذا اضطررنا للمغادرة وسيسجل التاريخ أننا آخر أسر من اليهود اليمنيين كانت ما تزال متمسكة بوطنها إلى آخر لحظة".
ويضيف بحسره: "لن نلتقي ثانية ولن نرى البلد الذي ولدنا وعشنا فيه، لا أعلم كم تبقى من عمري، ولا أين سوف أدفن، كل أصدقائنا وأحبتنا تركناهم ولم نستطع حتى مواعدتهم".
الحكم بالردة
لم يكن حال أبناء الطائفة البهائية أفضل من سابقتها، فقد طالها الكثير من الظلم والاضطهاد واعتقلت المليشيا منذ سيطرتها على صنعاء في 2014، اتباع الطائفة البهائية، مشترطة في الإفراج عنهم مقابل مغادرتهم لليمن في اقرب فرصة ممكنة.
وفي سبتمبر 2018، اتهمت محكمة تسيطر عليها الميليشيا في صنعاء أكثر من 20 بهائياً بالردة والتجسس والتخابر مع اسرائيل، ونفت قسراً 6 من أتباع الطائفة من اليمن. بحسب كتاب " الأقليات في اليمن الواقع والتحديات" الصادر عن مركز إنصاف للدفاع والحريات.
وأصدرت المليشيا، حكما بالإعدام على البهائي حامد بن حيدرة، في حكم تعسفي استنكرته الحركات الحقوقية في الداخل والخارج، ويعد الحكم هو الأول في تاريخ اليمن منذ توقيع الوحدة اليمنية عام 1990، فيما يتعلق بقضايا تخصّ حرية المعتقد.
وذكر بيان صدر عن المبادرة اليمنية للدفاع عن حقوق البهائيين أن الحكم جائر وأن المحاكمة "مجرد عملية طائفية منهجية تستهدف أقلية كاملة بسبب معتقدها" ولفت البيان، أن حيدرة عانى من التعذيب الشديد والمعاملة السيئة، ومُنع في السجن من العلاج بقرار من النيابة العامة، كما أُجبر على التوقيع على اعترافات كاذبة،بالإضافة إلى وجود سته من أبناء الطائفة مازالوا خلف قضبان السجون.
البهائية والقمع الحوثي
النساء البهائيات لم يكن في مأمن في زمن حكم المليشيا التي لا تعترف بالقيم والأعراف الاجتماعية، إذ تفاجئت "روحية" وهي إحدى نساء الطائفة، ورئيسة منظمة مجتمع مدني بصنعاء، في عام 2016 بمداهمة قوات الامن الخاصة للفعالية، واعتقالها برفقه 66 شخصا آخر منهم نساء وأطفال ومن غير البهائيين كذلك، في فعالية مدنية في فعالية تشجع قيم ومبادئ التعايش السلمي، واعتقلت جميع الحاضرون، وسط ألفاظ مسيئة واتهامات عده أولها أنهم بهائيون. كما تقول.
أغلقت المليشيا المؤسسة التي تديرها "روحية"، وأفرج عنها برفقه زوجها تمهيدا إلى مغادرتها البلاد.
وأشارت إلى أنها غادرت منزلها، وتنقلت من مكان لآخر حتى تمكنت الخروج من اليمن.
وتفيد روحية، "يتم حاليا محاكمتنا غيابيا بتهمة التجسس والتآمر على اليمن،ولم تغلق القضية حتى الآن رغم إعلان قرار عفو عن أفراد البهائيين في مارس 2020".