الأخبار
- تقارير وتحليلات
كيف حول الحوثيون "المراكز الصيفية" للتجنيد والتعبئة الطائفية؟
العاصمة أونلاين - خاص
الإثنين, 23 يوليو, 2018 - 11:59 مساءً
منذ اجتياح مليشيات الحوثي، العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014م، وسيطرتها على مؤسسات الدولة، كانت المؤسسات التعليمية على رأس أولوياتها، وهو ما جعلها تسارع في تعيين شقيق زعيم المليشيات المدعو "يحي الحوثي" وزيراً للتربية والتعليم في حكومة الجماعة الانقلابية.
ولم تكتف ميليشيا الحوثي بالسيطرة على المؤسسات التربوية واستبدال كوادرها بآخرين من أنصارها وهدم العملية التعليمية برمتها، بل عمدت إلى تعديل المناهج الدراسية وإدخال تعديلات جوهرية تروج لأفكارها وتوجهاتها الطائفية.
استمرت مليشيات الحوثي في استراتيجية تجهيل الطلاب اليمنيين، كي يتسنى لها اقتيادهم إلى القتال في صفوفها ضد القوات الحكومية بسهولة ويسر، حسب ما أكده مراقبون، حيث تمكنت من إخراج المدارس الخاضعة لسيطرتها من فاعليتها، خلال السنوات الثلاث الماضية، من خلال منع طباعة المناهج وتعديلها واختطاف المدرسين واقصاء الإداريين وإقامتها لمئات الأنشطة والاحتفالات الخاصة بها في تلك المدارس، ناهيك عن رفضها صرف مرتبات المعلمين لأكثر من سنتين.
هدم الجدار الأخير
كانت خيبة أولياء أمور الطلاب كبيرة أثناء أداء أولادهم امتحانات نهاية الفصل الدراسي، الأسابيع الماضية، حيث كشفت لهم عن حجم التراجع الكبير للعملية التعليمية والتي توجت بانتشار ظاهرة الغش وتسريب أسئلة الامتحانات بشكل لم يسبق له مثيل، حينها كان أملهم في إلحاق أبنائهم بالمراكز الصيفية لتلافي القصور الذي حصل في المدارس الحكومية.
لم يصمد الحلم الأخير لأولياء أمور الطلاب كثيرًا، فقد طال عبث الحوثيين جميع المؤسسات التعليمية والمعاهد والمراكز والجهات ذات العلاقة بالعملية التعليمية ولم تكن تحت سيطرة المليشيات من قبل، وآخرها فكرة المراكز الصيفية.
مركز العاصمة الإعلامي، رصد أكثر من (366) انتهاكاً ارتكبته مليشيات الحوثي ضد المراكز الصيفية بالعاصمة صنعاء، حيث تنوعت الانتهاكات بين «الإغلاق، والاقتحام والنهب، والاحتلال، وكذا تهديد مشرفي ومسؤولي المراكز».
ولم تكتف مليشيات الحوثي الانقلابية بالانتهاكات المذكورة سلفاً بحق المراكز الصيفية والسيطرة عليها واستخدامها لترويج أفكارها بل استحدثت مراكز صيفية جديدة، يشرف عليها ما يسمى بـ"الجناح التربوي" في الجماعة.
الأحلام إلى كوابيس
الأسبوع الماضي، دعت مليشيات الحوثي الانقلابية عبر وسائل مختلفة، المواطنين في مناطق سيطرتها لإلحاق أبنائهم في المراكز الصيفية التي حددتها واستحدثتها سلفًا، الأمر الذي أثار مخاوف أولياء الأمور من نوايا الجماعة والمتمثلة في إلحاق الأطفال للقتال في صفوفها بمختلف الجبهات.
ولضمان التحاق الأطفال والشباب بالمراكز الصيفية التابعة لمليشيات الحوثي، سارعت المليشيات إلى إغلاق الكثير من الأندية الرياضية والثقافية بحجة أنها تشغل الشباب عن الجهاد وإسناد مقاتليها في الجبهات، إضافة إلى أنها تجمعات تدعو للفساد والرذيلة.
