الأخبار
- تقارير وتحليلات
قضايا اليمن الإنسانية.. كيف تبدو في الإعلام الغربي؟ (الحلقة الثانية)
العاصمة أونلاين - خاص/ إعداد/ مصطفي الشامي
الأحد, 22 يوليو, 2018 - 06:40 مساءً
يتخذ الإعلام الغربي من القضايا اليمنية منطلقا لاستهداف المملكة العربية السعودية ومرجعا لاستحضار الأدلة التي تدينها فيما تقوم به على أرض اليمن من أعمال عسكرية ضد الانقلاب الذي أطاح بالدولة اليمنية، وصادر مؤسساتها ومقدراتها لصالح جماعة سبق وأن نفذت أعمال عدائية خطيرة على الشعب اليمني وأمنه واستقراره ثم انقضت على مخرجات المرحلة الانتقالية وتنكرت لوثيقة الحوار وانقلبت على مضامين أهم اتفاق وطني شهدته اليمن، وحلت مليشياتها محل الجهاز الإداري والرقابي للدولة بكلها, وبهذه الممارسات وغيرها من الانتهاكات الجسيمة، والحسابات الخاطئة أوصلت جماعة الحوثي الخطر الى كل بيت في اليمن ووضعت الناس في طاحونة الفقر ، والخوف والمرض.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل ذهب الى ما هو أبعد حيث وظّف العتاد العسكري الذي نهبته مليشيات الحوثي من معسكرات الدولة في مهمة عسكرية طائشة نُفذت على شكل مناورة في مناطق التماس مع المملكة العربية السعودية لتجد الأخرى نفسها أمام خطر حقيقي ستكون كلفة السكوت عنه باهظة؛ ليس على المملكة فحسب وإنما على المنطقة برمتها, الأمر الذي دفع بالمنظومة الخليجية الى استشعار مخاطر ما يجري وانعكاساته على أمنها القومي والإقليمي خصوصا وهي قادمة من أهم الأماكن الجغرافية بالنسبة لها، فاليمن تشكل مساحة مهمة ترتبط بها مصالح دول الخليج والإقليم والعالم , وهذا بالطبع كان قد ذهب بالوضع الى أضيق الخيارات لتأتي على إثره عاصفة الحزم كأقل رد فعل تجاه المخاطر القائمة.
لم يقترب الإعلام الغربي من كل هذه التفاصيل واكتفى بإفراغ العقدة التي يعيشها تجاه السعودية على شكل مفاهيم ملتبسة تقول عناوينها أن دولة غنية قامت بالإعتداء على دولة فقيرة, وفقط هنا تنتهي القضية ولا تفاصيل أخرى يمكنها أن تفتح صفحات ما قبل عاصفة الحزم وسلسلة الجرائم التي تم ارتكابها من أول شرارة أطلقها الحوثيون الى آخر مؤسسة حكومية سقطت في أيديهم, وربما تتماهى حالة التضليل هذه مع حقيقة عدم امتلاك معظم القنوات والصحف والوكالات الغربية لمراسلين في اليمن، وهو فراغ تم استخدامه – للإغال في خدمة الاجندات الغربية- حيث جرى الاعتماد في معظم التغطيات على وسطاء وميسرين جلهم أو معظمهم يخدم طرف الانقلاب، وبمثل هذه الأساليب يستمرون في تغييب الحقيقة وتبييض ما تقوم مليشيات الحوثي من انتهاكات تشمل كل الأرض اليمنية.
إن ما جل ما تمارسه آلة الإعلام الغربي يعد خرقا مجافيا للمهنية الإعلامية وانتهاك صارخ لكل قوانين وأعراف ومثل الصحافة والإعلام، ولون من التزييف للواقع الذي يقول عكس ما تتناوله تلك المنصات, ودائما ما تُثار تساؤلات كثيرة حول تلك الشهية التي يبديها ناشطي المجتمع الغربي حقوقيين كانوا أو اعلاميين تجاه أي حادثة في اليمن يمكنها أن تدين السعودية، بل ويستميتون في التنقيب عنها ومتابعتها وجمع المعلومات حولها حتى يجعلون منها قضية رأي عام محلي ودولي, وفي المقابل يمارسون تعاميا غير مبرر تجاه الأحداث التي تدين الحوثيين أو تؤيد في طابعها مسار التوجه السعودي والتحالف العربي , وقد بات هذا السلوك جليا وواضحا لدى قطاعات واسعة في اليمن أبرزها التي تعمل في المجال الحقوقي أو الإعلامي.
وكأن القائمين على مؤسسات الإعلام الغربي لا يريدون الخروج عن هذه الأسلوب المجحف بحق الحقيقة، ولا يكفون عن جعل اليمن منصة لإطلاق التهم التي تتماهى غالبا مع ما يتداوله إعلام الحوثي عن السعودية، ويعتقدون أنهم إن فعلوا غير ذلك وقدموا حقيقة ما يجري للرأي العام فهم يوفرون المبررات للتحالف العربي لتوسعة نفوذه العسكري ومنحه فرصة للمزيد من شن الهجمات، وينسون أنهم يتسترون على حقائق كبيرة تتعلق بملايين الأرواح من البشر تضرروا -بما لا يحصى عده أو نقله أو كتابته- جراء الإنقلاب الذي ما يزال ينكل بهم الى اليوم.
استخدام المأساة الإنسانية لغرض سياسي!
إن استمرار ربط كل ما يجري في اليمن بالسعودية بالتزامن مع توفير غطاء لكل الإنتهاكات التي يرتكبها الحوثيون يؤكد طبيعة الأجندات الغربية وحرصها على استخدام مآسي اليمنيين لاستهداف المملكة على شكل يبرر للكارثة الإنسانية وتضمينها كنتاج للتدخل السعودي وغض الطرف عن كل ما حدث قبل ذلك.
كل ذلك لم يدفع بالجهات المعنية في السعودية للقيام بأي حملات دعائية تبرز الإنجازات الإنسانية التي تقدمها المملكة للمتضررين في كل المحافظات اليمنية، وفي مقدمتها محافظة صعدة معقل الحوثيين بالإضافة الى عمليات تأهيل ميناء عدن عبر مجموعة رافعات تسهل من عملية إفراغ المساعدات بشكل أسرع لتصل الى المحتاجين في الوقت المناسب, فضلا عن الدعم الذي تقدمه المملكة للمنظمات الأممية من خلال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الذي يمثل الأمم المتحدة في اليمن، ويعتمد بشكل كبير على الدعم الذي تقدمه الجهات الممولة والداعمة في المملكة لكل المشاريع الإغاثية والإيوائية وكافة المساعدات الانسانية الأخرى.
الى اليوم لم يتم تسليط الضوء على هذه الحقائق والمنجزات بشكل يخترق سيل الشائعات والأكاذيب القادمة من منصات الإعلام العالمي ويصل الى المواطن الغربي هناك, لم يحدث هذا رغم تواجد الإمكانيات المادية والوسائل المتاحة القادرة على تنفيذ عمل من هذا النوع وأكثر، ولكن رغبة المعنيين تكتفي ببضعة مقالات في الصحف الكبرى، أمام كم هائل من الضخ المعلوماتي على مدار الساعة يعمل على تقديم الأدوار السعودية بقالب سلبي محض يجعل منها صانعة أسوأ كارثة إنسانية في العالم.
يتبع في الحلقة الثالثة..