الأخبار
- تقارير وتحليلات
كيف أجهضت مليشيا الحوثي العملية التعليمية في اليمن؟ (2 – 3)
العاصمة أونلاين - خاص
الاربعاء, 02 يناير, 2019 - 11:16 مساءً
بالتوازي مع خططها للسيطرة على مؤسسات الدولة وتدميرها ومحاولة إقامة حكمها الإمامي على أنقاضها، وضعت مليشيا الحوثي الانقلابية خططًا محكمة لتدمير التعليم في اليمن، وإخراج المدارس والجامعات والمعاهد عن فاعليتها، لإنتاج أجيال جاهلة وفقيرة تتحكم فيها المليشيات وتسوقها إلى معاركها العبثية قسرياً من أجل الحصول على لقمة العيش.
خلال العامين الماضيين، ظهر حجم الكارثة التي لحقت بالعملية التعليمية في مناطق سيطرة المليشيات بعد أن أقدم الحوثيون على تغيير جميع المسؤولين في وزارة التربية وصولاً إلى استبدال جميع مدراء عموم ومدراء المدارس بآخرين من الموالين للجماعة وغالبيتهم ليس لهم أي صلة بالتعليم ولا يملكون أي مؤهلات.
تجنيد المعلمين
وبعد أن أحكمت مليشيات الحوثي الانقلابية سيطرتها الكاملة على جميع مفاصل قطاع التعليم والجامعات أدرك أوليا أمور الطلاب حجم الخطر المحدق بهم وبمستقبل أولادهم والبلاد بشكل عام، فيما أقدمت المليشيات على تدشين المرحلة التالية وهي مرحلة التعبئة وغرس أفكار الجماعة بشتى الوسائل في عقول من تبقى من المدرسين الذين لم تتمكن من إزاحتهم.
وشهد العام 2018م، إقامة دورات تعبوية مكثّفة أقامتها مليشيات الحوثي الانقلابية لجميع المعلمين والعاملين في حقل التربية والتعليم، وكانت هذه الدورات إجبارية وخضع لها جميع المدرسين غالبيتهم تحت التهديد بتحويلهم إلى أعداء يتعرضون خلالها للاختطاف وتلفيق التهم الكيدية وصولاً إلى القتل.
العديد من المدرسين ممن حضروا هذه الدورات، أكدوا لـ"العاصمة أونلاين" أنهم اضطروا للذهاب إلى هذه الدورات كل أربعاء، وكانت تعرض لهم محاضرات لزعيم جماعة الحوثي من خلال شاشة التلفاز، وتلقى عليهم محاضرات أخرى لقيادات دينية في الجماعة تحرضهم على ضرورة تحشيد الطلاب وأبناء المجتمع لمناصرة المليشيات وإقناعهم بالذهاب إلى الجبهات للقتال ضد القوات الحكومية.
وبحسب المصادر، فإن توجيهات صادرة من "يحي الحوثي" الذي عينته الجماعة وزيراً للتربية والتعليم، قضت برفع كشوفات دورية بأسماء المدرسين الذين حضروا هذه الدورات وكذا المتغيبين منهم أولاً بأول، وتهدد الأخيرين بعقوبات مغلظة.
تسرب الطلاب
وبإحكام مليشيات الحوثي الانقلابية سيطرتها الكاملة على قيادة العلمية التربوية، واستمالتها لمن تبقى منهم عبر الدورات والأنشطة الثقافية، وإجبارهم على العمل لصالح المليشيات، ظهرت النتائج سريعاً على الواقع من خلال الشلل الذي أصاب عموم المدارس، وبعد المئات من الطلاب يتسربون إلى خارجها بحثاً عن عمل يشغل وقت فراغهم، أو مهنة تسد رمق جوعهم.
وطيلة أيام الأسبوع، تجد شوارع العاصمة صنعاء تعج بالأطفال والشباب، حيث انخرط بعضًا منهم في طوابير البحث عن الماء، أو طوابير أخرى تنتظر الحصول على أسطوانة غاز منزلي، وأخرى تبحث عن أعواد الحطب لمساعدة أهاليهم في صناعة وجبة الغذاء.
ولم تصدر عن مليشيات الحوثي الانقلابية التي تحكم صنعاء، لم تعر الأمر أي اهتمام ولم تتخذ أي اجراء يحد من الكارثة، بل إنها أعطتها مؤشراً جيداً بأن خطواتها لتحويل الطلاب إلى مقاتلين تسير في الطريق الصحيح، وأن الثمرة تدنو من القطاف.
رسوم دورية
ولتسريع عملية إجبار الطلاب على ترك مدارسهم والذهاب إلى أحضانها، كانت مليشيات الحوثي الانقلابية تفرض بين الحين والآخر، مبالغ مالية بصورة دورية وتحت عناوين مختلفة، وأبرزها دفع مبلغ 1500 ريال شهرياً على كل طالب، تحت عنوان المسؤولية المجتمعية لاستمرار العملية التعليمية، وزعمت أنها ستدفع من خلاله مرتبات للمعلمين، في حين لم تدفع لهم ريالا واحداً منذ ثلاث سنوات.
وقبلها، دعوة زعيم الجماعة "عبدالملك الحوثي" لطلاب المدارس بدفع مبالغ مالية لدعم البنك المركزي، علاوة على حملات جمع التبرعات الدورية التي كانت تنفذها المليشيات لتمويل أنشطتها واحتفالاتها التي تفوق المئة احتفال خلال السنة.
وكان آخر الحملات الحوثية لجمع الأموال من طلاب المدارس وأبرزها خلال العام 2018م هي تمويل مشروع ما اسمته "الطيران المسيّر" وتلاه دعم مشروعها المزعوم والذي ذهب أدراج الرياح "نافذة التعليم الالكتروني"، وغيرها من العناوين.
خارج السور
كانت هذه الممارسات وغيرها، التي أرهقت أولياء الأمور واستنفدت كل ما لديهم من أموال، بمثابة الضربة الأخيرة التي أخرجت المئات من الطلاب من داخل أسوار المدارس إلى خارج أسوار المجتمع بعيداً إلى جبهات الموت.
وسبق أن وجه القيادي الحوثي "حسن زيد" الذي عينته المليشيات وزيراً للشباب والرياضة، دعوة صريحة بإيقاف التعليم، وإرسال الطلاب ومعلميهم إلى الجبهات حين قال: "أوقفوا الدراسة وأرسلوا الطلاب والمعلمين لجبهات القتال، وإن هذا العمل سيرفد جبهات القتال بمئات الآلاف، ويمكنهم من حسم المعركة".
وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) فإن نسبة تجنيد الأطفال في أوساط جماعة الحوثي وصلت إلى 75% من عمليات تجنيد الأطفال في اليمن، فيما ذكرت احصائيات وزارة حقوق الإنسان، عن تجنيد 10 آلاف طفل والزج بهم في المعارك من قبل ميليشيات الحوثي خلال الفترة من 2015 حتى 2018.