الأخبار
- تقارير وتحليلات
حرمان حتى النفس الأخير.. (جبلية) حكاية أم الصحفي المختطف "حسن عناب"
العاصمة أونلاين/ خاص
الأحد, 15 ديسمبر, 2019 - 11:17 مساءً
في إحدى قرى مديرية "كعيدنة" التابعة لمحافظة حجة شمالاً لفظت أنفاسها، أغمضت أخيراً عينيها المنهكتين الباحثتين عن نظرة وداع لفلذة كبدها وقد حرمت من رؤيته سنوات عدة، لا لجرم ارتكبه سوى أنه فنان وأديب مرهف الأحاسيس وكاتب صحفي أراد خدمة الإنسانية فحرم من حقه الإنساني في الحرية والحياة.
واختطفت مليشيا الحوثي المسلحة الصحفي والكاتب "حسن عناب" في التاسع من يونيو 2015م، من إحدى غرف فندق الأحلام، لتقضي على أحلامه وأحلامها التي استودعتها في "حسن" الأسمر وعينيه المتحفزتين إبداعاً وحباً لوطنه، أودع مع تسعة من زملائه المعتقلات، لتظل المليشيا تمارس بحقهم الانتهاكات والتعسفات المتكررة ومنها منع الزيارات عنهم وتعرضهم للتعذيب النفسي والجسدي.
"جبلية" كان لسنوات حياتها الأخيرة مشقة وعناء، وهي تصعد الجبال باتجاه صنعاء، لعل يسمح لها السجان بلقاء ابنها لكنها لم تنجح إلا بعد محاولات وأشهر انتظار، لم تيأس فيها أو تستسلم حتى كان لها اللقاء، إلا أنه لم يشبع شوقها ولم يرو لهفها، كانت ثلاث زيارات الزيارة الواحدة تكتفي فيها بتبادل النظرات وتساقط الدموع والاكتفاء بإجابات غير مكتملة، تكتفي بالدعاء بأن يفرج عنه وعنها ويخرج من معتقله القسري ليعود إلى حياتها النور ولكنه لم يحصل.
عاشت "جبلية" مشاعر الخوف والحزن تصبرت في منزلها الريفي تنتظر أي خبر سار بالإفراج عن ولدها إلا أنه لم يأت وبقلب الأم عزمت على السفر بعد سنتين من الانتظار، إلا أن أبواب السجن لم تفتح لها بحسب زوجة "حسن" التي قالت: "رحنا السجن ليقال لنا الزيارة موقفة على الصحفيين، فبكت الأم في بوابة السجن، لكن لا توجد رحمة".
انتظرت شهراً كاملاً إلا أنها لم تتمكن من الدخول، منعت من رؤيته، عادت كما جاءت تعاني الفقد وتغالب ظلم السجان، وكل رجائها حينها أن تستدعيها زوجة ابنها أول ما يسمحوا بالزيارة، وأن تحدثه عن محاولتها البائسة بزيارته.
وتقول زوجة حسن أن أمه تمكنت ثلاث مرات في زيارته في السجن، وبحكم أنها بعيدة، كانت تكتفي بإيصال التحايا إليه، وفي آخر اتصال معها طلبت منها ذلك، كانت تعاني الحمى، فلفظت أنفاسها، وغادرت دون وداع من ولدها، وهي الحيرة التي أصابت الزوجة هل توصل السلام لحسن أم النعي بوفاتها.
وفاة "جبلية" عبر عنه صحفيون وناشطون بأنه لم يكن بحمى الضنك، إنما حمى الفقد والحرمان من ولدها بمنعها من زيارته، وتغييبه ومحاكمته ظلماً، وتضاف إلى انتهاكات المليشيا الحوثية بحق اليمنيين، التي لا تفرق فيها بين أحد، ولا تعرف الرحمة أو الإنسانية.
وقال الصحفي "حسن هديش" في تغريدة له "ماتت جبلية كل يوم مر بها وابنها بعيد عنها، ماتت ألماً وقهراً وحسرة، وماتت معها ضمائر المليشيات الإرهابية".
وأشار إلى أن حلم جبلية والدة حسن أن تحتضن فلذة كبدها وان تكتحل عيناها بالنظر إليه قبل أن تفارق الحياة، لكن مليشيات الموت تتفنن وتستمتع بمشاهدة عذاب الوالدة بفراق ولدها، ولا تأبه بسهام الليل ودعوات المظلومين التي ستظل لعنة تقض مضاجعهم.
الناشط "عبدالكريم عمران" يرى بأن وفاتها بعد يوم من محاكمته أمام قاضي المليشيا، هو ما جعلها تموت قهراً عليها وأنهم حاكموه كعدو للشعب، وهي التي تنتظر خروجه لا محاكمته " يحاكمونه بتهمة العداء للشعب وهو الذي لولا انحيازه لصف الشعب ما اختطفوه ولا عذبوه ولا حرموها منه وحرموه من وداعها".