الأخبار
- دراسات وملفات
من داخل مراكز الحوثي الطائفية بصنعاء.. ماذا تريد الجماعة..؟ تحقيق لـ "العاصمة أونلاين"
العاصمة أونلاين/ تحقيق خاص
الإثنين, 21 يونيو, 2021 - 08:57 مساءً
في الـ 23 من مايو/ آيار الماضي، دشنت مليشيا الحوثي ما أسمته بالمراكز الصيفية، بشكل عكس سعي الجماعة إلى التغرير واستقطاب أكبر قدر من الأطفال، إلا أنها اصطدمت بوعي المواطنين في بعض الأحياء في العاصمة صنعاء.
وأرادت المليشيا كما أوضحت وسائل إعلامها الخاصة استهداف ما يقارب من 650 ألف طفل في صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرتها، عبر تفعيل 6000 مركز، وهو الرقم الذي يؤكد أن المليشيا تسعى إلى التطييف واستخدام المراكز الصيفية لما يخدم مشروعها وحربها على اليمنيين، ففي الوقت الذي عجزت فيه على دفع رواتب المعلمين، تدفع بسخاء على هذه الدورات المريبة كما أكد تربويون تحدثوا لـ "العاصمة أونلاين".
معدو هذا التحقيق هالهم عملية الضخ الكبيرة للحملة الإعلامية المصاحبة التي استخدمتها المليشيا منذ تدشينها، حيث استنفرت كل مشرفيها، في الوزارات ووسائل الإعلام وخطباء الجوامع، وعقال الحارات، كما أنها شكلت لجنة خاصة للتحشيد والتسويق في الوقت نفسه.
حرص المليشيا على "جلب" الأطفال إلى المراكز الصيفية دفع آباء وأمهات إلى التوجس من الأمر أكثر، كون المراكز الصيفية، أمراً ثانوياً وليس ضرورياً، وأنه لفترة محددة، وليس لمدة شهرين كما فرضتها المليشيا وهو ما لا يتناسب مع الأطفال الذين فرغوا من سنة دراسية، ليتم إدخالهم قسراً إلى أبنية بعضها سرية، وإلى أيدي أشخاص جلّهم مسلحون، كما عاين ذلك فريق الرصد في مركز "العاصمة أونلاين" الذي استطلع أيضا آراء مواطنين تحدثوا عن تخوفهم من إجراءات المليشيا واستهدافها لأطفالهم خصوصا الفئة العمرية من الـ "10 – 16" عاماً.
في تحشيدها إلى المراكز لجأت مليشيا الحوثي في مكاتب التربية والتعليم في العاصمة صنعاء، إلى تنظيم "الزينبيات" وذلك للدخول إلى المنازل وإقناع الأسر على إلحاق أطفالها، وتوزيعهم بحسب كل مدرسة أو مركز صيفي، والذي لم يستثن الفتيات التي أوجدت المليشيا لهم مراكز خاصة، وفيها من التعبئة الفكرية والطائفية، وتعزيز للكراهية والحقد.
من الداخل
استطاع معدو التحقيق الدخول إلى بعض المراكز، التي حاولت مليشيا الحوثي، الإعلان بأنها لتدريس اللغة الإنجليزية والحاسوب، وبعض المهارات الحياتية، إلا أن الأمر غير ذلك، ويحتفظ الموقع بأسماء المراكز، حيث يتم ضخ ما تسميه المليشيا الثقافة القرآنية، وهو دليل آخر على أنها استفردت بالشعب اليمني، وخصوصا الأطفال، لنشر ثقافة الخمينية، التي هي بعيدة عن ثقافة التسامح والتعايش بين اليمنيين، وفي مثل هذا الدروس تكمن الخطورة التي ستمتد إلى الأجيال القادمة، إن لم يتم إنهاء التعليم الموازي الذي تنهجه المليشيا.
وللتدليل عن ذلك، تنتشر مصطلحات، "طوق نجاة، توجيهات السيد القائد، أخلاق القرآن، الجهاد، المرتزقة، العدوان، القتال" إضافة إلى التدريبات القتالة المختلفة، وتجميع الأطفال دون إذن من أسرهم إلى أماكن أخرى غير التي يدرسون فيها، حيث يتم نقلهم بباصات جماعية كل أسبوع، إلى محاضرات جماعية، يتم فيها جمع طلاب المراكز في المديريات المختلفة.
لم تكتف المليشيا بذلك، حيث نفذت وقفات للمطالبة بفتح ودعم المراكز الصيفية والتبرع لصالحها، وذلك بعد صلاة الجمعة، في مساجد صنعاء، وهو تعبير آخر على حرصها لأن تستوعب أكبر قدر من الأطفال، خصوصا بعد فشلها في استقطابهم خلال الأسابيع الماضية.
