الأخبار
- تقارير وتحليلات
الألغام تسرق بسمة الأطفال في اليمن "وبرامج" تحاول زرعها من جديد
العاصمة أونلاين/ خاص/ عمار زعبل
الإثنين, 29 أبريل, 2019 - 03:40 مساءً
"تأثرت نفسي وكنت قبل ما أسافر مصر دائماً حزين وزعلان من نفسي لأني ما اشوفش.. الآن قليل اتحسنت ورجعت حالتي" بهذه الكلمات يلخص (حسين علي الهزمي) 11 عاماً نفسيته التي تأثرت بسبب انفجار لغم أرضي به وبأبيه الذي فقد قدمه, وتغيرت حياته تماماً بعد الحادثة التي أخذت أجزاء مهمة منهما الاثنان.
حرص والد حسين (كان يعمل سائقا لشاحنة نقل, ينقل الأحجار ومواد البناء) على التحاق "ابنه" بدورة تأهيل نفسي واجتماعي يعمل على إقامتها في مدينة مأرب, يتبع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية, عن طريق شريكه المحلي مؤسسة وثاق للتوجه المدني, وفي الدورة استعاد حسين جزءاً من نشاطه الجسدي والذهني, بعد ان كان محبطاً تماماً كما يشير والده.
يقول حسين عن الإصابة الي أصيب بها في منطقة الجفينة التي وصل إليها نازحاً مع أسرته من مديرية أرحب محافظة صنعاء: " رحت مع أبي الصباح فوق قلاب تراب نجمع حجار للسوق وحملنا القلاب, وبعدا راح أبي يشغل القلاب, ومشى شوية وطفى القلاب, وكان يشغله مرة ثانية والتاير (أي الإطار) كان تحته لغم, ونحنا مش داريين, وقرح اللغم, وابي اقتطعت رجله, وهو داخل القلاب, وأنا كنت بالأرض وطارت شظايا لعيني, وفقدت بصري, وفي صدري وقعت شظايا, وأسعفنا شخص إلى مستشفى الهيئة".
مرت على الحادثة سنة, لكن آثارها لم تنته من نفسية وجسم حسين, خضع لأكثر من عملية جراحية لعينيه ولجسده, وهي العمليات التي أعادت قليلاً من النور لعينه اليمنى, أما اليسرى فقد فقدها تماماً, "قبل سنة وعملوا لي عملية في مصر, لعيوني زرعوا لي شبكية, وقرنية, وجسم زجاجي والأن أشوف بعيني اليمني فقط أما اليسرى لا أشوف بها".
يشير حسن إلى بقع سوداء في وجهه, وعلى جسده, يعلق أنه من "البارود" "في وجهي آثار البارود وعمل تشوه فيه, وعملت جلسة في مصر لوجهي بقيت ثلاث جلسات.. كل الجلسات على حساب مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية".
يتذكر لحظات الانفجار وما بعدها, شعر بأنه أخذه بعيداً لمسافة, لكنه أغمي عليه, ليجد نفسه في المشفى, اكتشف مأساته, لكنه كان لا يعلم شيئاً عن والده, فصار أكثر قلقاً حينها, أدخل والده العناية المركزة, نتيجة الانفجار "لما انفجر اللغم شلني لمسافة, وأغمي علي, ولم ار أمامي بعد أن صحيت كان وجهي دم, جلست في المستشفى ثلاثة أيام حدث لي نزيف داخلي, نتيجة طلوع عظم من القفص الصدري, وكنت ممنوع من الأكل حتى توقف النزيف, وكنت قلق على صحة ابي الذي أدخل العناية.
في مركز التأهيل لوحظ استجابة حسين للتأهيل النفسي الاجتماعي, ابتعد في الأيام الأخيرة عن العدوانية, أو الانطوائية, التي كانت ترافقه في كثير من النشاطات, حسين نفسه أكد أنه يريد الاستمرار في التعلم, رغم أنه يتذكر مأساته "الآن أنا ضعيف النظر لأن الشبكية تقطعت ووجهي كله بارود".
يبحثون عما يعوضهم عن طفولتهم
يصل الأطفال إلى مبنى مشروع إعادة تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين بالحرب في اليمن, وهم يبحثون عما يعوضهم عن أطرافهم المبتورة بسبب الألغام, يريدون يمارسون حياتهم العادية, وأن يعودوا إلى طبيعتهم العادية, طفولتهم التي سلبتها منهم الألغام والمتفجرات والعبوات الناسفة, إضافة إلى مخلفات الحرب المختلفة التي تجد طريقها للأطفال, فتحيل بعضهم إلى أشلاء متناثرة, والبعض الآخر, أصبح يبحث عن يده أو قدمه أو ما يرمم جسده التي نالت منه الشظايا المتطايرة.
وزرعت جماعة الحوثيين أكثر من مليون لغم بطريقة عشوائية بحسب تقارير محلية, راح ضحيتها الآلاف من المدنيين منهم ما يقارب 400 طفل بين قتيل ومصاب.
برامج تعيد رسم البسمة في وجوه الأطفال
ويعد مشروع إعادة تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين بالحرب في اليمن, من المشاريع التي ينفذها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في اليمن, منذ أغسطس 2017م, ونجح في إعادة تأهيل أكثر من 350 طفلاً مجنداً ومتأثراً بالحرب, منهم متأثرون بالألغام والعبوات الناسفة, وهو أحد البرامج التي تحاول إعادة البسمة للأطفال, وإعادتهم إلى حياتهم الطبيعية, ويعد إضافة نوعية كما هو مركز الأطراف الصناعية, التي أيضاً يقصدها الأطفال ممن فقدوا أطرافهم, للحصول على أطراف صناعية, يستطيعون بها مواصلة حياتهم.
ويقول عبدالرحمن القباطي, مدير المشروع الذي يموله مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية عبر مؤسسة وثاق للتوجه المدني, إن الأطفال المتأثرين يصلون إليهم وهم في حالة مأساوية, خصوصاً ضحاياً الألغام, منوهاً أن عدد من تم تأهيلهم بشكل عام 106 من المتأثرين, بينهم 30 طفلاً من ضحايا الألغام ومن محافظات عدة.
تزايد الضحايا
وأكد القباطي في إطار حديثه أن البرامج التي توجد من أجل الأطفال مهمة, خصوصاً مع تزايد الضحايا من الأطفال, ممن نالت منهم الألغام التي زرعتها جماعة الحوثيين, سواء برامج الدعم النفسي, أو برامج تعنى بزراعة أطراف للأطفال ممن فقدوا أطرافهم, أقدامهم أو أيديهم, فكلها مهمة, لأنها حسب تعبيره, تعيد الأطفال إلى طفولتهم المسلوبة بسبب الحرب.
نجاح
ونجح المشروع بحسب تقرير صادر عنه إلى أنه خلال أربع مراحل أعاد تأهيل 321 طفلاً منهم 30 طفلاً, كانوا ضحية للألغام توزعوا على محافظات, تعز, ومأرب وعمران وصنعاء والبيضاء وحجة, والحديدة وإب.