الأخبار
- تقارير وتحليلات
نازحون في صنعاء لـ"العاصمة أونلاين": الحوثيون يحرمونا من المساعدات ويستغلون معاناتنا
العاصمة أونلاين/ خاص
الجمعة, 04 يناير, 2019 - 06:32 مساءً
تضاعفت معاناة عشرات الأسر النازحة في صنعاء من أهالي مدينة الحديدة مع دخول فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، وغياب الدور الانساني للجهات المحلية والمنظمات الدولية ذات العلاقة.
وخلال النصف الثاني من العام المنصرم، اشتدت المعارك بين القوات الحكومية من جهة، ومليشيات الحوثي الانقلابية من جهة أخرى، بمحيط مدينة الحديدة، ما دفع المئات من الأسر إلى النزوح إلى محافظات لحج، وصنعاء، ومناطق أخرى بعيدة، إلا أن الأسر التي استقرت في صنعاء تعاني أوضاعاً إنسانية ومعيشية صعبة تضاعفت مع دخول فصل الشتاء.
بداية مشوار المعاناة
وكان فريق "العاصمة أونلاين" قد زار عدداً من الأسر النازحة في صنعاء، نهاية يونيو 2017م، واستمع إلى معاناتهم وكيف استدرجتهم مليشيات الحوثي إلى النزوح إلى صنعاء، من أجل اتخاذ منازلهم تحصينات لها وإجبار أبناء تلك الأسر على الذهاب للقتال في صفوفها.
كما اشتكى السكان حينها عدم وفاء الحوثيين بوعودهم، وكذا عدم مساعدتهم في الحصول على أماكن يسكنون بها سوى بعض المدارس التي اكتظت بالأسر النازحة، ولم تتسع للبقية ما دفعهم للبحث عن شقق تفوق إيجاراتهم قدراتهم المالية، علاوة على نهب المليشيات للمواد الغذائية والإيوائية التي قدمتها المنظمات الدولية مجاناً، وقامت ببيعها في الأسواق السوداء.
وبحسب بيانات للأمم المتحدة، فإن قرابة 7700 أسرة نزحت من الحديدة إلى صنعاء، أي ما يقارب أربعين ألف نازح، تقول مصادر حقوقية إن هؤلاء وقعوا ضحية جشع المليشيات الحوثية التي استولت على مساعدات اغاثية مخصصة لهم.
فضيحة دولية
والاثنين الماضي، أعلن برنامج الغذاء العالمي صراحة تورط مليشيات الحوثي الانقلابية في سرقة المواد الإغاثية والإيوائية المخصصة للنازحين، ومن ثم بيعها في الأسواق السوداء التي تديرها قيادات في الجماعة، لتحقيق الثراء وتمويل الحرب على حساب معاناة المواطنين ذوي الحاجة والأسر النازحة، كما هو الحال مع أبناء الحديدة.
وقال برنامج الغذاء العاملي في بيان نُشر على صفحته الرسمية، إن الحوثيين يسرقون الطعام من أفواه الجائعين، وأكد على وجود أدلة تثبت استيلاء الحوثيين على شحنات الإغاثة، مطالبًا بوضع حد فوري لهذا التلاعب في توزيع المساعدات.
لا مجيب
وبالرغم من أصوات الاستغاثة المتكررة التي أطلقها نازحون الحديدة في صنعاء، وخاصةً خلال موسم هطول الأمطار إلا أن مليشيات الحوثي لم تعر تلك الصرخات أي اهتمام، وكان الصمت الدولي سيد الموقف، وبالرغم من التقارير الإعلامية والحقوقية لعدد من المؤسسات الإعلامية والحقوقية المحلية.
ومع دخول فصل الشتاء، التقى فريق "العاصمة أونلاين" عدداً من النازحين من أبناء مدينة الحديدة في صنعاء، وتحدثوا له عما يعانوه في ظل البرد القارس، وما اذا كانت المليشيات قد افرجت عن المواد الإغاثية والإيوائية التي قدمتها المنظمات الدولية عبر مطار صنعاء الدولي طيلة السنوات الأربع الماضية.
واقع معاكس
وقالت "أم صالح" إنها نزحت وأسرتها من مدينة الحديدة إلى صنعاء قبل أشهر هرباً من الحرب وطيلة هذه الشهور تحاول أسرتها التأقلم مع الواقع الجديد، حيث اعتاد سكان الحديدة على العيش في ظل مناخ حار، تصل درجة الحرارة فيه إلى نحو أربعين درجة مئوية، وهو عكس أجواء صنعاء.
ومع نهاية العام 2018م وصلت درجة الحرارة في العاصمة صنعاء إلى ما تحت الصفر، وهو ما لم تستطع تلك الأسر النازحة مقاومته، في ظل انعدام المساكن التي تقيهم البرد، والملابس والفرش التي تساعدهم في مقاومة الصقيع.
أعباء جديدة
وبحسب "أم صالح" فإن الكثير من الأطفال والنساء والشيوخ أصيبوا بالأمراض الشتوية، وهي أعباء جديدة تضاف إلى حالتهم المعيشية المتدهورة، حيث لا تجد غالبية الأسر التغذية السليمة، ومياه الشرب النظيفة.