تحت التهديد
وقال مواطن يقطن في حي المطار في مديرية بني الحارث، إنه تفاجأ السبت (19/ يونيو) الحالي، من مجموعة من مشرفي المليشيا في الحي، ممن لا يحتك فيهم كثيراً، وحين استقبلهم في الباب، بدأ أحدهم بالتحدث عن أهمية التعليم للأطفال، والدروس القرآنية لهم، مع إشارات إلى أنه أخطأ حيث لم يلحق بطفله الذي يدرس في الصف السادس في المركز القريب من المنزل.
وأكد لـ "العاصمة أونلاين" بأنه اضطر إلى تسجيل طفله، الذي عارض في البداية لعدم اقتناعه بالمركز، والذهاب منفرداً، إلا أن الح عليه، ولتخوفه من أن يحدث له شيء، أدخله المركز، تحت حجة تحفيظ القرآن الكريم فقط.
اقتحام لمراكز غير تابعة للجماعة
تقول المعلومات التي حصل عليها "العاصمة أونلاين" بأن مليشيا الحوثي رصدت لمراكزها الصيفية، مليون دولار من أجل إنجاحها، إلا أن عدم الإقبال، والأرقام غير المتوقعة، دفعها إلى السيطرة على المراكز الأخرى، والتي أقامتها ذاتياً بعض إدارات المدارس الحكومية والأهلية والخاصة، كما دفعها أيضا إلى اقتحام المراكز الشرعية والحلقات التعليمية في المساجد التي يشرف عليها سلفيون، وإجبار الأطفال على التسجيل في مراكزهم، أو تحويل أنشطة هذه المراكز والحلقات إلى ما يتوافق بخطتها التعليمية الطائفية وتطعيمها ببعض المنتمين لها.
وتوصل معدو التحقيق، أن المليشيا اضطرت إلى التوسع في المراكز باستيلائها على المراكز الأخرى، كما أنها عملت على تضييق الخناق على المواطنين، بعد حالة العزوف الكبيرة من إلحاق أطفالهم، وهو الأمر الذي جعل أن أغلب الملتحقين من طلاب المراكز الصيفية هم من أبناء الحوثيين.
نفور مجتمعي
وقالت معلمات، تركن العمل في أحد المراكز بعد أن سيطرت عليه المليشيا في مديرية شعوب، بأن ما يحدث هو تجريف ممنهج للعملية التعليمة امتد حتى العطلة الصيفية، فلم تكتف المليشيا في تغييرها للمناهج التي أصبحت وكأنها هوية الحوثيين فقط.
وأضفن "أن المليشيا حذفت أي مصطلحات للهوية الوطنية الجامعة لليمنيين، كما أن أكثر المواد تخلو من ثقافة التسامح، والمواطنة"، وأشرن إلى أن كل ذلك يحدث في ظل صمت دولي خصوصا من منظمات العاملة في حقوق الطفل، فما يحدث هي انتهاكات جسيمة للأطفال في اليمن، وهذه الأفكار لها أبعاد تربوية ونفسية واجتماعية كبيرة، بات يحسها اليوم أولياء الأمور.
مؤسسات للتمويل
في سياق متصل استنفرت مليشيا الحوثي، مؤسساتها التي تعمل تحت غطاء التنمية أو الحقوقية، ومنها جمعية الشعب، ومؤسسة شهيد، وغيرها، إلى تمويل بعض المراكز، التي أعطيت لها أسماء طائفية، كمركز الزهراء.
والأسبوع الماضي مولت هذه المؤسسات طلاب مركز الزهراء، لتنفيذ رحلة متكاملة، شملت المصروفات والتغذية، وأدوات الرحلة، وذلك لإغراء الأطفال، واستقطاب غيرهم إليها، وهو ما يشير إلى إصرار المليشيا على تجنيد الأطفال قسرياً، وربما استخدام الألعاب والرحلات وهو ما أكدته مديرة إحدى مدارس البنات والتي قالت إن عدداً من الطالبات تواصلن بها، لمعرفة هل هي في رضا من أن تتحول المدرسة إلى مركز صيفي، دون تواجدها، حيث اختارت المليشيا إدارة ومعلمات ومشرفات للمركز الذي يقع في حي مذبح.
مناهج طائفية
مديرية السبعين، منطقة حدة تحديداً، جعلت المليشيا من مدرسة زيد الموشكي مركزاً صيفياً، تم الوصول إلى عدد من الملازم التي يتم التدريس فيها، وهي ملازم الهالك حسين الحوثي، وكتب جديدة مطبوعة مخصصة للمراكز، وهي التي حصل عليها فريق الرصد في مراكز أخرى، وسنشير إلى محتوياتها، التي احتوت على الشعارات الحوثية المعروفة.
