الأخبار
- تقارير وتحليلات
قراءة في كتاب الزبيري "الإمامة وخطرها على وحدة اليمن" (الحلقة الثالثة والأخيرة)
العاصمة أونلاين - خاص
الاربعاء, 26 ديسمبر, 2018 - 10:42 مساءً
استعرضنا في الحلقتين السابقتين من قراءة كتاب " الإمامة وخطرها على وحدة اليمن " لأبي الأحرار الشهيد محمد محمود الزبيري " رحمه الله " بعض السياسات الإمامية البغيضة التي عملت على تمزيق وحدة اليمن وطمسها لهوية اليمن التاريخية والحضارية ونزع كل أسباب التوحد بين اليمنيين ..
كما تطرقنا إلى مهمة الإمامة في الحكم التي انحصرت في التظاهر بالتدين والتنديد بأي نزعة عمرانية في اليمن وتدعيم مركز الإمام وتقديسه ومحاربة كل معارضيه وحتى ناصحيه ..
" العاصمة أونلاين " يواصل قراءته لأبرز ما ورد في الكتاب من خلال حلقته الثالثة والأخيرة
حرب على الاجتهاد المزعوم
تطرقنا في الحلقة الثانية إلى أن الموبوئين بالسلالية وادعاء الحق الإلهي في الحكم ابتدعوا وأسسوا المذهب الزيدي كحامل ديني ليتسلقوا من خلاله إلى السلطة وفتحوا فيه كما يدعون " باب الإجتهاد " ليستخدمونه في ما يخدم سياساتهم فقط ..
يقول الكتاب مواصلا بعد ذلك " لقد نعتت الإمامة أصحاب النحل الإسلامية منهم كالأشعرية بأنهم كفار تأويل لاستغلال هذه النظرية ( نظرية الاجتهاد ) في مآرب سياسية واقتصادية . وقد كانت تقمع كل مجتهد يمس مذهبها.
وحتى في مسائل الفقه التي قد تمس شؤون الحكم والإدارة فقد كانت ممنوعة ولا قيمة لأي اجتهاد يخالف مذهب الإمام .
لقد كانت حرية الاجتهاد صورية فقط بينما كان دعاة الفكرة الإمامية يعملون في أوساط الناس على تأليه و تقديس الإمام وتصنع لهم من القبائل قاعدة شعبية جاهلة متعصبة تلغي كل قيمة لحرية الاجتهاد وتخمد أنفاس العلماء الأحرار وتجعلهم يعيشون ما يشبه الحصار الخانق طوال حياتهم
ويدلل الكتاب على ذلك بقصة العلامة محمد ابن إسماعيل الأمير الذي ناضل ضد النزعة الامامية المتعصبة والذي حاول إسقاط ذكر الأئمة من خطبه في الجامع الكبير بصنعاء فتآمروا على قتله وأزاحوه عن الخطابة واتهموه بالعداء لأنه اجتهد في ما يخالف مذهبهم في بعض الأمور كرفع اليدين وضمهما في الصلاة .
ثم يتطرق الكتاب إلى قول العلامة الشوكاني عن دخول ألوف من المتعصبين مع الإمام إلى صنعاء وتهديدهم كل من يقرأ كتب السنة النبوية وأحدثوا فتنة محزنة بين بعض القبائل وسكان صنعاء . كما أورد الكتاب عن العلامة الشوكاني قوله " والذنب ليس ذنبهم إنما هو ذنب المحرضين لهم " في إشارة منه إلى الإمام وأعوانه الذين يعبئون الجهلة من القبائل ويحرضونهم على مخالفيهم .
وهذا يكشف كذبة حرية الاجتهاد المزعومة والتي لم تكن إلا فيما يخدم الإمامة والإماميين فقط
تقسيم المقسم
إن الأئمة كما يتضح لنا من قراءة الحلقتين السابقتين والفقرة أعلاه من الكتاب أنهم كانوا يسعون إلى صبغ بعض المجتمع بالطائفية والأفكار الهادوية الزيدية ليكون مجتمعا طائفيا يناهض ويستهدف به غالبية الشعب ويجعله متناحرا منهكا غير قادر على التفكير في وضعه المزري الذي أوصلته إليه الإمامة
حيث يواصل الكتاب " أن تقسيم الإمامة للشعب الى قسمين " زيدي وشافعي " تخلله تقسيمات وتجزئات أخرى متسلسلة مستحكمة أخذ بعضها بخناق بعض ومنحدرات كلها من هذه العلة الواحدة المزمنة وهي الحق الإلهي في حكم البشر .