وأضافت بأن حال أغلب النازحين في الأحياء الشعبية بصنعاء المكتظة بالسكان ولسان حالهم ومقالهم يقول: (لم نرى الدفء منذ وصولنا إلى صنعاء، فلا ملابس ولا فرش أو بطانيات كافية بالإضافة إلى سوء الأوضاع المعيشية التي فرضتها علينا حالة النزوح .
وذكرت أن أطفالها منذ دخول البرد وهم يمرضون ما بين الحين والآخر بسبب البرد ولا تجد ما يحميهم من الأمراض سواء في الوقاية المناسبة بالفراش والملابس الثقيلة، والتغذية السلمية التي تحمي الأطفال من الأمراض.
الفقراء أسوأ حالاً
وبحسب الكثير ممن قابلهم فريق "العاصمة أونلاين" فإن الحال لا يختلف بين الأسر النازحة في صنعاء، والأسر الأخرى الفقيرة والمشردين في الشوارع حيث لا يجدون مأوى ولا مأكل ولا مشرب ولا ملبس حيث افترشوا الشوارع والأرصفة تحت موجات صقيع البرد المميتة وزاد البرد من معاناتهم إلى درجة لا تطاق في ظل استمرا مليشيا الحوثي في نهب مستحقاتهم الإنسانية التي يقدمها العالم.
يقول أحد النازحين في صنعاء "البرد يشتد علينا وعلى الفقراء والمشردين الذين هم في أغلبهم عبارة عن نازحين فقدوا كل مقومات الحياة، لتتفاقم معاناتهم وبؤسهم الناتجين عن الحرب المستمرة منذ بداية الحرب".
لا غذاء ولا تدفئة
"أم حسن" قالت إنها تعيش مع خمسة من أبنائها في غرفة صغيرة خالية من وسائل التدفئة العادية وكذلك من الغذاء في أحيان كثيرة، وأضافت بالقول: "البرد والجوع يشتدان في هذه الأيام، ونعاني من انعدام الغذاء والكساء والإيواء".
وأكدت أنها لا تحصل على أي مساعدات إغاثية، خصوصاً بعد وفاة زوجها العائل الوحيد، وبالرغم من أنها سجلت اسمها مرارا لدى جهات إغاثية تديرها مليشيا الحوثي تزعم أنها تجمع معلومات عن النازحين لتبحث لهم عن مساعدات في حين هي في الحقيقة تبحث لنفسها وتتاجر بهذه المعلومات والبيانات.
وأضافت أم حسن" بالقول: معاناتنا زادت مع دخول برد الشتاء ولا نملك بطانيات وفرشا كافية ونعمل على جمع الحطب لإشعال النار والحصول على الدفء على الرغم من المخاطر التي يتسبب بها الدخان كذلك فإن أطفالي الصغار يصابون بأمراض بين حين وآخر بسبب البرد .
وعن المياه قالت "أم حسن": إنها بالكاد تستطيع توفير المياه من فاعلي الخير مرة كل ثلاثة أيام، ونفرح لكننا نخشى من استخدامها في هذه الأيام لشدّة برودتها فنحن لا نملك ما يساعدنا على تسخينها وتؤكد أن هذا الأمر من أسوأ ما تواجهه في الشتاء.
نموذج آخر
المواطن "عبد الناصر عبده" وهو من سكان منطقة المحجر شمالي صنعاء، قال إنه غير قادر على تأمين احتياجات أطفاله مع بداية فصل الشتاء ومطالب الأسرة زادت فيما يخص الغذاء والدواء.
وأضاف في حديثه لـ"العاصمة أونلاين" بالكاد أستطيع توفير ثمن ا?رز والخبز، حيث وأن عدد من أفراد أسرته أصيبوا بأمراض البرد وفي أحيان كثيرة أعجز عن توفير الدواء لهم أو نقلهم إلى مستشفى".
وأشار إلى أن عائلته مكونة من ستة أشخاص وليس لديه سوى أربع بطانيات فقط، ولا يملك الأثاث الكافي في المنزل الذي من شأنه التخفيف من مضاعفات البر".
الكثير من النازحين ينامون في العراء، تماماً كما الحال في المخيم العشوائي الذي أنشئ في منطقة ضروان شمالي صنعاء، كما ان البعض منهم يعيشون في منازل مهجورة أو خرائب أو منازل صفيح أو خيم مهترئة أو العراء.
وبحسب مصادر لـ"العاصمة أونلاين" فإن أطفال المخيم أصيبوا بأمراض عدة جراء البرد، وإن ما يصل إليهم من مواد إغاثية لا يسد 1 % من احتياجاتهم، مؤكدة بأن تلك المساعدات تذهب غالبيتها إلى غير مستحقيها حيث تتسلط عليها مليشيا الحوثي وتقوم بتوزعها على أنصارها والموالون لها دون أي التفات لمعاناة الأسر المحتاجة فعلياً لهذه المساعدات.