واعتاد اليمنيون، قبل انقلاب مليشيات الحوثي على الشرعية الدستورية وإعلانها الحرب على الدولة والشعب، على إلحاق أبنائهم في المراكز الصيفية والتي كانت تقوم بدور المكمل للمدارس الحكومية والخاصية، وتضيف الكثير من المعلومات والمهارات للطلاب والشباب يقضون خلالها إجازتهم الصيفية بالاستفادة القصوى من دروس التقوية في مختلف المجالات الرياضية والإبداعية والتنموية والترفيهية.
أفكار مغلوطة
وفي هذا السياق، عبّر أحد أولياء الأمور لـ"لعاصمة اونلاين" عن مخاوفه المستمرة من الحاق أحد أبنائه بالمراكز الصيفية خوفا عليه من الأفكار الحوثية الطائفية، والتعبئة المغلوطة عن الدين والحياة.
وتحدث عن أنباء تفيد بقيام ميليشيات الحوثي بإعداد مناهج جديدة خصصتها للمراكز الصيفية وتتضمن أفكاراً طائفية تتمحور حول المعتقدات الشيعية الغريبة عن المجتمع اليمني، إضافة إلى دروس تحرض على العنف والكراهية.
وكانت مصادر أكدت لـ"العاصمة أونلاين" عن قيام المليشيات بتخصيص مناهج موجهة لصغار السن سيتم تدريسها في المراكز الصيفية وتتضمن دروس وأناشيد جديدة تمجد ما يسمى بـ"الولاية" وتحث الأطفال على الانتماء للفكر الطائفي الذي تحمله جماعة الحوثي.
موسم لكسب مقاتلين
مصادر متعددة أكدت لـ"العاصمة أونلاين" أن مليشيات الحوثي الانقلابية تسعى بكل قوتها لكسب أكبر قدر من المقاتلين خلال فترة إقامة المراكز الصيفية الخاصة بها، مهما كانت أعمار الملتحقين بها وبأي طريقة، وذلك لتعزيز خسائر البشرية التي تلقتها في جبهات القتال المختلفة أمام القوات الحكومية.
وقالت المصادر إن مليشيات الحوثي أعدت هذه المراكز لتدريب الشباب الملتحقين بها على القتال وحمل السلاح، ناهيك عن تعبئتهم وتجهيزهم معنويًا للقتال من خلال المحاضرات التي يلقيها خبراء في الجماعة، كما اقتحمت مؤخراً العديد من المراكز، وأجبرت مشرفيها على توزيع ملازمها وفرض محاضرين يتبعونها للإشراف على تنفيذ برنامج الجماعة.
وزير الأوقاف والإرشاد الدكتور احمد عطية، أكد أن المراكز الصيفية الحوثية ما هي إلا قواعد تدريب، وإرسال لشباب وأطفال اليمن إلى جبهات القتال، حيث يتم تعبئتهم بدورات طائفية وسلالية وإرسالهم إلى الجبهات.
ولفت "عطية" في حوار سابق مع "العاصمة اونلاين" أن الحوثي استخدم كل الأدوات القذرة في استهداف أطفال وشباب اليمن عبر تلك الدورات والشعارات واستغلال لحاجاتهم وحاجات أسرهم والزج بهم في معارك القتال، لافتًا إلى أن الكثير من أولئك الأطفال والشباب تم أخذهم بالقوة أو بدون علم من أهاليهم.
قنابل موقوتة
الكاتب والمحلل السياسي اليمني علي الذهب، قال إن المراكز الصيفية الحوثية تهدف لإعادة شكل وعي الشباب وتسخره في خدمة الفكر الحوثي القائم على استعداء وشيطنة الآخر، وقد تحولهم إلى محاربين عقديين يصعب استئصال أفكارهم مستقبلا".
وأضاف في تصريح سابق لـ"العاصمة أونلاين" أن المليشيات تستخدم شتى الوسائل للزج بالشباب والأطفال لجبهات القتال والتغيير الديمغرافي والثقافي من خلال زرع الافكار وتغيير المعتقدات إلى ما يتوافق مع مخططاتهم، حيث كانت المؤسسة التعليمية- بشقيها الحكومي والخاص- هي وجهتهم الأولى لمرمى أهدافهم الطائفية.