وعن هذا التقسيم الإمامي البغيض للشعب نتجت نظرة خاطئة بين فئات الشعب اتجاه بعضه البعض وزادت من تمزيق وحدته .
يقول الكتاب " أن الشافعية كانت ترى أن الزيود جميعا هم من يحكمونهم ويتسلطون عليهم ويستغلونهم .
وإذا جئنا إلى الزيود وجدناهم لا يرون هذا الرأي بل يحسون إحساسا مريرا بأن طبقة معينة من العائلات الهاشمية هي التي تتمتع بحق الحكم الإلهي كما تزعم ، وتتبادله بين الطامعين من رجالها جيلا بعد جيل وتستشعر الترفع على سائر أبناء الشعب .
ثم إذا ذهبنا إلى الهاشميين وجدنا فيهم البائسين والمنكوبين ووجدنا عائلة واحدة من الهاشميين وهي العائلة المالكة .
وإذا بحثنا عن مشاعر القوة الكبرى في الشعب وهم القبائل والمزارعون وغيرهم لوجدناهم يحملون شعورا مريرا ضد سكان المدن ظنا منهم أن المدنيين يشاركون الأئمة مغانم الحكم ويتحملون آثامه . إنها تجزئة متلاحقة فرزتها الإمامة بسياستها التجزيئية الصانعة للحواجز بين أبناء الشعب الواحد .
ثم يواصل الزبيري في كتابه أن الشعب قد تطور ولن يكون مستقبله كماضيه في إشارة منه إلى الحراك الشعبي الذي كان يتنامى ضد الإمامة آنذاك ..
المشكلة والحل
يقول الكتاب أن المشكلة القاتلة هي ادعاء الحق الإلهي في الحكم وأنها ستدور بسبب هذه المشكلة أحداث المستقبل ومعاركه وستتعرض اليمن بسببها للأخطار ، وهذا ما نلاحظه اليوم من الخطر المحدق على اليمن بسبب عودة أذيال الإمامة ..
والحل أن يشطب الشعب هذه الخرافة التي تعطي لنفسها الحق في الحكم وليتح لكافة فئات الشعب فرصا متساوية في الحكم ..
ثم يتطرق الكتاب إلى أن هذا الحل يحفظ لليمن وحدته واستقلاله وسيحمي حتى الهاشميين الذين يذهبون ضحية الأئمة ، كما سيمنحهم شعور الوحدة مع الشعب لا سلالة أجنبية كما تريد لها الإمامة والإماميين ..
ويستشهد على ذلك أن هناك سلالات هاشمية عاشت باحترام متساوية مع الشعوب في الأقطار العربية والإسلامية ووصلوا إلى مراتب كبيرة في تلك المجتمعات بكفاءتهم الشخصية لا بأنسابهم ولو أنهم تمسكوا بأنسابهم وحاولوا التميز بها على الشعوب لكان عسيرا عليهم أن ينالوا ما نالوه ولكانوا منبوذين عن الشعوب .
كما يستشهد أن هناك سلالات فارسية وحبشية في اليمن منذ قرون تعرضت للنبذ بسبب تكبرها حتى اضطرت إلى الاندماج مع الشعب وأصبحت جزأ منه ...
صور
بعد كل هذا البيان عن خطر الإمامة على وحدة اليمن يستعرض الكتاب في آخره صورا شتى تظهر الحقد الإمامي البغيض على كل مخالفيه ومعارضيه .. حيث تظهر الصور بعضا من رجالات اليمن الأحرار مجندلين بين دمائهم أو واقفين في ساحات الإعدام في انتظار ضربة السياف .. كما تظهر صورة لآخر وهو معلق برجليه في انتظار لحظة القتل..
كل تلك الإعدامات المصورة لأحرار اليمن كانت تتم أمام حشود من الناس لبث الرعب فيهم وقمعهم الذي لم يدم طويلا حتى فجر الشعب اليمني ثورة الـ26 من سبتمبر المجيدة، فكانت اليمن وكانت الجمهورية الخالدة.