في كتاب القراءة والكتابة، الخاص بالمراكز قصيدة تتكون من 26 بيتاً، بعنوان "حسينيون" ويبدو أنها مأخوذة من الحوزات اللبنانية أو العراقية، إذ لا يوجد فيها سوى ألفاظ الندب والبكاء، والمأساة أنها تستهدف الأطفال تحت عمر عشر سنوات، وهنا تكمن الخطورة، حيث أنها خاصة بالثاني التأهيلي، أي طلاب الصف الثالث الأساسي.
وقسّمت المليشيا صفوف المراكز الطائفية تقسيماً خاصاً، بعيداً عن التقسيم المعروف، في التعليم العام، ليسهل لها تقديم دروس التطرف، والخروج من الصيف، ومعها أعداد كبيرة من الأطفال الجنود.
تقسيم داعشي
واحتوت مراكز الحوثي الطائفية على ثلاث مراحل وثمان مستويات، حيث تضم المرحلة الأولى المستوى التأهيلي والأساسي وتقسم إلى المستوى أول تأهيلي (وهم الصف الثاني أساسي) والمستوى ثاني تأهيلي (وهم الصف الثالث أساسي) وأول أساسي (وهم الصف الرابع والخامس أساسي) وثاني أساسي (وهم صف سادس أساسي)، فيما تضم المرحلة الثانية المستوى الأول متوسط (ويقابل المستوى الأول أساسي سابقا وهم من الصف السابع فما فوق) والمستوى ثاني متوسط ( ويقابل ثاني أساسي سابقا باستثناء الطلاب الناجحين من أول ثانوي فما فوق)، فيما تضم المرحلة الثالثة المستوى أول عالي (ويقابل المستوى الثالث سابقا باستثناء خريجي الثانوية العامة فما فوق) والمستوى ثاني عالي (وهي المرحلة الأخيرة وهم الناجحون من أول عالي ومن المستوى الرابع سابقا).
الجهاد وأمريكا عدو أكبر
وبالعودة إلى كتاب القراءة والكتابة، لمن تسميهم الثاني تأهيلي، أي الثالث أساسي، وتكون أعمارهم على الأقل 9 سنوات، نجد دروساً عن الجهاد وفضله، أي لا شيء، في هذه المذكرات ما يساعد الأطفال على الكتابة وفق مختصين، فالدروس ومنها درس الجهاد الذي جاء في الصفحة 38، تلقيني فقط، وفيه مصطلحات لا تستوعبها عقول الأطفال.
وفي الصفحة المقابلة درس آخر أخذ عنوان "أمريكا العدو الأكبر" وهو دليل إضافي لاستهداف الحوثي للأطفال، وأن هذه المراكز للتجنيد أكثر منها للتعليم، حيث ستصبح هذه المراكز قنابل موقوتة إذا كتب لها الاستمرار، ولم تجد رفضا مجتمعياً.
ومن الملفت أن العبارات التي ركز عليها منهج المراكز الطائفية، والتي اطلع عليها معدو التحقيق، حيث طعمتها المليشيا في أغلب الكتب، منها "هيهات منا الذلة، الشهادة عطاء قابله الله بعطاء".
مع ذلك.. فشل حوثي
تفاوتت أعداد الملتحقين في المراكز، بين الزيادة والنقصان، ففي منطقة الحصبة، يوجد مركزان صيفيان، الأول مركز زيد علي مصلح، في مدرسة الثلايا، والآخر في جامع العصيمي، بلغ عدد الملتحقين بهما 189، بينما وجد أن العدد قليل جداً في مراكز أخرى، ففي "بيت بوس" جنوب العاصمة، استطاع الفريق الوصول إلى 5 حلقات، إلا أن أعدادها قليلة، مما اضطر المليشيا إلى إغلاق خمسة مساجد، ومنع حلقات تعليمية غير تابعة لها من الاستمرار.
كثيرة هي المراكز التي ضمت أعداداً قليلة، وربما هو السبب الذي يدفع المليشيا إلى تجميعهم إلى مكان واحد، في يوم من أيام الأسبوع، ودائماً ما يقع الاختيار على جامع الصالح، حيث يتم فيه التصوير والنقل التلفزيوني.
ووصلت أعداد الملتحقين بالمركز الصيفي في جامع الجرافي، الذي يحتوي على 3 حلقات، إلى 31 طالبة، بينما مركز آخر على مقربة منه 20 طالبة، و17 طالباً.