الأخبار
- دراسات وملفات
لماذا يقاطع سكان صنعاء صلاة الجمعة منذ الانقلاب؟! (تحقيق خاص)
العاصمة أونلاين/ خاص/ عبدالباسط الشاجع
الأحد, 06 يناير, 2019 - 09:37 مساءً
دائماً ما كانت صلاة الجمعة في اليمن وفي صنعاء خاصة، ذات روحانية خالصة يتوافد المصلون منذ قبل الأذان بساعات، من أجل الوصول إلى الصفوف الأولى والاستماع لخطبتي الجمعة، وكان المواطنون يؤدون الصلاة حتى في الشوارع القريبة من المسجد لامتلائها.
اليوم لم يعد الأمر كذلك، بضعه صفوف حتى نهاية الصلاة، باحات المسجد فارغة وكذلك الشوارع والنصف الأخير من المساجد تكاد تكون فارغة. فقد استولت ميليشيا الحوثي على المساجد وعينت خطباء وأئمة منتمين للجماعة المسلحة حولوا المنابر إلى خطب حربية وتحشيد لجبهات القتال أو بث سموم الطائفية والعنصرية بين المجتمع.
منذ أربعة أعوام يمكن لسكان صنعاء تمييز عدد المصلين في مساجد الأحياء السكانية، وحجم المواطنين الموجودين في الأسواق، إنه فرق هائل فلماذا توقف الناس عن الصلاة في المسجد.
تحريض
قال صاحب متجر في حي الحصبة، وهو سوق بارز وسط العاصمة، متحدثاً أثناء أذان صلاة الجمعة هذا الأسبوع: كل هذه المحلات، خضروات وفواكه، مواد غذائية ستبقى مفتوحة حتى إقامة الصلاة وكذلك الزبائن سيستمرون بالشراء ونحن بالبيع، ثمَّ سيلحق بعض العاملين ركعتي الصلاة فلا حاجة لنا بخطبتي الجمعة.
وأضاف صاحب المتجر لـ"العاصمة أونلاين": خطيب المسجد حوثي متشدد، وبدلاً من كون خطبتي الجمعة للتذكير بالله والعبادات تحولت إلى تحريض وإهانة وسب ودعوة للتجنيد والقتال.
وقال عامل في محل للخضروات لـ"العاصمة أونلاين": الخطيب يجبر الناس على كراهية الاستماع له وبعضهم كره الصلاة وتوقف بعد أن كان ملتزماً، والملتزم اليوم يصلي في البيت.
في العام الأول لانقلاب ميليشيا الحوثي على الحكومة في صنعاء كان السكان يخرجون من المسجد بمجر صعود خطيب للجمعة تابع لجماعة الحوثي، واستمر الحوثيون بإرسال ذات الخطيب جمعة تلو أخرى ومع زيادة حملات القمع والتحريض، يعارض السكان الحوثيون بمقاطعة الصلاة!
وقال أحمد عريج وهو في الستينات من العمر لـ"العاصمة أونلاين": لم أشاهد المسجد بهذا الفراغ طوال حياتي، الناس رفضوا الصلاة بسبب خطيب الجمعة وإمام المسجد الذي يتحول بين وقت وآخر إلى مسعر حرب وليس إلى محضر خير بين المصلين.
وأضاف عريج أن: أولاده الثمانية يصلون في المنزل، منذ أكثر من ثلاث سنوات، وفي يوم الجمعة يبحثون عن مسجد في كل أحياء العاصمة لا يتحدث في السياسة ولا في الحرب من أجل تذكيرهم بالله.
ويصلي عريج في مسجد "الأنصار" في حي الرباط، كان هذا المسجد من أكثر مساجد العاصمة حضوراً بالمصلين في يوم الجمعة، واليوم لا يمتلئ المسجد بالمصلين وبإمكان المصلي أن يلحق الصفوف الخمسة الأولى وقت إقامة الصلاة.
