الأخبار
- تقارير وتحليلات
القائد قحطان.. رجل الفكر والسياسة ورائد النضال (بروفايل)
العاصمة أونلاين/ خاص
الخميس, 04 أبريل, 2019 - 05:53 مساءً
"محمد قحطان".. في الخمسينيات من العمر، سياسي مخضرم، وصديق الصحافيين والطلبة والسياسيين.. محاضرٌ بارع. فمنذ كان شاباً يافعاً وحتى غزا الشيب رأسه كان مُلهماً للكثير من الآراء السياسية والتحالفات الكبرى في تاريخ البلاد.
من الصعب أن تجد "قحطان" بلا ملف، يحمل دائما أوراقاً أو كتاباً يقرأ فيه.. وهو أيضا قريب من التيارات الفكرية في البلاد، يتبناه الاشتراكيون والرأسماليون والليبراليون والقوميون، فضلا عن كونه قيادي في الصف الأول لحزب الإصلاح وعضو هيئته العليا. لذلك فقد نجح ورفيقه الاشتراكي الراحل "جار الله عمر" في صناعة وإيجاد حل ما، للسياسة التي وصلت إلى وضع الانسداد في عهد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح، فصنعا معا، أرضية جديدة أتاحت الفرصة لتكتل سياسي بحجم "اللقاء المشترك" أن يستعيد أجواء السياسة من جديد، ومع مكونات هذا التكتل تنفست اليمن من جديد، وغدا كل حزب قائدا لهذا التكتل أو ناطقا رسميا بالتداول الزمني، فكان من نصيب قحطان أن يكون ناطقا باسم ستة أحزاب (2003-2011م)، قبلها كان زميله "جار الله"، قد وهب حياته ثمنا لحياة هذا الوليد الجديد، وها هو قحطان يدخل عامه الرابع بين القضبان.
تلقى محمد قحطان تعليمه الابتدائي والثانوي في تعز، وواصل الدراسة في كلية الشريعة والقانون - جامعة صنعاء. ولد في منطقة ( الأفيوش) بين (إب وتعز)، وسط اليمن تلك المنطقة التي أنتجت الجيل الأول من كل شيء، لا سيما السياسة والصحافة، سواء كانوا في السلطة أو المعارضة.
عُرف عن قحطان قوة طرحة وسداد حجته، ورجاحة عقله في موازنة الأمور.. لكن أكثر من ذلك فقد شّق طريقه بقوة في معارضة الظلم والاضطهاد الذي تبناه نظام الرئيس الراحل علي عبدالله صالح. عندما يصمت الجميع يظهر محمد قحطان مدافعاً ورجلاً يدافع عن الإنسان وعن الدولة والسياسية في البلاد؛ رفض مشروع التوريث عندما كان فكرة، وتحدث عن علاقة "صالح" بالقاعدة عندما كان الجميع يخشى الحديث عنها. دارت الأيام حتى اكتشف الجميع صِدق ما تحدث به "قحطان".
يحمل قحطان "مشروع وطن" ولأنه كذلك تجد كل الوطنيين إلى جواره؛ تخشاه عصابات السلطة والجماعات المسلحة؛ خلال تأسيس اللقاء المشترك كان يوصف قحطان بصفته "المهندس المساعد" في التأسيس كان قريباً من الشهيد جار الله عمر، الذي قتل في المؤتمر العام للتجمع اليمني للإصلاح في 28 ديسمبر/كانون الأول 2002م، وظل اغتياله لغزاً حتى 2007م، عندما اتهم "قحطان" الجهة التي تقف وراء الاغتيال أنها كانت تريد إجهاض "اللقاء المشترك"، ولأجل ردع أوهام "صالح"، عمل "قحطان" بجّد من أجل إعادة اللحمة الوطنية بين "الاشتراكي" و"الإصلاح"، ونجح بهمة وطنية ومشروع النضال السلمي الذي أعلنه المشترك برنامجاً.