اعتقال أئمة المساجد
وقال إمام مسجد تعرض للاعتقال عدة مرات في صنعاء من الحوثيين: يرفض السكان خطيب الحوثيين يوم الجمعة ويخرجون ويطالبون بعودتي للمنبر، وبعد الخطبة يبحث الحوثيون عني فيعتقلوني وهكذا.
إمام المسجد الذي انتقل للعيش في منزل والده في ضواحي العاصمة صنعاء قال لـ"العاصمة أونلاين" إن عائلته كانت ذات نفوذ وتأثير ولذلك يتم تركه وإلا فإن عشرات الخطباء وأئمة المساجد تعرضوا للإخفاء سنوات وشهور وتعرضوا للتعذيب.
وبسبب الحملات التي تقودها الجماعة ضد خطباء وأئمة المساجد نزح العشرات منهم إلى المحافظات الخاضعة لسلطة الحكومة الشرعية أو إلى خارج البلاد، ونشرت الجماعة بين السكان أنهم مطلوبين كـ"دواعش" أعضاء في تنظيم الدولة!
يستخدم الحوثيون المساجد أيضاً لإلقاء القبض على معارضيهم، وتحدث عشرات من المواطنين عن اعتقال أقارب لهم من المسجد أثناء الصلاة.
وقال حمود اليتيم لـ"العاصمة أونلاين" إن ميليشيا الحوثي اختطفت "والده" الذي يقترب عمره من الستين من المسجد في حي السنينة وسط العاصمة قبل ثلاثة أشهر، "بعد خلافات مع قيادي حوثي وخطيب المسجد حول قضية تاريخية حيث قام القيادي الحوثي ب"شتم" الصحابة ما أثار غضب والدي الذي قام بشتمهم فأخذوه إلى السجن منذ ثلاثة أشهر وإلى الآن يرفضون الإفراج عنه".
أسواق القات
على مقربة من ثلاثة مساجد بين شوارع (هائل) و (16) و(الرقاص) وهي أحياء ذات كثافة سكانية كبيرة، يتواجد سوق للقات، الذي غالباً ما يكون فارغاً خلال صلاة الجمعة قبل أربع سنوات.
ومنذ انقلاب الحوثيين تدرج حتى وصل إلى امتلاءه وازدحامه أثناء خطبتي الجمعة والبائع والمشتري يتبادلون مصالحهم دون اكتراث لخطباء المساجد الثلاثة الذين يتفاعلون ويصرخون لمهاجمة التحالف العربي والقوات الحكومية ودفع الناس للقتال.
ويقول أحد بائعي القات لـ"العاصمة أونلاين": الناس يرتادون السوق بهذا الشكل منذ أكثر من ثلاثة أعوام، ونحن نبيع ونعود إلى منازلنا مبكراً.
وحول الصلاة قال إنهم يفرشون سجاداتهم داخل المحل ويصلون صلاة الظهر مع زبائنهم، أو يلحقون المسجد القريب أثناء الركعتين.
يعتقد أحد المواطنين أن صلاة الظهر في المنزل أصبحت واجبة الآن في ظل التحريض في المساجد ومن يخشى الافتتان بما يقوله خطباء الجماعة، قالها بحذر كمن يخشى اصطياد مسلحي الجماعة- والاندفاع إلى القتال كما أنه قرر أن يصلي في منزله بعد أن كان مداوماً عليها في المسجد فلا يريد أن يملئ قلبه بالأحقاد والأمراض من خطباء ومحاضرات الحوثيين.
وقال مواطن أخر لـ"العاصمة أونلاين": "لاحظ كم عدد الذين خارج المساجد أثناء صلاة الجمعة لم يكن 5 % من هذا العدد متواجداً قبل أقل من عام"؛ مبدياً خشيته من تفلت الناس الديني بسبب سيطرة الحوثيين على المساجد.