الثَّورة والنضال
محمد قحطان ثورة ضد "صالح"، وضد جماعة الحوثي التي أخفته منذ ابريل/نيسان2015 إلى اليوم. ولأنه كذلك يعتبر قحطان النضال: الحرية، والاستماتة في العمل السلمي من أجل انتزاع الحقوق، الحر لا يقبل الضيم، ولا يرضى أن تلوى يده فإذا لويت يد الحر يأخذ حقه بالأخرى ونحن سنناضل سلمياً حتى ننتزع حقوقنا وحرياتنا وحتى تغدو إرادة الشعب اليمني حرة يختار من يشاء ويرفض من يشاء، وتتجلى إرادته فيما يريد عبر انتخابات حرة ونزيهة. كان ذلك ضمن حوارٍ طويل في يونيو/حزيران 2006.
وصف قحطان قبل ثورة فبراير/شباط2011 بقائد الثَّورة التصحيحية فقد دعا لإسقاط صالح في 2007 عندما كانت الأحزاب والتنظيمات السّياسية والاجتماعية لا تؤمن حتى بذكر كلمة التغيير، حتى تحركات الحراك الجنوبي في المحافظات الجنوبي كانت لأجل المطالب، وحروب الحوثيين كانت من أجل بناء حركة تمرد وليس إسقاط النظام. وفي نهاية 2007 قال قحطان: إن البلاد يجب أن تتخلص من براثن حكمهم (يقصد حكم صالح) التي لم يثمر سوى الفقر والجوع والمرض".
كون خطاب قحطان هالة كبيرة اضطر على إثرها "صالح" وأفرد حكمة على شن حملة وصفته بأقذع الصفات "الخسيس" و"القبيح" و"الكلب الذي يعوي" وكان الشعب يصفه بقائد الثَّورة التصحيحية.
اختطافه
لم يكن "قحطان" مؤيداً للحروب الست ضد الحوثيين والتي أشعلها صالح لمآرب أخرى غير مواجهة التمرد، ووصف تلك الحروب بـ"العبثية" داعياً إلى حلول "سلمية"، وعندما كانت الأمور تشتد سوءً كانت سلطة صالح تبحث عن محمد قحطان وبقية الرجال الوطنيين ليكونون وسطاء وكان عضواً في لجان التفاوض، كان أول تلك اللجان في أغسطس/ آب 2004م، وآخرها في يونيو/ حزيران 2009م. ورغم الحلول إلا إن "صالح"، و"الحوثي" كانوا يخرقون أي حلول.
بعد تلك اللجان بخمسة أعوام تعاون (صالح والحوثي) لاجتياح صنعاء (سبتمبر/أيلول2014)، تنقل قحطان بين الفنادق والتقى مراسلين والسياسيين، تضامن مع الرئيس وأعلن الصمت في حوارات رعتها الأمم المتحدة (المبعوث جمال بنعمر)، وكان قد أعلن "قحطان" التزامه الصمت عدة مرات بسبب ما وصفت "بعنجهية" الحوثيين، تبرّم كثيراً من تلك الحوارات غير المسؤولة، الفاقدة للشرعية السياسية والأخلاقية.
تمكن الرئيس عبدربه منصور هادي من الفرار إلى عدن في فبراير/شباط2015، حاول "قحطان" اللحاق به، فألقي القبض عليه في منطقة "إب" من قِبل الحوثيين ثمَّ وضع تحت الإقامة الجبرية، وتحول منزله في صنعاء إلى مزار للسياسيين والطلبة والصحافيين والحقوقيين، حتى جرى اختطافه إلى جهة مجهولة في 5 ابريل/نيسان تقول عائلته أنها التقته عصر "اختطافه" في منزل رجل الأعمال اليمني حميد الأحمر، الذي يحتله الحوثيون، بعدها اختفى عن الأنظار!
تبنت الأمم المتحدة قضيته وطالبت الحوثيين أكثر من مرة بالإفراج الفوري عنه، رفض الحوثيون بشكل دائم السماح للصليب الأحمر بزيارته. دعا قرار لمجلس الأمن الدولي إلى الإفراج عنه وشقيق الرئيس اليمني ووزير الدفاع، لكن تلك الدعوات لم يتم الاستجابة لها.
مثّل "محمد قحطان" سياسة اليمن طوال الفترة الماضية، وعندما كانت تنعدم الحلول كان الحل لدى "قحطان"، اليوم تنعدم الحلول في "أسوأ أزمة عرفتها اليمن"، وعندما كانت اليمن بحاجة قحطان لم يخذلها. لكن الميليشيا ترفض حتى الإفصاح عن مكانه لأنها لا تريد حلاً ولا تريد فكرة تنقذ البلاد والعباد من عبثها.